الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تجريم التطبيع مع إسرائيل.. الرأي والرأي الآخر وخيبة الأمل

بواسطة azzaman

تجريم التطبيع مع إسرائيل.. الرأي والرأي الآخر وخيبة الأمل

اخلاص مجيد

 

ويبقى التعبير عن الراي بمحايدة وحرية لعرض جميع الاراء ذات العلاقة من الحقوق التي كفلها الدستور للجميع وخاصة الاعلام،

ومن اجل معرفة الراي والراي الاخر تحدثنا حول ابرز القوانين والتشريعات الجديدة من ضمنها قانون تجريم التطبيع مع اسرائيل، تحدثنا مع بعض اليهود العراقيين لنتعرف على ارائهم حول القانون، كما نستمع ايضا لرأي الصحفيين في داخل وخارج العراق وهم يعبرون عن ارائهم ازاء القانون، كما كان للناشطين والحقوقيين والاكاديمين العراقيين رايا ايضا.

تعبر ليندا يعقوب عبد العزيز وهي اعلامية يهودية من اصل عراقي عن رايها بالقول: شخصيا اشعر ان هذا القانون صفعة جديدة توجه الى يهود العراق عموما ولي شخصيا فبعد ان فرحنا بسقوط النظام وتأملنا رؤية البلد الام مجددا نحرم منه مرة اخرى وهذه المرة بشكل اقسى، يقول المثل اللي بقاه الحرامي اخذه الفتاح فال! فبعد المعاناة والتصفيات التي انتهجها حزب البعث الذي كان والدي المحامي يعقوب عبد العزيز  ضحية من عشرات ضحاياه، يأتي هذا القانون اليوم ليمنعنا مجددا من التواصل بين الارحام سيما على شبكات التواصل التي تتيح الحديث، في الوقت الذي يتجاهل فيه بان ليهود العراق كان تاريخ طويل من المساهمة من اجل النهوض بالبلد حيث كاد العراق ان يصل الى حالة افلاس لولا اتفاقية بيع النفط التي صاغها ساسون حسقيل المتفاني في سبيل العراق والتي اصرت على أستخدام العملة الذهبية بدلا من النقدية مع بريطانيا،

وتكمل حديثها ان اكثر ما يحز في نفسي انه في الوقت الذي ينتظر فيه العراقي القضاء على الفساد وضبط السلاح غير المرخص وايجاد حلول بناءة لتحسين احوال العراق في مختلف المجالات يأتي هذا القانون على عجل وبشكل لم يسبق له مثيل وفيه العديد من التناقضات الصارخة لبنود الدستور لعام 2005 من حرية الصحافة والاعلام وحرية التعبير عن الرأي على منصات التواصل الاجتماعي .  الا اننا نلاحظ ان هناك مساواة في العقوبة بين الفعل بحسن النية وبين الفعل سيء النية وجعل عقوبة كل جرم منهما من السجن المؤقت الى المؤبد وهذا يعني العقوبات لاتقل عن 6 سنوات وهذا مبالغ فيه اضافة الى الابهام حول الجهة التي ستقوم بتطبيق القانون وروح هذا القانون تعيد بالعراق الى عهد الظلمات وهذا يشير الى ان هناك من سيستغل هذا الموضوع لتلفيق التهم الى الآخرين فضلا عن صعوبة التواصل بين الاشقاء العراقيين من يهود في اسرائيل والعراقيين في داخل العراق.

