أضواء على آفة المخدرات وطرق علاجها
سمير عبيد
1-جميلٌ أن نتذكر محاسن الديكتاتورية، ومحاسن النظام السابق في العراق ، وليس مدحاً له ،وكذلكَ ليس غزلا لبقايا النظام السابق.ولله الحمد شبعنا سجناً وتعذيباً وغربة بسبب سياسات النظام السابق . ولكنَّ ذكر محاسنه لكي نُحرج أركان النظام العراقي الجديد الذي جاء بعد عام 2003 ،ونُحرج جميع الساسة ورجال الدين والاحزاب والحركات التي تتغنى بالديموقراطية والحرية ونست أو تناست ركنين مهمين وهما " بيضة الدين ، وبيضة المجتمع " !وبسبب ذاك تاه الدين، وتاه المجتمع. وهذا بحد ذاته سبّبَ صدمة عنيفة للمجتمع العراقي المسلم الذي خرج من الديكتاتورية المقيته ظنا منه سيجد العدالة الأجتماعية ،والحياة الهانئة، ونسيان الحروب والتبعية وعسكرة المجتمع ! ولكن الذي حصل أنفصلت الدولة والحكومات عن المجتمع فأصبح المجتمع عبارة عن سوق ٍ يتسوق منها السياسي وصاحب القرار عند الحاجة وبذلك متخليا عن واجباته. بحيث تاجر البعض بالدين سياسيا ونفعياً وبالمقابل تاجر البعض بالوطن سياسيا ونفعيا وتجاريا . فتشظى المجتمع فأصبح ضحية المخدرات والأنحرافات والشذوذ وتفخيخ المجتمع وضرب نظام الأسرة العراقية. ولو سألت عشرة من العراقيين سؤلا وهو :-
#السؤال :- هل النظام الديكتاتوري السابق حافظ على وحدة المجتمع، وحماه من الآفات الخطيرة مثل المخدرات ورسخ التماسك الاسري والمجتمعي.. أم النظام الديموقراطي من قام بذلك كله !؟
#الجواب:- سوف يجيبك تسعة من أصل عشرة أن النظام الديموقراطي الجديد لم يحافظ على وحدة المجتمع، ولم يحمي المجتمع من الآفات ومنها المخدرات. وتقاعس في حماية التماسك الأسري والمجتمعي !!!.وان النظام الديكتاتوري حصد جوائز دولية وأمنية لسنين متتالية لخلوه ِ من المخدرات .وهذا معروف وموثق ! ولكن النظام الديموقراطي ثَبَّتَ العراق ولسنين متتالية في قائمة الدول الفاشلة وفي قائمة الدول الفاسدة عالميا !ومن أنجازاته تراجع التعليم وفي كافة مراحله ناهيك عن الانهيارات في جميع الميادين فتبيض وجه الديكتاتورية بافعال الديموقراطيين و الديموقراطية الشائنة !
2-وهذا يؤكد أن الأحزاب والتيارات الحاكمة مابعد عام 2003 متقاعسه وفاشلة بامتياز في الأدارة والتخطيط . ولم تفكر بالمجتمع والوطن والدين والميادين الاخرى والتي هي ثوابت المجتمع والدولة . وان السياسيين ورجال الدين الشركاء لهم في الثنائية السياسية الحاكمة لم يفهموا الديموقراطية بالمطلق. وهي التي تعتمد على المؤسسات وحماية المجتمع والانسان وحرياته وتاريخه وحضارته .فالذي حصل بدلا من الديموقراطية هو الثيوقراطية، وحكم الكنيسة أبان العصور الوسطى في أوربا التي طُبقت في العراق ولازالت تسري .ولهذا تمرد الشباب العراقي قسرا . وأخذ يبحث عن نسيان مآسي النظام السياسي الجديد، ونسيان الكوارث والدمار الذي سُجّل انجازا لهذا النظام الديموقراطي، ونسيان البطالة ونسيان الضياع، ونسيان الهموم التي سببها الدولة والحكومات والمجتمع فلجأ الى الممنوع ولجأ الى النسيان من خلال المخدرات بمختلف انواعهــــــا !
