الفرق بين كورونا والإنسان
ثامر مراد
بين فترة واخرى اجلسُ وحيداً تحت الشجيرات القليلة الملاصقة لجدار البيت البسيط وارسل نظراتي نحو الافق البعيد حيث الطريق السريع والسيارات المتباينة في الشكل واللون تتقاطر بلا توقف جيئة وذهاباً . داخل كل مركبة متحركة توجد حكاية او قصة لايعرفها الا الله سبحانه وتعالى ..احدهم يفرح لحصولة على مركز كبير في الدولة او الحياة الاجتماعية وتراه يخطط عشرات الخطط لتحقيق اهداف اخرى ربما لاتخطر على ذهني – انا المنتمي الى طبقة الفقراء والمسحوقين , وحكاية اخرى تحكي قصة عائلة منكوبة في الاحداث الكثيرة التي عصفت ولازالت تعصف بهذا البلد الجميل بكل حيثياته وحكاياته الممتدة على مر العصور وحكايات اخرى كثيرة وكثيرة لاتتحملها ملايين الاوراق وصفحات الطابعات الليزرية بكل اشكالها وصناعاتها . تخطرعلى ذهني – على حين غرة – حكاية عشناها ولازلنا نعيشها بكل تفاصيلها ..حكاية لاتفرق بين الغني والفقير بين الاديب المتمرس وبين من لايعرف القراءة والكتابة وبين العامل البسيط الذي يكاد بالكاد ان يحصل على زادهِ اليومي وبين مدير مجموعة الشركات المختلفة بكل اموالهِ المتراكمة وبضاعته التي يستوردها بين الحين والاخر من ارقى الماركات التجارية المعروفة وبين - انا المتقاعد البسيط – الذي تدخلت ظروف الحياة المختلفة لتسلب اشياء كثيرة من حقوقي المشروعة بكل تفاصيلها وبين العملاق - المدير العام لدائرة التقاعد العامة الذي كان يسرق من حقوق الاخرين امولا طائلة لدرجة انه يعيش الان حياة مرفهة في سجن يشبه فندق النجوم الخمسة – كما ذكر هذا الكلام المرعب احد الشرفاء في برنامج تلفزيوني شهير جدا . حكاية هذه الكورونا التي اقظت مضاجع الجميع بلا استثناء – ولكن هل هي لعنة القدر ضد البعض الذين لازالوا يسرقون من قوت الشعب ام انها بلاء رباني اراد فيه الخالق الجبار ان يرسل رسالة ضمنية مفادها – ان العالم مهما كان كبيرا وتنوعت فيه السياسات العملاقة وازداد فيه عظمة الانسان في انتاج الاسلحة الفتاكة فأن الجميع لايساوون عند الله جناح بعوضة . عجيبٌ هذا الانسان – راح يفتح دور الفساد ومساكن الرذيلة في جهات مختلفة من العالم من اجل تدمير الانسان بطريقة واخرى في حين شرعت كورونا بغلق تلك الدور الفاسدة لتحمي الانسان بطريقة ربما يعتبرها البعض قطعا وتدميرا لماكنة الرزق التي كانت تدرعليهم ارباحا ليست بالهينة. كورونا لاتقتل الاطفال لكن الانسان طفق يقتل الاطفال في مناطق كثيرة من العالم بحجة انهم ينتمون الى عناصر الشر وارهاب العالم . كورونا لاتميز بين عرق وطائفة وبين لون اسود وابيض وفقير وغني في حين راح الانسان في مناطق مختلفة في هذا الكون يحقد على الانسان الذي لاينتمي الى طائفته او عرقه او دينه بحجج حماية ابناءه من اؤلئك الذين لايعرفون معنى الحياة وانهم انجاس لاسباب كلها ترمز لتفريق الانسان باشكال مختلفة. كورونا لاتخاف الحكام – بكل اجانسهم وقواتهم وسطواتهم – في حين ان الحكام ينتشون باخافة الناس وقتلهم وحرقهم طبقا لهوياتهم ....من يدري لعل العلماء سيكتشفون دواءً فعالاً لأخطبوط هذا المرض المخيف وسيشفون الناس من هذا الرعب المستديم , اما امراض البشرية او الانسان فلا شفاء لها الا في السماء حيث الحاكم القوي الجبار الذي لايخشى الحكام ولا صواريخهم الفتاكة...انا لا اعرف هل ان كورونا ارحم من الانسان احيانا ام ان الانسان ارحم من كورونا ..سؤال متروك لكل عاقل يحترم حقوق الانسان ولايسرق حقوق الاخرين كما سرقها البعض في هذا الكون الفسيح.