أزمة أسس الكفاءة
جاسم مراد
لم تعد الازمة التي يعيشها المواطن ، ناتجة عم ضعف الصرف للأموال ، فالأموال متراكمة ، والموارد سيالة ، ولكن ضعف الكفاءة والأداء ، وانعدام صدقية الولاء ، وغياب الحساب ، هما أهم أسباب تحويل بغداد العاصمة الجميلة الى اشبه بالخرابة ، ولعل كثير من الأمثلة النابعة من الواقع تعطينا الكثير من الدلالات ، فمثلا منهول لمياه ثقيلة مكسور الغطاء وفتحته تبتلع طفلا وفي منطقة سكنية مزدحمة بالأطفال هي منطقة الكرادة حي راغبة خاتون ، وفاليوم الواحد يمر عناصر البلدية على هذا المنهول مرتين على اقل تقدير، ولكن لم نجد أحد منهم يضع الغطاء فوق فوهة المنهول ، ثم تشاهد مقاولا مع العمال يضعون الطابوق والرمل والحصى في الشارع القريب من الطريق العام بحيث يصعب تماما على المارة العبور إلا ويبتعدوا عن هذا الفرع الى الفرع الثاني أو يختاروا الصعود على الرصيف بغية العبور ، وكل ذلك يجري على بعد _ 300 _ متر من مقر دائرة الأمانة .
لاحظنا عمليات البناء هذه في العديد من الدول العربية ومنها سوريا ومصر ودول اخرى ، فالقائمون بالبناء يضعون حاجزا من النايلون بين البناية والشارع وكل مواد البناء محصورة في هذا المكان بحيث يجري العمل بسلاسة دون التأثير على المارة ولا على الشارع ، وإذا حصل تجاوز يغرم مالك العمل .
ففي أحد الأيام كنت أمشي على شارع الكرادة داخل متوجها لمنطقة سبع قصور وفي الجهة المقابلة لمحطة بانزين أبو قلام لاحظت شاب يمسك بمشار كهربائي يقص شجرة عمرها عشرات السنين ، لما سألته لماذا تعدم هذه الشجرة التاريخية _ أجاب بكل صلافة _ انت شعليك _ قلت لا أنا معني والناس هؤلاء معنيين وانت الوحيد غير معني ، ولكن سوف تحاسبك امانة بغداد ، والنتيجة لا أمانة بغداد حاسبتة ولا نحن استطعنا أن نثنيه عن هذا العمل .
هذه الحالة تذكرني بمدينة قريبة من العاصة الفلندية هلسنكي حيث اشترى أحد الاصد قاء العراقيين مسكنا قديما وعمل على ترميمه ، وجاء بالشفل لتسوية الأرض وطمر الحفر ، لكن حافة الشفل ضربت أحدى الأشجار نسميها بالعراقي _ شخطت الشجرة _ وبعد ربع ساعة لا اكثر جاء مهندسو وممثلو البلدية ومعهم سيارة شرطة ، فوقفوا أمام الشجرة واخرج المهنس فيته وقاس الضرر ، واخرج كتاب وسجل غرامة مالية _ 400_ يورو تكلفة اصلاح الضرر ، سألنا أحدهم كيف عرفتم بضرر هذه الشجرة ، ابلغونا ، المرأة الساكنة في مقابل البيت الذي يرمم هي التي اتصلت بالبلدية ، وجاء معنا البوليس كونكم أجانب لانعرف حجم ردود فعلكم .
مرور الغزالية دقة وسرعة التنفيذ
ومن الجانب الاخر هناك مسألة لابد من تسجيلها ، وهي خلال مراجعتي لمرور الغزالية بغية تمديد فترة عمل اجازة السوق شاهدت اعداد كبيرة من المراجعين ، حاولت العودة ، لكن احد شرطة المرور في الاستعلامات أبلغني بأن الإجراءات متسلسلة على وفق القانون وستنجز المعاملة ، وفعلا قدمت الملف واخذ طريقة بدءا منً تسجيل المعاملة في الاستعلامات الى غرفة الغرامات إذا كانت السيارة مطلوبة الى الغرف التالية ثم الى غرفة الأطباء لفحص النظر ، بعدها قدمت المعاملة لتوقيعها فطلب الضابط الوثائق وقدمت الوثائق إجازة السوق والجنسية وهوية بطاقة السكن ،فرفض الضابط تمرير المعاملة كون بطاقة السكن مستنسخة ، ثم ذهبت للعميد المسؤول فجدد الرفض ، مؤكدا كل الإجراءات سليمة ، لكن لن نقبل ابداً بالبطاقات المستنسخة ، فطلب مني تقديم البطاقة الاصلية وتنجز المعاملة ، وفعلاً أنجزت المعاملة وحصلت على بطاقة السوق الجديدة .
ما اثار الاهتمام هو نظام العمل في مرور الغزالية من حيث الالتزام بالإجراءات وسرعة التنفيذ رغم الاعداد الهائلة من المراجعين ، وهنا يمكن القياس بين دائرة تضيع الزمن دون أن تنتج وأخرى تشعر بضرورة استغلال الزمن لتقديم الخدمات .