الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تعلّموا من الحسين

بواسطة azzaman

تعلّموا من الحسين

ياس خضير البياتي 

 

لم يكن الإمام الحسين رجلًا عاديًا يمرّ في التاريخ، بل كان ضميرًا حيًّا تمرّد على الصمت، وثورة تمشي على قدمين في وجه الطغيان. كان صوت العدالة حين خرس الجميع، وملامح الشجاعة وقد تجسّدت في إنسان.

كان وحده في كربلاء، لكنه مثّل أمةً بكاملها… أمةٌ نسيت أن تقول «لا»، فصرخ بها، ودفع ثمنها دمًا.

لم يخن، لم يساوم، لم يطلب منصبًا، ولم يركض خلف سلطة. خُلد اسمه لأنه نزل إلى ساحة المعركة حين ارتجف الجميع، ووقف في وجه الظلم حين صمتت الأمة.

أما أنتم — ساسة العراق، أحزاب الكراسي، وتُجّار الطوائف — فتعالوا وتعلّموا من الحسين ما لم تتعلّموه يومًا: أن النزاهة لا تُشترى، والمبادئ لا تُباع.

الحسين مات عطشانًا، وأنتم تروون بطونكم من عرق الفقراء ودموع الأرامل. هو كان يُطعم المسكين، وأنتم تأكلون أموالهم.

هو مات ليحيا الناس أعزّاء، وأنتم تقتلون الشعب حيًّا في طوابير الفقر والبطالة والإذلال.

لا فرق بين من قتل الحسين بالسيف، ومن يقتل اليوم وطنًا كاملًا بالقوانين المسروقة، والصفقات المشبوهة، والذمم الرخيصة.

الحسين لم يزوّر نسبه ولا شهاداته، لم يكذب على الناس، ولم يصطنع المجد. أما أنتم، فما أكثركم من أصحاب الشهادات الوهمية، والمناصب المسروقة بالتزوير، والولاءات المشتراة بالدولار.

سلطة الاستبداد

الحسين وقف في وجه سلطة الاستبداد، وقال كلمته وهو يعلم أنها ستُكلّفه حياته. أما أنتم، فتقفون خاضعين، خانعين، عند أقدام الدول الأخرى.

تتحدثون عن السيادة، وأنتم عبيد القرار الأجنبي، لا تتحركون إلا بمباركة من هناك… حيث لا كربلاء، ولا مبدأ، ولا حياء.

الحسين ليس طقسًا، ولا طبلًا، ولا موكبًا عابرًا، ولا مناسبة موسمية يُستثمر فيها البكاء ويُغسل بها وجه الفساد. الحسين ليس شعارًا يُعلّق على جدار وزارة ينهب موظفوها رواتب الجياع، ولا لافتة على منصة يُدشّن عبرها خطيب.

كان يعلم أن الطريق إلى كربلاء لا يعبر إلى نصرٍ دنيوي، بل إلى خلود لا يُشترى.

أما أنتم، يا من تدّعون وصلاً بالحسين… فلم تعرفوا منه إلا اسمه، ولم تحفظوا من نهضته إلا ما يخدم مصالحكم ومقاعدكم.

فكونوا حسينيين في الجوع، لا في الولائم التي تُقام على موائد المال العام المسروق.

كونوا حسينيين في النزاهة، لا في لجان التحقيق التي لا تُحقّق، ولا في الهيئات التي تُشرعن سرقة العصر وتسميها «سوء إدارة».

كونوا حسينيين في الفعل، لا في الشعارات التي تبصقها أفواهكم في كل موسم عاشوراء، ثم تبتلعونها في صفقات ما بعد المحرّم.

كفّوا عن تمثيل دور الورع في مجلس عزاء، وأنتم تتوضّؤون بنفط البصرة وتستحمّون برواتب الأرامل والأيتام.

لا تمارسوا كذب البكاء على الحسين وتذرفوا الدموع كأنها تقوى… إنها أكذوبة العصر.

الحسين بريء منكم… أنتم عار يُرتكب باسمه كل عام.

هو يبكي على عراقٍ صار فيه كل يومٍ محرم، وكل ليلة عاشوراء، وكل حكمٍ يُمارَس بوجهٍ جديد، وتحت عباءة عاشوراء.

الحسين فكرة، وموقف، ومشروع مقاومةٍ لا يموت، في وجه كل فساد واستبداد.

 


مشاهدات 43
الكاتب ياس خضير البياتي 
أضيف 2025/07/08 - 3:47 PM
آخر تحديث 2025/07/09 - 1:48 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 78 الشهر 4892 الكلي 11158504
الوقت الآن
الأربعاء 2025/7/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير