الدولة الحديثة.. وأسباب النجاح
علي موسى الكناني
مفهوم الدولة ومقومات تأسيسها يعيد بي الذاكرة الى المناهج الدراسية في نهاية المرحلة الدراسية الابتدائية، والتي تعرّف الدولة في بداية تكوينها بأنها منظومة تتألف من ثلاثة أركان أساسية هي : الشعب، الارض، والحكومة..
الحديث المتداول اليوم عن مفهوم الدولة الحضارية الحديثة، واهمية اقامتها في العراق، يقترن نجاحها في وجود مجتمع واع له القدرة على اختيار حكومة تمثله تمثيلا حقيقيا، وتستطيع ان تنهض بمسؤولياتها في توفير الحياة الحرة الكريمة لشعبها، وتوفر المناخ الملائم لتحقيق مبدأ المواطنة، والذي يقع على عاتقها الجزء الأكبر من المسؤولية.
الدعوة الى اقامة الدولة الحضارية، تستدعي بدءا تعريف هذه الدولة، ومنها ما جاء في مقالات المفكر محمد عبد الجبار الشبوط والذي يقول فيها بأنها "الاطار العام والحاضنة الكلية للناس والارض والنظام السياسي بشقيه التشريعي والتنفيذي والذي يتحقق فيه افضل تفاعل ممكن بين عناصر انتاج الحضارة المحقق لكرامة الانسان وحقوقه ورفاهيته وسعادته في سياق زمني معطى".
ولو بحثنا في أركان الدولة الحضارية، ومدى توفرها في العراق، سنحصل على جرعة أمل بامكانية تحقيق هذا الهدف، ويساعدنا ذلك في قبول التحدي أمام تحقيق المواطنة الكاملة وترسيخ الوحدة الوطنية، من بين عدة تحديات ثقافية ومجتمعية، ومنها تحقيق العنصر المدني الذي يتضمن الحرية الفردية وحرية التعبير والمعتقد، وسيادة القانون، وكذلك العنصر السياسي الذي يعني الحق في المشاركة في الحياة السياسية بوصف المواطن عنصراً فاعلاً ومصدرا للسلطات، فيما يكمن الجانب الاجتماعي بتمتع المواطن بحقوقه في التعليم والرعاية الصحية وسواهما من الخدمات اضافة لما يترتب عليه من الحقوق والواجبات، والالتزامات، والحرية في اتخاذ القرارات.
ولكي نثبت اهمية علاقة المواطنة ببناء الدولة الحضارية الحديثة، لابد ان نعرّف المواطنة بمفهومها البسيط، وهي التمتع بالحقوق السياسية والاجتماعية والتي تتطلب قبل ذلك الشعور بالانتماء الى الوطن، والذي يمثل هو الاخر تحدياً مجتمعياً وثقافيا، فيما يقع على عاتق الحكومة تحقيق متطلبات شعبها في توفير حياة كريمة، من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وسيادة القانون.
واذا علمنا بأن جميع هذه العناصر منصوص عليها في الدستور العراقي، وما ينقصها سوى التطبيق، فذلك يقودنا الى سؤال مفاده: اذا كانت جميع هذه العوامل متوفرة ولو في حدها الأدنى، فما الذي يعيق اقامة الدولة الحديثة ؟