رهانات خاسرة لوقف الإستباحة
جاسم مراد
الرهان على الاخرين في وقف اغتصاب واستباحة الأرض السورية ، أمراً لا يخلو من الضعف ، أو على اقل تقدير رهانات على دول هي بالأساس مع سوريا المقسمة ، سمعنا وقد نسمع مواقف وتصريحات ن تريح الانفس ، لكن في واقع الحال علينا أن ننظر للزحف الإسرائيلي في الأراضي السورية الى اين يتجه،
فاسرائيل التورات يشير الى ممر داوود شرق الفرات ، وإسرائيل تتحرك عسكريا وفق هذا الممر فبعد السيطرة على التلال الحمر المسيطرة على درعا طرقاً ومدينة وقرى ، فأن التوجه بات واضحاً نحو شرق الفرات ، وهذا الزحف يذكرنا بتحذيرات الرئيس التركي اردوغان ، من إن إسرائيل لا تكتفي بالعدوان على سوريا ولبنان وتدمير غزة وإنما الهدف هو احتلال شرق الفرات وتهديد تركيا بشكل مباشر وبالطبع سيكون العراق الهدف التالي . وأن كانت تركيا هي الطرف الرئيس لدعم وتحريك المنظمات المسلحة لإسقاط دمشق ، فهي ايضًاً مستهدفة .
وضع سياسي
رغم كل ما يقال ، وبالرغم من عدم تحديد اتجاهات الوضع السياسي في سوريا ، إلا إن الوضع الراهن وتعدد المنظمات المسلحة والتي تبلغ اكثر من (37) منظمة مسلحة غالبيتها متشددة ، فليس من الممكن الرهان عليها في استقرار سوريا وامن المنطقة سيما الدول المجاورة لسوريا العراق والأردن . الاجتماع الذي عقد في العقبة لبعض الدول العربية والمسؤولة الأوروبية هو محاولة لتحديد المواقف وبعث رسالة للحكم الجديد في سوريا ، لكن كل ذلك لا يمنع ابداً إسرائيل من المضي لاحتلال المزيد من الأراضي السورية ومنابع المياه حتى الوصول الى شرق الفرات وهو ماض في ذلك وكأن الأمر لا يعني الحكم السوري الجديد وكذلك لا يهم قوات سوريا الديمقراطية ، ويتكشف ذلك من إنها لم تصدر حتى بياناً يدين ويشجب هذا التوغل الإسرائيلي .
إن الوضع القومي العربي برمته مهدد بالاختراق ، إذ كان ذلك عبر إشاعة وتمدد المنظمات الإسلامية المتشددة أو عن طرق الزحف الإسرائيلي وتشكيل مايسمى بالشرق الأوسط الجديد ، وهذا المشروع لابد لتحقيقه أن يمر بالعديد من الدول وبالخصوص لبنان ، ونعتقد بأن لبنان سيكون هو الأقرب للعدوان الإسرائيلي أو لدفع العديد من المنظمات الإرهابية لمواجهة المقاومة اللبنانية ثم يبادر الكيان الإسرائيلي بالهجوم الواسع برعاية ودعم عسكري واستخباري وتقني امريكي .
شخصيات واحزاب
الكل ينظر لنتائج الوضع السياسي الجديد في سوريا ، ولكن الكتاب يُقرأ من عنوانه ، فالشخصيات والأحزاب الوطنية السورية المعارضة لم تُستدعى لا للمشاركة ولا للحضور لترتيب الوضع السوري الجديد وهذا يؤشر بأن المنظمات المسلحة هي المعنية ولا أحد غيرها ، في إدارة الوضع السوري ، مما يؤشر حسب قراءات المتابعين بأن الحالة السورية ستبقى قلقة قريبة من التفجرات اكثر منها الى الاستقرار .
سوريا دولة متعددة القوميات والكيانات والتجمعات ، وأكثرها وضوحا الاكراد ممثلة بقوات سوريا الديمقراطية قسد ، وهنا لابد من التوضيح بأن حقوق اكراد سوريا ليس من السهل تحقيقها إلا عبر الحركة الوطنية القومية العربية ، فهي الجهة الأكثر استعدادا ومقبولية بحقوق الكرد ، ليس الان وإنما عبر التاريخ الطويل ، يستثنى من ذلك الحكام العرب الذين مارسوا الاضطهاد للكرد وللحركات الوطنية والعروبية ، فحقوق الكرد متساويين في الانتماء والمواطنة تتحقق عبر حركة التحرر العربية ، وليس من خلال اللجوء للقوى الأجنبية ، فتلك القوى لها أهدافها الاستعمارية الاحتلالية ، فعندما تصل الى تلك الأهداف أو جزء منها فأنها لا تعنيها تلك التحالفات وتبدل الوان مواقفها وخطاباتها ، فالأرهاب بالأمس يصبح صديق ووطني اليوم .
الدول العربية عليها الاهتمام بقدراتها وليس الاتكال على الاخرين ، صحيح المواقف المشتركة مطلوبة لكن الاصح هو الاهتمام بمشتركات الموقف العربي وقضاياه المركزية ومن أولوياتها سوريا وفلسطين ولبنان ، فسوريا كدولة محورية ووضعها في المرحلة الراهنة يؤثر على الجميع سلماً أو قلقاً أو صراعات وبالتالي هذا يحتم على كل المنظومة العربية الاستعانة ببعضها البعض وليس الاتكال على مواقف الاخرين أو الابتسامات فالبعض يريد العودة للماضي السحيق والأخر يهدف لتمكين إسرائيل واخرون من اجل مصالحهم ، وهنا نسأل اين هي مصالحنا ..؟