يهود العراق

فنحن يهود العراق لنا باع طويل من تاريخ ولغة وثقافة مشتركة وكلنا نتمنى الخير للعراق فهل هذا جزاءنا بعد ان تحول العراق الى ديمقراطية؟ يقول المثل وطني وان جار علي عزيز لكن للجور حدود !  كما يجب الا ننسى ان اسرائيل والعراق ليسا في حالة حرب ولا توجد حدود مشتركة او متنازع عليها. كما ان مثل هذا القانون كان قائما في عهد صدام ويجرم الصهيونية . هذا القانون يتعارض ومصلحة العراق التي تتطلب اقامة علاقات جيدة مع الجميع.  كما ان اسرائيل دولة تعترف بها الأمم المتحدة والعديد من الدول العربية والاسلامية والعراق يمكنه فقط الافادة من قدراتها في كل المجالات للتقدم والازدهار. خلاصة القول ان القانون يضر بمصلحة المواطن العراقي الذي تقبله ببالغ الاستهزاء والسخرية ما يدل على افلاس ارادة الدولة بوجه الهيمنة الايرانية التي يتطلع الشعب العراقي الى التخلص منها.اما د. عبد الله ساري المالكي/ باحث واستاذ اكاديمي فيقول: ان قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والذي صدر مؤخرا عن مجلس النواب ولا احبذ تسمية اسرائيل لانه يعني اعتراف بالدولة الاسرائيلية، ذا بعدين الاول، انه يحاول الاعلان عن موقف العراق التاريخي الثابت والرافض من عملية التطبيع مع اسرائيل منذ بداية الاحتلال الصهيوني للاراضي الفلسطينية وللعراق مواقف مشهودة دفع ثمنها غاليا طيلة السنوات الماضية.

والبعد الثاني يتضح اليوم للرأي العام العراقي الا وهو وجود تحرك سياسي تقودة جهات سياسية من اجل الخوض في التطبيع مقابل الحصول على مغانم ومنافع شخصية وذلك من خلال اجراء زيارات متكررة الى دولة الامارات العربية المتحدة، وهذه الشخصيات برلمانية وسياسية معروفة من قبل الشعب العراقي يطلقون على انفسهم تسمية ( زعامات) بعضها علني واخرى تعمل بسرية، وجسد ذلك باقامة مؤتمر الهدف منه جس نبض الشارع العراقي بارسال رسالة للرأي العام بأن التطبيع مع اسرائيل هو امر واقع وحتمي، والذي قوبل برفض عام وقاطع لعملية التطبيع خاصة من قبل الجهات المثقفة وذلك لوجود ثوابت عربية وعراقية لا يمكن الحياد عنها.

فلو عدنا بالذاكرة الى حديث النائب السابق( مثال الالوسي) الذي كشف عن وجود اتصالات لشخصيات عراقيه سياسية من مختلف الطوائف مع اسرائيل، اما بالنسبة لموقف اقليم كردستان فهو ثابت ويعتبر قاعدة اسرائيلية في قلب العراق، وهذا تبين من خلال تصريح السيد مسعود البرزاني الاخير بعدم الاعتراف بأي قرار يصدر من الحكومة المركزية او البرلمان العراقي بشأن التطبيع.اذ ان للكيان الصهيوني تغلغل كبير ووجود رسمي ومعلن في كردستان وجسد ذلك بعدة محاولات منها فصل اقليم كردستان واستقراره عن العراق الذي باء بالفشل.مشيرا الى انه بقى ان يقول الشارع العراقي قوله منوها لوجود رفض عام للتطبيع مع الكيان الصهيوني من قبل الشارع العراقي، وان اي مساعي او محاولات من قبل البعض ستبوء بالفشل ايضا كما حدث في محاولة رئيس البرلمان بالغاء الفقرة الخامسة والتي تعتبر اساس هذا القانون، من خلال التلاعب بالالفاظ والمطالبة بالتصويت على هذه الفقرة التي تبيح للسياسين التعامل مع الكيان الصهيوني دون ان يقعوا تحت طائلة القانون، وللاسف لم يعي احد هذا باستثناء النائب باسم الخشاب .

