هيئة التقاعد العراقية .. مالها وما عليها
عبد الكريم احمد الزيدي
حين تكون هيئة التقاعد مؤسسة مستقلة تتبنى مصالح شريحة كبيرة من المجتمع العراقي تزيد ربما عن 3 ملايين عراقي ، فأن مسؤوليتها في شؤون وحياة هذا العدد من العراقيين يتوجب عليها تأمين مصالح هذه الشريحة والنظر لحقوقها نظرة متوازنة تتساوى فيها وفق القانون المشرع لكل الشرائح المشمولة به ..
وبالعودة إلى قانون التقاعد العراقي الذي اعتمد في توظيفه على اصل قانون الخدمة المدنية فقد اعتمد السن القانوني لأحالة الموظف على التقاعد عند بلوغه سن 63 من العمر لفئات موظفي الدولة المدنيين والعسكريين وقوى الأمن لجميع العراقيين دون استثناء ، أو لأكماله خدمة فعلية حسب رغبته في التقاعد أو لأغراض مرضية يتقدم بها وفق طلب اصولي يتم فيه موافقة مراجعه الوظيفية وحسب تعليمات يخضع لها هذا الطلب ، وقد خضع هذا القانون وتعليماته للعديد من التحديث والمراجعة بما يتناسب ونظرة الدولة لهذا القانون وما يستجد من محدثات تتطلب المراجعة والتعديل دون المساس بحق المتقاعدين ..
لكن المهم هنا أن نستذكر خطوة البرلمان العراقي بعد أحداث تشرين 2019 والذي تجاوز على اصل هذا القانون وفرض تعليماته بوجوب إحالة كافة الموظفين الذين اكملوا سن 60 عاما بعد تاريخ 2019/12/31 ليشمل شريحة بأهمية عالية في الكثير من الاختصاصات الفنية والعلمية والأدبية بلغت بحدود 200 ألف موظف مرة واحدة جعلت مواليد الاعوام “ 1957، 1958، 1959 و 1960 “ خارج الخدمة في ظروف اقل من ثلاثة أشهر من قرار البرلمان العراقي دون مراعاة لحالة وظرف الموظف العراقي وحاجته وما يمكن أن يتعرض له هو وعائلته إلى أزمات وعقد مالية لم تكن في الحسبان ..
ولو تمعَّنا في أسباب هذا القرار المجحف في حينه نجد أن مبررات السادة رئيس وأعضاء البرلمان تذهب إلى إيجاد فرص عمل لتوظيف العاطلين عن العمل واحلالهم بديلا للمحالين على التقاعد وتخفيف حالة الهيجان في الشارع العراقي ابان هذه المرحلة ..لكن الذي يهمنا ان لا نصيب في أمر على حساب حق ودمة وانصاف أطراف لا ذنب لها فيه ، خاصة وان هذا القرار جاء في استثناء فئات معينة من التعليم الجامعي والأطباء والقضاة وغيرهم ولم يراعي تحييد الخبرات الهندسية والعلمية التي شملها القانون وما قد تسببه من اخفاق وتعطيل دوامة العمل وخلق جفوة مؤثرة بين الملتحقين بأول الخدمة والذين لا يمتلكون الدراية والتدريب وبين الكفاءات العلمية الخبيرة المحالة على التقاعد في ظرف وقتي لايمكن فيه تواصل العمل بشكل انسيابي متكافئ ..نقول كل هذا بهدف بيان ما على هيئة التقاعد العراقية من خطوات تتطلب إعادة النظر في هذا القرار والتوصية باعتماد السن القانوني الذي سارت عليه الدولة العراقية منذ تأسيسها والعمل بقانون الخدمة المدنية وتوحيد تعليمات وضوابطه وشروط التقاعد ووضع حلول وافية لكل ما آلت اليه قرارات مجلس النواب العراقي وتسوية كل الحقوق التقاعدية دون تمييز أو تفريط والتي طالت المشمولين بهذا القرار وعلى أثر رجعي واعتماد المساواة الحقة في التطبيق وأصول المحافظة على هذه الفئة المهمة من المجتمع التي أدت ما عليها من واجبات بحق الدولة والمجتمع وما لها من حقوق في الخدمة والراتب التقاعدي والحياة الحرة الكريمة .