نحو إعادة مأسسة الجهاز الوظيفي
أكرم ســالم
لنتأمل جسدا مثقلا بالاورام والكتل المتضخمة التي تشده الى القاع وتعوّقه عن حراكه الى امام وتشتت توجهاته وبالتالي تفقده صوابه لامحالة فتجعله استهلاكيا بامتياز يجرّ خلفه اذيال الخيبة والاخفاق بكل تأكيد..
هذا هو حال الجهاز الاداري الوظيفي العراقي المترهل الذي يشكل حسب الاحصاءات المعلنة 37 بالمئة من اجمالي القوى العاملة في العراق،ويعني ان 1 موظف لكل 10 مواطنين عراقيين فيما ان هذه النسبة في المانيا 1 موظف لكل 150 مواطنا المانيا ،اذ ان النسبة المعيارية عالميا هي 1 لكل 100 مواطن !!
ومنه يتبين بوضوح ان الترهل الوظيفي في المؤسسة الحكومية بالعراق قد بلغ مستويات متضخمة كارثية وبشعة تشوّه ديناميكية منظومة الخدمة العامة وتفقدها رشدها وصوابها.ان وجود 4.5 أربعة ملايين ونصف المليون موظف حكومي مدني وأمني اضافة الى 3.5 ثلاث ملايين ونصف المليون راتب تقاعدي.. عدا رواتب الرعاية الاجتماعية–وزارة العمل التي تقدر بـ 1.5 مرتب يعني ان الدولة العراقية تمنح مرتبات لاكثر من 9.5 تسعة ملايين ونصف المليون مرتب كما معلن وما خفي كان اعظم!!وهو يشكل اكثر من 22 بالمئة من سكان العراق ،هذه الكتلة الورمية تتقاضى ما يقرب من 62 مليار دينار شهريا اي نحو 47 مليار دولار من خزينة الدولة المحسوبة على الجانب التشغيلي فماذا يتبقى للجانب التنموي غير الفتات..إن تبقّى،اذ ان المرتبات تستهلك كما مؤشر اكثر من 75بالمئة من الموازنة العامة.التساؤل المشروع والمطروح دائما هو هل ان الجهاز الوظيفي جهاز منتج بحق وحقيق و ينهض بواجباته ام العكس؟
اعداد ضخمة
كل الشواهد والحقائق والاحصاءات المحايدة تؤكد عكس ذلك وتشير الى الاخفاقات الكبيرة في الاداء وأن هذه الاعداد الضخمة جدا من الموظفين يشكلون بطالة مقنّعة تتقاطع مع ديناميكية الاداء السديد بل تفضي الى ظواهر فساد وخروقات ادارية ومالية كبيرة لاتخفى عن العيان ،حتى ان البنك الدولي قد قدر معدل ساعات عمل الموظف في العراق بنحو 17 دقيقة فقط اعتمادا على تلك الاعداد نسبة للقوى العاملة. ازاء هذه الحالة من البشاعة والترهل الوظيفي يتعيّن على رئاسة مجلس الوزراء بشكل خاص المبادرة الى ادامة اتخاذ قرارات استراتيجية ومتابعتها اجرائيا ومن خلال منظومة معلوماتية تقنية رقمية متطورة بهدف إعادة تنظيم وتوازن المؤسسة الحكومية وإستعادة عافيتها وحيويتها لتكون فاعلة ومنتجة ولتضطلع بدورها المؤسسي الديناميكي وانقاذها من الاخفاق والفشل والتأسّن المستحكم بها .