عن إغلاق المدرسة العراقية في باريس
محمد عبد المحسن الخفاجي
حملت الأخبار نبأ إغلاق المدرسة العراقية بباريس التي كانت قد افتتحت أبوابها في العام 1973 .
مدرسة تشغل مبنى فخماً مملوكاً للحكومة العراقية يقع في الدائرة السادسة عشرة، وهي من أرقى أحياء باريس ، وفيها تجد العديد من السفارات ودور السفراء والأثرياء الفرنسيين والأجانب .
هذا الإغلاق يبعث على أسف شديد لأنها ظلت على مدى نصف قرن واجهة ثقافية عراقية لم يكن مثلها لأية دولة عربية . فيها درس أبناؤنا أيام الإقامة في مدينة النور والثقافة والفنون، وفيها كان يدرس أبناء دول عربية عديدة منها دول خليجية غنية مثل المملكة السعودية وقطر . كانت تتسم بما اتسم به التعليم في العراق من رصانة، وكانت تخضع هي وسائر المدارس العراقية خارج القطر لإشراف دائرة مختصة بوزارة التربية وتزار من حين إلى آخر زيارات إشرافية فضلاً عن متابعة الملحقية الثقافية في السفارة هناك لعملها .
دول مجاورة
وظلت المدرسة تسد الحاجة إلى التعليم العراقي حتى للمقيمين في الدول المجاورة فكان الطلبة يؤدون الإمتحانات فيها كطلبة خارجيين قادمين من دول الجوار مثل بلجيكا وسويسرا ، الأمر الذي كان يوفر الإطمئنان لأولياء الأمور على انتظام المسيرة التعليمية لأبنائهم وبناتهم . ثمة مثال يؤكد متانة التعليم - التي كانت - لهذه المدرسة، هو أن الإمتحانات الوزارية كانت تجري فيها باعتماد ذات الأسئلة الإمتحانية المقررة للطلبة داخل العراق وفي الموعد ذاته فكانت الأسئلة تصل إلى المدرسة في ظروف مختومة بالشمع الأحمر ويبدأ الإمتحان في الدقيقة ذاتها التي يبدأ فيها في بغداد والمحافظات ؛ ولما كان فارق الوقت بين بغداد وباريس ساعتين فقد كان الإمتحان في المدرسة يبدأ في الساعة السادسة صباحاً ( التي تقابلها الثامنة بتوقيت بغداد ).
لم أود الخوض في أسباب قرار الإغلاق ومصدر هذا القرار ، فثمة من أشار إلى أن الإغلاق تم بقرار من السلطات الفرنسية، وثمة من قال بغير ذلك ، ولكن المهم في الأمر هو ضرورة مراجعة الأمر والتنبيه إلى كون المدارس وسائر المحافل التربوية والعلمية في الخارج تظل ضرورة للتواصل الثقافي بين الداخل والخارج وواجهات حضارية للدولة العراقية .