نبض القلم
بطلتان .. في كربلاء والكوفة
طالب سعدون
بطلتان لا يمكن أن تُذكر قصة رجلين عظيمين .. الاول قائد ثورة الطف - الحسين .. والثاني سفيره الى الكوفة مسلم إبن عقيل دون أن يُذكر إسماهما معهما في تلك القصة التي لن يكتب التاريخ مثلها الى أن يرث الله الارض ومن عليها ..
إمرأتان ليستا ككل النساء ولا حتى الرجال في موقفهما عندما تخلى من يصنفون على هذا الجنس من البشر عن واجبهم الشرعي والاخلاقي في الوقوف مع الحق ونقضواعهودهم في نصرته فانقلبوا على أعقابهم وقعدوا في بيوتهم ، وفقدوا الارادة وخضعوا للاغراء أوالتهديد فاستحقوا العار والخذلان الى يوم الدين ، لانهم تركوا إبن بنت رسول الله وحيدا الا من قلة إستحقت الخلود معه ويكون من أسعفه موقفه ( من خير الاصحاب ) للحسين بجدارة وإستحقاق من بين ذلك المجتمع الذي إرتضى أن يكون بهذا الموقف المتدني و التحلل من التزامه الاخلاقي والديني ويكون الغدر والخيانة ونقض العهد سمته ..
بيان النصر
بطلة ملحمة كربلاء الاولى السيدة زينب توجت موقفها البطولي في تلك الملحمة باعلان بيان النصر في خطبة معروفة لخصت النتائج التي حققها الحسين في استشهاده وفشل المشروع المقابل رغم تفوقه العسكري والفني وانعدام التوازن بين الطرفين .. قالت في دمشق أمام يزيد وفي مقره في كلمتها ( كد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ) ..
تلك هي النقاط الثلاث الاساسية في اعلان النصر ..
الاولى أنه : رغم كل ما عمله لم يستطع أن يمحو الوحي .. فذكر الرسول إستمر قائما في الشهادة ( اشهد ان محمدا رسول الله ) بفضل هذه الثورة ..
والثانية : أن ذكر أل البيت إستمر ايضا مقترنا بالرسول في الصلاة ( اللهم صل على محمد وعلى اله ) ومن لم ينطق بها تكون صلاته بتراء..
والثالثة أنه ... انه لم ولن يستطيع أن يصل في فعلته النكراء الى ما وصل اليه آل البيت عند الله فقد كرمهم سبحانه وطهرهم في آية صريحة ، فما وصل اليه آل بيت الرسول لم يستطع أن يصل اليه أحد غيرهم أبدا مهما عمل، فقد حسم الله هذه المكانة العظيمة في القران الكريم بايات بينة ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) و ( قل لا أسالكم عليه اجرا الا المودة في القربى ) ... فهل ينزل قرأن ثان يقول غير ذلك ويغير المعادلة لصالح الطرف الثاني .. هذا محال .. وعليه فلن يبلغ أحد ما بلغه الرسول واله ، مهما عمل وسعى وتآمر وقتل .. فكيده باطل وسعيه فاشل ومحاولته يائسة على حد ما يرى احد العلماء الافاضل..
بهذه المعايير الثلاثة التي ذكرتها السيدة زينب في خطبتها كان الحسين هو الغالب والمنتصر على منطق الجاهلية الذي كان يريد أن يمحو الوحي ويحتل مكانة آل البيت وهذا محال بأمر الله ..
بطلة الكوفة
والثانية بطلة الكوفة .. طوعة .. و كان لها دورها العظيم في ملحمة الطف الخالدة فقد اقترن اسمها مع سفير الحسين مسلم ابن عقيل .. آوته في بيتها وحمته وكرمته يوم عز الناصر، وتخلى الرجال عن واجبهم في نصرة الحق ، ونقضوا العهد والمواثيق ، وتعرضت للاعتقال وهدم بيتها بسبب موقفها ، ومع ذلك استمرت عليه ، في نصرة الحق بشجاعة وايمان وعقيدة ثابتة لم تهتز أمام جبروت القوة والتضليل وفقدان الناصر ..
( لن نذكر سيرتها وقصتها مع مسلم ابن عقيل ، لانها معروفة ) لكن ناخذ الدرس منها ..
طوعة إمراة عادية جارية قامت بعمل بطولي كان يفترض أن يقوم به الرجال الذين بايعوا مسلم إبن عقيل سفير الحسين ، لكنهم انقلبوا ونقضوا البيعة وانفضوا من حوله ولم يبق معه أحد الا قلة قليلة القي القبض عليهم .. واصبح مطاردا من السلطة ، تبحث عنه وخصصت جائزة ثمينة لمن ياتي به.. هنا برزت طوعة ووقفت موقف الابطال في وقت انسحب الرجال ، ويكون لها دور فعال في الثورة الحسينية .
شكل موقفها هذا انتقالة نوعية كبيرة في حياتها جعل منها متميزة ، بعد ان كانت مغمورة أو انسانة عادية ، تختلف كليا عن مجتمعها الذي انقلب على أعقابه وتخلى عن عهده ودوره وبيعته وفقد ارادته وصار خاضعا لارادة السلطة الغاشمة ..
