جوهر الحكمة من الروابط النمطية الجنائية
تمارا خالد الدليمي
يرى علماء النفس الجنائي أن نظرية انماط الارتباط/التعلق
اطارًا مفيدًا لفهم وقراءة ظاهرة العنف الزوجي وعلاقتها بأنماط الأرتباط الغير آمنة. ان كتابتي لهذا المقال لغلق هذه الفجوة بسبب عدم توفر أبحاث ودراسات ومقالات عربية تتناول نظرية الارتباط وعلاقتها بالسلوك الإجرامي او نظرية الارتباط بشكل عام لم أرى اهتمام كافي بالوطن العربي لهذه النظرية المهمة جدًا في تحليل العلاقات وتحليل جرائم الاعتداء على الزوج/ة. و لتعمقِ في دراسة هذا المجال اختصرت المقال بتلخيص انماط الارتباط من زاوية جنائية. ان النظرية التي من خلالها نستطيع فهم وتفسير ظاهرة العنف الزوجي والسلوك الإجرامي وطبيعة العلاقة بين الجاني والضحية ونفهم مكوناتها بشكل أفضل لتوفير تدخلات أكثر دقة مستقبلًا للتنبؤ بالسلوك الإجرامي وتقليل الجرائم العنيفة وتعزيز أنماط ارتباط صحية على المدى البعيد فروابط (التعلّق) الحميمة بالبشر الآخرين هي المحور التي يدور حولة حياة الشخص ليس فقط عندما يكون رضيعًا أو طفلًا أو تلميذًا بل طوال فترة المراهقة وسنوات نضجه ايضًا وحتى سن الشيخوخة هذه الروابط الحميمة التي يستمد الشخص قوته ومتعته بالحياة من خلال ما يساهم به فإنه يمنح الآخرين القوة والمتعة
اما الضرر النفسي فيستغرق وقتاً اطول في الشفاء من الضرر الجسدي فسبحان الذي جعل الكلمة الطيبه في ديننا صدقه".نحن بحاجة ماسة إلى إجراء أبحاث لتوفير فهم أكبر لمختلف أشكال العنف الزوجي والمساعدة في تطوير تدخلات الوقاية والعلاج.لإعادة النظر في هذا التعنيف كسلوك متهور عندما يشعر الفرد منهم بالتهديد فيما يتعلق بالعلاقة العاطفية
تنظيم مشاعر
واستقرار الترابط والتعقل الذي يعرف على أنه القدرة على الوعي واستخدام هذا الوعي بتنظيم المشاعر والتفاوض في العلاقات الشخصيةلذلك العلاقات الآمنة والمستقرة هي بكل تأكيد روابط راسخة في الطفولة المبكرة والمرتبطة في تراكم الخبرات في العلاقات المحورية في حياة الاشخاص وان درجة الأمان لها أثر كبير في تقييم الذات وتنظيم المشاعر واختيار الفرد لمن يكون معهم في علاقاته وطبيعة تطورها واستقرارها بالانتقال إلى الجانب الآخر من عنف الشريك العاطفي نبين نمط الارتباط (التجنبيّ ) أن الجناة غالبًا ما يكونون ذو نمط تجنبي ومعظمهم معادين للمجتمع وعنيفون للغاية معرضون بالنسبة لهذا النوع الفرعي التجنبّي هو بما معناه من يمكنه إستخدام العنف كوسيلة للسيطرة على الشريك العاطفي والتلاعب به وممارسة سياسة الخوف للانتقام أو الشعور بالقوة هذه الأنواع الفرعية تتماشى لفئة الذكور والاناث ينقسم لقسمين تجنبي انثى وتجنبي ذكر وضغط الدور الاجتماعي المحدد للجنس يتوسط في العلاقة بين انماط الارتباط الغير آمنة والسيطرة على السلوك بين المعتدين هؤلاء الأفراد ليسوا عدوانيين جسديًا فحسب بل يستخدمون العنف النفسي (مثل الاساءة الى التعذيب والاستمتاع بملاحظة تعابير الخوف بملامح الضحية) وايضًا العنف الجنسي
وابين أن النمط التجنبيّ من الناحية الجنسية مرتبط ارتباط وثيق بالعنف الزوجي لدى الذكور فقط وليس الإناث تبعًا لفكرة العنف الجنسي لدى الأفراد المتجنبين قد يكون ذلك وسيلة للسيطرة على الضحية فإن هذه النتيجة منطقية بناءً على الاختلاف الفيسيولجي بين الجنسين في نشاطهم الجنسي الذي غالبًا يكون هنالك تكافئ مختلف وخصوصًا من حيث تحفيز الهيمنة بالنسبة للذكر.وقد يثير الارتباط التجنبيّ في شريكه العاطفي تنشيطًا عاليًا في سير عمق الارتباط بسبب الميل للانسحاب والتراجع عن العلاقة قد تثير مثل هذه السلوكيات في السياق المتضارب احباط الشريك ذو الارتباط القلق الذي سنوضحه لاحقًا والذي بدوره سوف يكون أكثر عرضه لاستخدام العنف كشكل متطرف من أشكال الاحتجاج
فمفهوم (التعلق القلق) من لديه الخوف من فقدان شريكه العاطفي ولديه تصور عنه بأنه عندما يهجره سيلتقي بشخصًا آخر أفضل ويرتبط معه لذلك يشعرون بمستويات عالية من الغيرة نجدهم يحاولون يسيطرون على العلاقات ومن ناحية أخرى يخشون الحصول عليها لذلك يفضلون الخيار الأقل سوءًا بالنسبة لهم وهو العنف من هذا المنظور أن الانفصال أثناء الصراع من الممكن يتم تفسيره من خلال ذوي الارتباط القلق بأنه تهديد للهجر وليس انفصال فعلي لذلك سلوك القلق يكون ضاغط على التجنبي ومن هنا يتطور الصراع لسلوك إجرامي
ونظرًا لأن التعلق القلق يهيئ النساء للخوف من الانفصال والهجر فإن النساء اللواتي يعانين من ارتفاع تعلقهم القلق يواجهن صعوبة في ترك علاقات مسيئة لهم وان اساس مشاعر الغيرة تتولد بسبب اعتمادهم على شريكهم بتحديد قيمتهم وأهميتهم ففي بعض القضايا نرى أنهم عندما يشعرون بفقدان السيطرة على شريكهم العاطفي سيقتنعون تمامًا أنه سيصبح غير مخلصوهذا العنف تم تصنيفه بدراسات النفس-الجنائية كاستراتيجية لإعادة السيطرة بالنسبة للتعلق القلقففكرة فقدان شريكهم العاطفي مخيفة ومزعجة ولا تطاق وتولد الكثير من القلق لدرجة أنهم يستخدمون العنف العاطفي للسيطرة على شريكهم وعندما يفقدون السيطرة يتفاقم لعنف جسدي وعادةً بطريقة اعتداءهم يحاولون يلحقون ضرر على الضحية (على الوجه) مدى الحياة كدافع للانتقام وهذا يولد الى الدافع الاجرامي الذي يكون سببه العاطفة التعلقيةفي دراسة للطبيب النفسي لومبروز ذكر من خلال تصنيفه النفسي للمجرمين من ضمنهم المجرم بالعاطفة الذي يكون حساس ومندفع واجرامه وقتي بدافع الغيرة والاحاسيس التي لايستطيع السيطرة عليها مما يولد لديه سلوك اجرامي بتعنيف شريكه لكي لا يمارس حياته بعيدًا عنه
اضطراب الصدمة
ونلاحظ ان من المهم التركيز على الديناميات التي تدفع ضحايا عنف الشريك إلى البقاء مع شريك مسيء لأنهم يتعرضون لعواقب جسدية وعقلية بما في ذلك الاكتئاب واضطراب القلق العام واضطراب ما بعد الصدمة وعدم القدرة على العمل، والحمل غير المرغوب فيه، والإجهاض، والكدمات الذي تكثر عند النساء اكثر من الرجال
ان أداة التأكيد / التحقق من صحة الأفراد الذين يعانون من قلق التعلق الشديد من حيث تصورهم للذات عنف الشريك الحميد وسوء معاملة الطفولة وأساليب التعلق وأعراض الاكتئاب بين النساء يفسر التعلق بطريقة تتوافق مع نماذج العمل السلبية للذات وأنه يحافظ على نماذج العمل الناتجة عن سوء معاملة في مرحلة الطفولة من منظور مختلف قد تبرر بعض النساء الإساءة الموجهة إليهم على انها عاطفية اما بالنسبة للأفراد الذين يعانون من قلق التعلق قد تبدو علاقة الرعاية والمحبة غير قابلة للتحقيق في بعض الحالات قد ينطوي البقاء مع شريك مسيء على إعادة تمثيل مؤلمة لتجارب التعلق
يؤهب قلق التعلق الأفراد للخوف من الرفض أو الهجر بين الأشخاص والضيق والسعي المفرط للشريك عندما يكون الشريك غير متاح أو لا يستجيب على عكس الأفراد الذين يعانون من تجنب التعلق والذين يميلون إلى الانسحاب من شركائهم تحت ضغط العلاقة بالنظر إلى هذه الأنماط ميلا للبقاء في العلاقة للأفراد الذين يعانون من قلق أكبر من التعلق ولكن ليس لتجنب التعلق. في الواقع أن المستويات العالية من قلق التعلق بين ضحايا عنف الشريك قد تجعل من الصعب ترك علاقة مسيئة كان الأفراد الذين يعانون من صعوبات في التعلق معرضين لخطر متزيد لتجربة (التعلق المرضي)من خلال التحقيق في العلاقة بين توجهات التعلق والحفاظ على علاقة مسيئة.ان تصحيح نمط الارتباط أكثر صعوبة بدون خبرات علاقية تصحيحية إلا أن هذه الخبرات من الممكن حدوثها ولو جزئيًا بدون تدخل علاجي وإرشاد وتثقيف نفسي ستحتاج لحظٍ عظيم لكي يحدث التصحيحكحل من المهم التحقيق في عوامل الخطر لأن المعلومات حول هذه العوامل قد تساعد الممارسين على توجيه الضحايا (المحتملين) في صنع القرار وتخطيط السلامة وإبلاغ الوقاية من علاقات التعلق العاطفي المستقبلية.لان هذه الانماط الغير صحية تنتهي من خلال علاقات تحولية في نمط ارتباط الفرد لكن بعض نقاط التحول في هذه العلاقات الغير صحية نادرًا ان تنتهي بسلام بل يتم ارتكاب جرم واعتداءات نفسية وجسدية على أحد الطرفين وهي اعتبرها علاقات تصحيحية لجراح الطفولة. فإذا تركت الكنترول لهذه الرغبات فلن تستطيع الاتصال بجوهر الحكمة.