أبو بكر سالم  في ذكرى رحيله السابعة.. عملاق الأغنية الصنعائية ينطلق مع يا ورد محلا جمالك

دبي - رياض محسن المحمداوي

مرت في العاشر من الشهر الجاري الذكرى السابعة لرحيل عملاق  الطرب الحضرمي والعربي الفنان. ابو بكر سالم ..حيث وافاه الاجل في يوم الأحد الموافق 10 كانون الاول عام 2017 في مدينة الرياض بعد صراع طويل مع المرض عن عمر ناهز 78 عاماً. لقد رحل ابو بكر سالم عن الدنيا وهو في قمة مجده الغناىي وترك إرثًا غنائيًا ضخمًا بلغ زهاء 300 ألبوم غنائي. أبهر من خلالها جماهير عريضة من محبي الفن العربي في الخليج والوطن العربي أجمع.  ابو بكر سالم الذي اصبح مدرسة غنائية اغنت المكتبة الموسيقية العربية بدرر لاتنسى غنية بأعماله الفنية والتي ارسى تاثيرها تعزيز الهوية الثقافية اليمنية والعربيـــــــــة. وسـاهمت في رقي السـاحة الفنــــــــــــية العربيــــة.والتـــــــي خلدت اسمه كواحد من عمالقة الفن الحضرمي والعربي وكرمزآ فنيآ كبير لكل الاجيال القادمة . اسمه محفورً في الذاكرة وشاهد على رحلة الكفاح والنجاح ليصبح فنان عالمي كبير عبر مسيرة حافلة بالإنجازات والإبداعات.   إن الحديث عن عملاق الفن الصنعاني الكبير أبو بكر سالم يحمل في طياته الكثير من المعاني والدلالات. فقد ترك هذا الفنان بصمة لا تُنسى في الساحة الفنية العربية من خلال الحانه وصوته الساحر وأدائه الذي تميز به ولايجيده غيره . والذي اتفق عليه الجميع انه صاحب حنجرة ذهبية وصوت شجي أسر قلوب الملايين من المستمعين في الخليج والوطن العربي . حتى انه حاز على جائزة ثاني أفضل صوت عالمي من منظمة اليونسكو ولقب بملك الدان الحضرمي وعملاق الأغنية الصنعانية من قِبل نقاد الفن.

ان تجربة ابو بكر سالم الفنية تمثل تجسيدًا لأهمية البيئة المحيطة في تشكيل الهوية. والتي تبرز العلاقة بين التراث والحداثة وكيف أستطاع هذا الفنان ان يصنع لنفسه مدرسة رائدة تجمع بين التراث والحداثة واصبح لون جديد في الاغنية اليمنية والخليجية والعربية . من خلال ماقدمه من حداثة في الغناء واللحن والايقاع في ظل تحديات اجتماعية وسياسية ليجد طريقه ويحقق مكانته الفنية الملتزمة بالقيم والتقاليد . ولذلك اصبح مثالاً يحتذى به كفنان رمز عكس روح الإبداع والتفاني بتغلبه على مواجهة ظروف اليتم والفقر وتأقلم مع محيطه الغني وعزز موهبتة بالعلم والمعرفة منذ طفولته .

اول اغنية

ففي سن لم يتجاوز السابعة عشرة ألّف أبو بكر أول أغنية له بعنوان {يا ورد محلا جمالك بين الورود}. والتي كتب كلماتها وألحانها بنفسه. والتي أعاد غنائها الفنان الكبير الراحل طلال مداح عام 1985 مما منحها زخمًا إضافيًا وعرضها على نطاق أوسع. فرغم ازدهار الحركة الفنية والثقافية في عدن إلا أن أبو بكر سالم لم يشأ أن يتوقف كثيراً عند مرحلة التأسيس الفني في (عدن) التي كانت تضم اشهر المغنين والشعراء وكان من الصعب ان يكون مكان لفنان شاب بين هؤلاء الكبار . الا ان ابو بكر سالم استطاع ان يلفت الانظار من حوله وياخذ مكانة فنية مبكرة أطلقت شرارة نجمه الغنائي. حيث بدأ بالظهور والتألق على الساحة الفنية في عدن. وفي عام 1956. أن أبو بكر لم يكن مجرد شخصية عابرة بل كان انسان مثقف يتسم بالخلق والكرم والموهوبة وسرعة البديهيةذو شخصية مهيبة متواضعة مومن برسالته الفنية . خاض تجربة فريدة تنطوي على شغف دمج العلم بالموهبة مع الطموح . وجسدت قدرته على التكيف مع التغيرات والتحديات التي واجهته في رحلته وشغفه بفن الغناء. والتي عززها بتعلم العزف على آلة العود في مقتبل عمره الفني مما عزّز قدراته الموسيقية الى افاق واسعة وعززت مكانته في عالم الغناء العربي كملحن ومطرب من خلال اعماله الغنائية التي ساهمت في شهرته. ومن أبرزها مثل :{خاف ربك . ويا حبيبي يا خفيف الروح . و سهرت ليلي طويل.} كما قام بتلحين وغناء مجموعة من القصائد الفصيحة البارزة، مثل {اسكني يا جراح} للشاعر التونسي أبي القاسم الشابي. و{ليلة أشرقت لنا بالنور. و أقبلت تمشي رويدًا} . وهذا النجاح قاده للتعاون مع شعراء كبار كلطفي جعفر أمان وحسين أبي بكر المحضار. معهم ألَّف وأدّى أغان مميزة مثل {صفوا لي الحب. و كانت لنا أيام. و أعيش لك . وليلة في الطريل . وخذ من الهاشمي. وتمنيت للحب }.