رسالة كتاب

في الوقت ذاته توجهت ايلانا بصري وهي اعلامية يهودية-عراقية رسالة عتاب للوطن قائلة عزيزتي اخلاص اليك ما كتبت اذ لم اتحمل ولم اصبر الا ان اعبر عن شعوري تجاه تجريم التطبيع لماذا ؟

لماذا يا عراق تخيب ظني ؟  انا من ولدت في ارضك وشربت من مائك وهجرتني قسرا .. الا يكفي انك انتزعت عني جنسيتي وجمدت ما كان ؟  اغلقت الجامعات في وجهي لمجرد انني يهودية الديانة واقلت من كان موظفا في دوائرك الحكومية  والان  الا يكفي وقد مرت سبعون سنة على الهجرة والتهجير لكن الكرهية والبغضاء لا تزال؟   لماذا تحرم التطبيع هل هذا ما امروك به ؟ حبك يا عراق .. عراقي ..ما زال في خاطري .. ذكرياتك احملها ما حييت فلماذا تحرم التطبيع؟  ما كنت ساتي هنا (وتقصد اسرائيل) لو ما سلبتني حقوقي كمواطنة؟  والان  وبعد ان ابعدنا الفراق من الاصدقاء تسن قانونا يقضي بتحريم التطبيع  وتهدد من يتواصل معنا نحن يهود العراق على صفحات الفييسبوك بالسجن  ليغفر لك الله. 

ذكرياتنا  يا عراق لا ولن يمحوها الزمن وصرت اخشى الكتابة لئلا يرد احد الاصدقاء او يعلق على ماكتبت فاكون قد ارتكبت ذنبا لا يغتفر .

انا يهودية عراقية اسرائيلية اخط لك رسالة عتاب حتى وان اهملتها فهي لسان حالي، وثمة نصيحة متواضعة :  لا تصغ لمن  يتدخل في امورك يا عراق ضع مصلحة الوطن فوق مصالح الدخلاء.  عاش العراق حرا وعاش شعب العراق.

وللرأي القانوني اهمية لا يستهان بها عند البحث في مضامين اي تشريع او قانونا جديدا، لذا يشارك المحامي محمد جمعة عبد لتوضيح بعض المؤشرات القانونية المذكورة في هذا القانون وذلك بالقول:"ان قانون تجريم التطبيع من الناحية القانونية فيه عدة مؤشرات، يتضح منها القانون جاء على عجالة وذلك لانه لم يأتي بجديد لان تجريم التطبيع كان مشرعا اصلا بقانون مازال نافذا لكن الجديد الذي حدث هو الخوف من تقييد حرية التعبير والفكر مستقبلا وذلك لوجود مخاوف كثيرة من امكانية استغلاله في تقييد حرية التعبير مستقبلا بمختلف الحجج، ويمكن ان يكون سيفا مسلطا مستقبلا بهدف تقييد حرية الرأي والتعبير  على سبيل المثال بأن يعتبر المساواة بين الجنسيين افكارا صهيونية، او اعتبار مجرد المناداة بالحكم العلماني افكار صهيونية وذلك لانه ليس هناك اية محددات او تعاريف واضحة لماهية الافكار الصهيونية التي يشير اليها القانون فليس هناك كتاب او تعريف محدد متفق عليه من قبل الجميع ما هي الافكار الصهيونية،

ايضا من المؤشرات الغريبة ان القانون اتاح ماكان مجرما في السابق لفئة معينة، بانه يجوز بموجب هذا القانون الدخول الى اسرائيل بحجة اداء الزيارات الدينية والتي كانت مجرمة مسبقا على جميع العراقيين بلا استثناء، اما القانون المذكور فقد فرق واتاح ذلك للمسؤولين او السياسيين لزيارة اسرائيل وعلى هامش الزيارة يمكن ان يلتقي مع عدد من الساسة والناشطين هناك بصورة سرية ويتم اعتبارها مجرد زيارة دينية، في حين  يحرم ذلك على البسطاء والعامة او الصحفيين باعتبار ان الاغلبية لا يملكون ثمن هذه الزيارة وبالتالي فانه يجرم الدخول الى اسرائيل على العامة ويحلله على اشخاص معينين .

ايضا من المؤشرات الخطيرة ان القانون استخدم رسميا تسمية اسرائيل !! في حين انها اراضي فلسطينية محتلة وهذا يعد اعتراف بها كدولة في حين يجرم التطبيع! فعادة ان غير المعترفين باسرائيل كدولة يسمونه بالكيان الصهيوني وليس اسرائيل.