غياب الرقيب
فعندما غاب دور الحكومات. ودور الدولة ودور الارشاد والتهى "المسجد والحسينية" على سبيل المثال بالمصالح الذاتية والسياسية، وبالمكتسبات الذاتية بقي المجتمع بلا رقيب وبلا مُوَجّه وبلا ناصح روحي وقيمي. وهنا تم تغييب ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) بحيث صار من ينتقد وينصح مكروهاً ، وصار من ينوّر الناس والمجتمع محاربا بشدة منعا للتنوير . فغاص المجتمع في مخطط التجهيل والأمية وهنا أستقوى رجل الدين المقامر سياسيا ونفعيا .وعندما أستقوى رجل الدين بقوة انتشار الجهل والجهلة في المجتمع أصبح صاحب مصانع لتصدير ( الاصوات الانتخابية ) وهنا سارعت الاحزاب والتيارات والسياسيين لعقد صفقات وتحالفات ومقاولات مع هؤلاء المتاجرين من رجال ألدين فباتت الصفقات كالاتي :-( رجال الدين المتاجرين يصدرون الى الساسة اصواتا انتخابية. فيكسبون مقابل ذلك مناقصات ومقاولات وتعيينات وجكسارات وحمايات واطيان واموال وكل شيء ....لأن مستقبل الساسة بيد هؤلاء وبالعكس) ونشطت هذه الدائرة النفعية وباتت هي مصنع انتاج الحكومات ورجالها ومن هنا عُمم الفشل والخراب !
#ونتيجة ذلك أُهمل المجتمع ، وأُهمل الوطن وصارت الدولة مزرعة خاصة بهؤلاء. وبات شعارهم ( أهلا بأي دولة تدفع لتأخذ مصانع ونفط وأرض وثروات وحتى حروب للايجار داخل العراق ) فتحول العراق الى ساحة صراع دولية. وكذلكَ تحول العراق الى ممر دولي لمافيات تجارة المخدرات والجريمة المنظمة. ولكن وللاسف بمرور الزمن تحول العراق الى سوق رائج للمخدرات. ولَم يُسمح بمعالجتها معالجة حقيقية بحيث وعلى سبيل المثال ( كثير من القضاة يكشفون المصادر التي تعمل مع الأجهزة الأمنية ..فيتم قتلهم او تهديدهم عشائريا)
وبالتالي شحت المصادر لأنه لا يوجد هناك غطاء وحصانة لهؤلاء. فتراجعت المصادر ورفضت التعامل مع الحكومة والاجهزة الأمنية . وحتى عند الأمساك بعصابات ترويج وتجارة المخدرات يتم اطلاق سراحهم بعد ايام او بنفس اليوم من مراكز الشرطة ضمن شعار )أدفع تخرج ..ويتغير سياق التحقيق تماما) ..وهناك بعض الجهات السياسية باتت تعتمد في تمويلها على تجارة المخدرات. وهذا يعني تخوض حرب ضد الدولة وضد المجتمع !!.
فلو فتحنا السجل القضائي بجريمة المخدرات فهناك احكام قاسية جدا ضد متعاطين، وضد حاملين لغرام او غرامات بسيطة من المخدرات. ولكن في نفس الوقت لا احد يطارد العصابات ورجالها، وعند مطاردتها تساندها احزاب سياسية تمنع مطاردتها او تمنع التحقيق معها !. بحيث باتت الدولة ضعيفة ومتقهقرة أمام مافيات بيع وترويج المخدرات ومثلما تقهقرت أمام السلاح المنفلت !
العلاج
فالعلاج تكاملي بين ( الدولة والمجتمع والمواطن والاجهزة الأمنية ) ولن يحدث هذا الا من خلال زرع الثقة والمصداقية عند المواطن وفي المجتمع وتوفير شبكة حماية حقيقية لأصدقاء القانون" المصادر" ولأصدقاء الأجهزة المختصة .وتطبيق شعار ( الثواب والعقاب) في العمل .ويجب تشجيع العاملين في مكافحة المخدرات في الاجهزة الامنية وتخصيص مخصصات عالية لهم مع حصانة عالية من الدولة لهم وفي نفس نفس تطبيق اقصى العقوبات ضد من يتعاون مع هؤلاء مع عصابات ومافيات المخدرات . وكذلك يجب حث منظمات المجتمع المدني بأخذ دورها في محاربة آفة المخدرات .
والاهم في العلاج هو توفير محققين مخلصين وقضاة مخلصين لاسناد محاربة المخدرات . وتوفير مصحات خاصة بالأدمان وتوفير أطباء وممرضين وعلماء نفس واطباء نفسيين متخصصين بمعالجة الادمان لكي تكتمل حلقة محاربة المخدرات وعلاج الأدمان ....وتبقى الاحكام الصارمة والقاسية من الدولة علاجا ناجعا ايضا !.