كانت متقدمة على الرجال في ظرف عصيب جدا عزت فيه المواقف .. لم تخضع أو تلين أو تغير موقفها بعد الحبس والاعتقال ، بل استمرت بكبرياء ووعي وادراك لاهمية ما تقوم به في ولائها وحبها لال الرسول مهما قدمت من تضحيات ..فاستحقت بجدارة ان يخلدها التاريخ وتكون أول امراة تلتحق بركب الحسين وتضحي من أجل نصرته ، ويقترن اسمها مع إسم بطل الكوفة مسلم ابن عقبل .. وتكتب صفحتها باحرف من نور في التاريخ .
إمراة عظيمة أثبتت أن المواقف العظيمة والخالدة ليست حـــــكرا على الرجال ..
زينب وطوعة شاهدان على دور المراة في صنع أو دعم النصر والثورة ..
وصدق الشاعر الكبير المتنبي عندما قال :
ولو كن النساء كمن فقدنا
لفضلت النساء على الرجال
فلا التانيث باسم الشمس عيب
ولا التذكير فخر للهلال ..
رحم الله السيدة طوعة لموقفها البطولي في نصرة الحسين والتضحية بكل ما تملك .. بطلة تستحق أن يخلد دورها في مسلسل فني يتناول قصتها البطولية في ملحمة الطف الخالدة.
- واقترح على صديقي الدكتور الفنان عزيزجبر يوسف والسيد محمد ال يحيى أن ينتجا مسلسلين خاصين للبطلتين ضمن أعمال مؤسسة المعرفة للثقافة على غرار مسلسل ( رايات الطفوف ) الذي تناولته في المقال السابق .. وكان من اعداد وسيناريو الفنان القدير عزيز وفكرة وتجميع السيد ال يحيى .. فهما جديران بامتياز للقيام بهذا العمل الذي يخلد دوربطلتين متميزتين في الثورة الحسينية الخالدة .
{ { {
فساد بلا فاسدين !!!!
على مدى سنوات طويلة نسمع عن فساد ولا نرى فاسدين .. اعتدنا أن نسمع في الاعلام وفي التصريحات واللقاءات .. في العلن وفي السر هجوما وتنديدا بالفساد والفاسدين في كل الاوقات وعلى مدار الاعوام والايام والمواسم وليس في موسم الانتخابات فقط ...
لكن في موسم الانتخابات تعلو الاصوات أكثر .. نسمع كلاما قويا ضد الفساد والفاسدين و دعوات من الاحزاب بما في ذلك من المرشحين ومن المسؤولين بمختلف درجاتهم ومواقعهم تطلب من المواطن ابعاد الفاسدين وعدم انتخابهم .. يعني أن هناك فاسدين ... كيف للمواطن أن يعرفهم لكي لا ينتخبهم ..
المواطن ليس مؤسسة رقابية ، ولا حزبية .. بل فرد أعزل ، محبط بما يرى ويسمع عن الفساد ويتأثر بما يسمعه .. وقد يكون ما يتناقله الاعلام والناس حقا أو باطلا ، وما أكثر القصص والروايات التي قيلت عن الفساد والفاسدين ومزاد المناصب في الدورات البرلمانية الماضية وما الى ذلك من أمور جرى تداولها كثيرا .. لكنها مرت مرورا عابرا ، وسجلت ضد مجهول .. ولم يقف المواطن على حقيقتها .. هل كانت فعلا حقيقية أم للتسقيط السياسي ..
ربما تكون الانتخابات فرصة للجان مكافحة الفساد والاجهزة الرقابية بكل مسمياتها والحكومة لتصفية الحساب مع الفاسدين ومساعدة المواطن باعلان الحقائق حتى يكون على بينة ومعرفة بالفاسدين ولا يتأثر بما يسمع ، خاصة وان الحكومة قد وعدت سابقا بان يكون عام 2021 عام كشف الحقائق عن الفساد وليس أنسب من الانتخابات فرصة لكشفها .. وعندها يكون المواطن على علم ودراية بالفاسد ، ويتحمل مسؤولية صوته اذا ما ذهب لغير مستحقه ممن لا يتمتع بمواصفات النائب وفي مقدمتها كفاءة الضمير والاختصاص ..
دعوة المواطن الى عدم انتخاب الفاسدين تبقى كلاما عاما لا ينفع إن لم يكن مدعما بحقائق وأسماء وعندها يكون للدعوة صدى مؤثرا عند المواطن ، وعندها تكون الكرة قد تحولت في ملعبه وعليه أن يتحمل مسؤوليته في الاختيار ، وسيكون لها ثقل في صندوق الاقتراع ..
{ { {
كلام مفيد :
(( عجيب من يجد لنفسه عذرا في كل شيء ، ولا يعذر الناس في أي شيء )) . . كلام نتداوله كثيرا فهل نطبقه ؟؟ .. ارجو ذلك وفي المقدمة لنفسي ..