كما امتد نطاق تعاونه ليشمل  محمد عبده غانم مؤلف أغان مشهورة كـ {قولوا له وقال لي يا توب. ومن علمك يا كحيل العين}. فقد شكلت هذه المرحلة المبكرة من مسيرته الفنية نموذجاً يحتذا به في التوازن بين الروح والهوية والانفتاح على العالم من قبل الكثيرين من الشباب .

وفي عام 1967، انتقل أبو بكر إلى بيروت ليبدأ مرحلة جديدة في مسيرته الفنية. هناك . سجّل مجموعة من الأغاني التي ساهمت في توسيع قاعدة مستمعيه في اليمن والخليج وشتى البلدان العربية. كانت أغنية {أربعة وعشرين ساعة} من أبرز أعماله. إذ حققت نجاحاً كبيراً وفازت بجائزة الأسطوانة الذهبية. مع مبيعات تجاوزت الأربعة ملايين نسخة. عكست أغانيه مشاعر الفراق عن الوطن. مثل {إلا فراقك يا عدن. ويا طائرة طيري على بندر عدن. وتسلى يا قلبي} وغيرها .

وقد اكدت مسيرة هذا الفنان أن الفن رسالة معبرة بنيسج العلاقات إلانسانية التي تُثري الإبداع وتعكس تجربة مميزة في تلك الحقبة وعقب اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، غادر أبو بكر سالم بيروت وهو في قمة تالقه متوجهًا إلى عدن ثم الكويت. وقد التقى بالشاعر الكبير {حسين بن أبي بكر المحضار} ليشكلا الولع بـالدان الحضرمي .وقدما مجموعة من الروائع الخالدة مما أفضى إلى شراكة فنية مثمرة. أنتج الثنائي حوالي مئتي أغنية أضافت عمقًا جديدًا للساحة الفنية الغنائية . لقد كان المحضار رافداً له منذ البدايات حتى رحيله عام 2000 وفي كل ظهور إعلامي له يتحدث أبو بكر بوفاء عن المحضار ويخبئ دمعة كبيرة في عينيه عند سرد ثنائية امتدت 35 عاماً.

ومن ثم انتقل المملكة العربية السعودية التي تعززت فيها مسيرته الفنية بل ووفرت له كل السبل اللازمة التي ساعدته على الابداع مما لاقاه من حفاوة وتكريم . وذلك خلق بيئة مثالية سمحت له بالتألق وجعلته وجهة للباحثين عن المتعة الفنيةواسطورة غناىية فريدة.

 لقد كان للفنان ابو بكر دورآ بارزٱ في دفع الأغنية اليمنية إلى آفاق أوسع. ولم يتردد في دعم الفنانين الشباب والهواة والكثيرون منهم ومن أبناء جيله يعتزون بفضله عليهم .

تعتبر مسيرة أبو بكر سالم مثالًا ملهمًا يجسد الشغف والإبداع معآ. حيث استطاع بفضل موهبته الفذة واجتهاده المستمر أن يترك بصمة واضحة في عالم الفن العربي. وقد ارتبطت أغانيه بمشاعر الفراق والحنين مما جعلها تعكس تجارب إنسانية عميقة. وأصبح صوته مرجعًا للكثير من الفنانين الشباب الذين تأثروا بفنه مما جعل ارثه لا يقتصر على أعماله الفنية فقط بل يمتد إلى تأثيره الكبير في تعزيز الهوية الثقافية اليمنية العربية. من خلال مساهماته العديدة في الساحة الفنية والمحافل الدولية لكون روح الفنان نشأت في داخله منذ صغره.

ان التجربة الثرية للفنان أبوبكر سالم سلطت الضوء على فن جنوب الجزيرة العربية. هذا الفن الأصيل الذي تمتد جذوره عبر التاريخ ويشكل مدرسة غنائية ثرية ومعبرة. إضافة لكونه مقدرة صوتية هائلة