من المؤشرات الاخرى في امكانية تقييد حرية التعبير والحصول على المعلومات فمثلا بأن مجرد مراسلة باحث او صحفي ما لمركز ابحاث اسرائيلية للاستفادة من رأي ما او أخذ رأي صحفي هناك حول موضوع معين، او من الممكن ان يكون الشخص جالس قرب اسرائيلي في الطائرة دون معرفة ذلك فيتبادلون اطراف الحديث بالتالي يمكن ان يعتبر هذا تعامل ويتم تجريمه تحت طائلة القانون.

 ويختم الحديث برأي له بأن المواد القانونية المذكورة  فضفاضة وغير واضحة وبالتالي تعد سابقة خطيرة قد يتم استخدامها مستقبلا كما ذكرت بهدف التشهير و التجريم والايقاع بأي معارض او صحفي او ناشط مدني وهذا يعتبر مناهضا لحرية التعبير والحصول على المعلومات التي اتاحه الدستور للجميع.

اما الصحفي مروان الزبيدي فيجد ان الدستور العراقي كفل القضاء بحماية حرية التعبير عن الراي والاعلام بموجب المادة (38) من الدستور وبما ينسجم مع طبيعة عملهم ضمن الاطار الدستوري الا ان هناك بعض الفقرات في قانون تجريم التطبيع كما اطلعت عليه يشير بوضوح الى منع  اي امكانية للتواصل الاعلامي او الشخصي مع اليهود وان كانوا عراقي الاصل باعتبار ان تراثهم ووجودهم في العراق يعود  الى الحضارة البابلية مما يجعلهم اقدم من اغلب العراقيين الموجودين في ارض الوطن اليوم ، كما يمنع ايضا من مجرد التواصل معهم وعبر اي وسيلة ما باعتبار ان اغلب اليهود العراقيين ان لم يكونوا جميعا يحملون الجنسية الاسرائيلية بعد ان تم طردهم بطريقة تعسفية من الدول العربية ومنها العراق وتم حجب الجنسية الام عنهم مما ادى الى ضرورة لجوئهم الى دولة اسرائيل ليتمتعوا بحقوق المواطنة الجديدة وهذا يجعلهم بنظر هذا القانون الجديد اسرائيلين بغض النظر عن المتسبب والاسباب، كما يسمح هذا القانون امكانية استهداف المعارضيين ضد سياسة الحكومة سواء من اعلاميين او ناشطيين وغيرهم من خلال اتهامهم بالتجسس او مخاطبة اليهود كاسرائيلين وبالتالي تعرضهم للمسائلة القانونية والفصل اوالمطاردة وان كانوا خارج العراق مما قد يؤثر على حجب الحقيقة والصوت المعارض، وذلك لان ابواب القانون لم تحدد الكيفية للاتهام بل جعلتها متاحة للتلاعب والاستغلال حسب اهواء بعض السياسيين.

في حين اوضح بعض الناشطين عن ارائهم بدون الرغبة في التصريح عنه للاعلام صراحة خشية من الاستهداف في الوقت الذي اعتبر اخرين ان هناك مواضيع تحتاج الى اصدار قوانين وتشريعات تهم البلد حقا في ظل الاوضاع الحالية التي يعاني منها، خاصة ان المادة (201) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969المعدل والنافذ عالجت هذا الموضوع وتنص على الاتي ( يعاقب بالاعدام كل من حبذ او روج مبادئ صهيونية بما في ذلك الماسونية او انتسب الى اي من مؤسساتها او ساعدها ماديا او ادبيا او عمل باي كيفية كانت لتحقيق اغراضها ).

وبالختام يبقى الهدف من القانون يسوده الغموض فالتجريم للتطبيع موجود اساسا والشعب العراقي معروف بولائه القوي وحبه لكل البلاد العربية منها فلسطي، اما الايقاع بحرية التعبير جريمة بحد ذاته يحب الانتباه اليه وتعديله قبل الوقوع في الفخ.


مشاهدات 783
أضيف 2022/06/24 - 5:19 PM
آخر تحديث 2024/07/18 - 8:50 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 304 الشهر 7872 الكلي 9369944
الوقت الآن
الخميس 2024/7/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير