الدرس الصعب.. الدب الروسي والهر الإوكراني

عبدالخالق الشاهر

الدرس الصعب في كلية الاركان العراقية هو تقدير الموقف ، والذي يبدأ بعد فقرة الغاية بفقرة (قوات الطرفين) تدرس خلالها تفصيليا قوتك وقوة العدو وتقارن لتتوصل مع دراسة الفقرات الاخرى الى استنتاج فقد تقرر الانسحاب (تجنب المعركة) وقد تقرر الهجوم او الدفاع ، وهذا ما جعل رب العزة يمنع النبي محمد (ص) من القتال الى ان نزلت الآية الكريمة (( اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا...)) ، وتعلمون كيف انه (ص) ختم صلح الحديبية بخاتمه الشريف ، وهادن الكفار ونفذ بنودهم .. لأنه يعي ان لا تكافؤ بالقوى بينه وبين قريش في ذلك الحين ولعل خسارته لمعركة احد عززت الدرس لديه (ص) .

ضرب العراق درسا بليغا في الحرب مع ايران حيث انه انتصر على دولة تفوقه بثلاثة اضعاف في كل القوى المادية من نفوس الى مساحة ، وانتصر ولم ينتصر فلا منتصر في حرب تطول ثماني سنين ، الا اننا خسرنا حربين الاولى مع عشرات الدول ، والأخرى مع ثلاثة دول عظمى .

كان على الهر الكرواتي ان يعي ان الدروس الآية

= ان الاستراتيجية في روسيا وكل الدول ذي الزعامة الفردية تبنى بشكل اساس على شخصية الزعيم الفرد ، وقد تشترك القيادة مع الزعيم (( الناس على دين ملوكهم)) والزعيم والقيادة كانوا سوفييت كقطب عالمي من قطبين وانهاروا فجأة ، وبوتين الملاكم والمصارع ولاعب الجودو ورجل المخابرات والمهيمن على النظام الروسي هو اكيد قد بدأ بالتفكير بعودة الاتحاد السوفييتي منذ لحظة سقوط الاتحاد ، او على الاقل يحاول تقليص الفجوة بينه وبين امريكا ، وهو فعلا سعى سعيا حثيثا جعل المحللين يتوقعون (عودة الدب الروسي) منذ زمن .

= الهر الاوكراني يقول امس تحديدا ((لقد تركت اوكرانيا لوحدها)) وكأنه لم ير كيف تركت فلسطين – افغانستان – ليبيا – لبنان – العراق – لوحدها .. اكيد انه كان يتوقع ان الردع النووي الامريكي سيلعب دوره وبالتالي هو لم يع حقيقة ان السلاح النووي هو السلاح الوحيد الذي صنع كي لا يستخدم ، بل هو صنع للتلويح باستخدامه فقط ، وأن الردع يكون غير مؤثر بلا قناعة ولو بسيطة بأن الخصم سيستخدم السلاح (مصداقية الردع)، ولعله لم يفهم ان بايدن يجد ان هناك مصداقية لدى بوتين بينما بوتين لا يجد مصداقية لدى بايدن ، والمشكلة ان الهر الاوكراني يعي ان الترسانة النووية الروسية ووسائل ايصالها هي ارقى في روسيا من غيرها ، فعي وريثة الاتحاد السوفييتي وهو اول من يعلم ذلك كون اوكرانيا تنازلت عن قدراتها النووية لروسيا الاتحادية ، وهكذا فعل الآخرون .

الامن القومي ليس تصريحات وشعارات كما هو في الحكومات الفاشلة بل ان بعض الانظمة الفاشلة قد تذهب لتقوية امن دولة اخرى على حساب امنها .. انه بالنسبة للدول الكبرى كروسيا مسألة وجود ((تكون او لا تكون)) وكما ان المجال الحيوي لأمريكا يقع في كل مكان في العالم فيحق لروسيا الاتحادية ذلك ، حيث ان الخصم تقوى بضم العديد من اجزاء الاتحاد السوفييتي السابق ، وأن التحاق اوكرانيا للنيتو سيكون قمة السوء لروسيا الاتحادية

= ان اي من يمتلك اوليات الاستراتيجية يعرف تلك الحقائق . اما الذي يمتلك بكالوريوس فقط في العلوم العسكرية وليس دمج يعرف ان انتصار روسيا امر محسوم وأنه سوف يكون اسرع مما يتصور الكثيرون ، مع العرض ان هدف اية حرب – عدا الغزو الامريكي الغاشم للعراق - هو قهر ارادة الخصم على القتال او التحدي او المضي في اهداف تضر الطرف الأخر ، وأتوقع ان هذا الهدف تحقق جزء كبير منه الآن بالنسبة لروسيا ، والتي كل ما يفعله الخصوم الاقوياء (الناتو) بتهديدها هو العقوبات الاقتصادية وكأن بوتين لم يحسب حسابها ، او ان ترسل الاسلحة (الآن) الى اوكرانيا متناسية المثل العراقي (العليج ما ينفع وكت الغارة ) وهناك من يعول على المجتمع الدولي والامم المتحدة وكأن بلاس خارت انقذت شعب العراق من كل الشرور التي تحيط به .. . كفى الله شر البشرية كلها شر الحروب وأعطاهم القدرة جميعا على بناء عناصر قوة بلدانهم وليس بلدان اخرى ، ومنح من يبقى ضعيفا الصبر والحكمة والدبلوماسية والدهاء

واختتم مقالي معكم ايها الاعزة بحوار بين معاوية وابن العاص عن الدهاء حين سأل معاوية ابن العاص : كيف ترى الدهاء يا بن العاص ..

اجاب: عندما ادخل مكانا لا بد ان اجد لي فيه مخرج – والمكان يعني الموقف او الضرف – فسال الثاني معاوية : وانت كيف ترى الدهاء فأجاب : انا لا ادخل مكانا ليس لي فيه مخرج ..

دخلت اوكرانيا مكانا ليس لها فيه مخرج الا بحرب عالمية ، او ترك الناتو ، او الحياد بضمــــــــانات دولية ودستورية ، او الاذعان لروســــــيا التي هي خير لها من امريكا ال... والمثل العراقي يقول ( نعل ابو الشي اللي ما يشبه أهلة ).