الاعتراض على فيتو الدول الخمس
محمدصالح البدراني
نظرة عامة:
المصطلح سيقودك مباشرة إلى الأمم المتحدة والى خمسة عشر عضو، خمسة منهم متميزين بحق لا يملكه العشرة الآخرين، وسيتناقش الناس كما ناقشوا والكتاب كما كتبوا سؤالا بليدا يعبر عن مأساة في التفكير النخبوي عندما يتحدثون عن آلية هي الديمقراطية، والديمقراطية لم تك في هيكلية 40 بالمئة من مجلس الأمن أصلا، لكن هنالك في المجلس ما يجمع الخمس، هو القدرة الصناعية والقوة العسكرية ونوعان من الرأسمالية، الرأسمالية التي هي لأصحاب المصالح والاشتراكية التي هي تعبير في الحقيقة عن رأسمالية الدولة الوصية، فلم يبن مجلس الأمن على توازن الحق الآدمي بل توافق المصالح لدول كبرى.
زاوية على الاشتراكية والذات المكبوتة
هنالك من يعتبر الاشتراكية الخطوة الأولى نحو الشيوعية لكن لم تنقل إلى خطوة أخرى ولم تصل إلى الشيوعية لانها دخلت في صراع مع دعاتها أنفسهم وظهر من يضبط إيقاع الشكوى بموسيقى جنائزية أينما حلت الفكرة الاشتراكية، لكن عندما تقرأ الأفكار فهي كأي تنظيرات تنظر إلى النجاح فقط ولا تحسب الفشل والإخفاق فهي أفكار مثالية وردية ونظام يفترض أن يتيح الإبداع للشعب والنخب، بيد أن هذا لم يحصل لان النخب بمجرد ظهورها ستدخل في دوار الدم أو الطاعة وإعلان العبودية للطغيان أو ستلاقي مصيرا أبسطه حياة قلقة وسير بركضة هارب على جرف من وادي تشكل قاعه صخور بركانية ناتئة، نظام في تطبيقه أنواع ودرجات من الفيتو.
أما النظام الرأسمالي فقد وضع الآليات لحمايته وهو يتقدم وليس لتقييده، هذه بضاعة أصحاب المصالح للجمهور أن الدولة هي السيد وان القانون محترم كالشريعة، فان تملل الناس بما يشذ عن القانون ليفك غطاء الحماية، أدخلت المخالفات الشاذة كقانون لتصبح غير شاذة ومعترف بها، وهنالك حوارات وفق المجتمعات حول هذا كله، والإنسان يركض ويبدع لكن مقابل ثمن وليس كقيمة فكرية إلا ما اختير من مهرجانات كجوائز متعددة للفنانين والأدباء وجائزة ذات معايير خاصة فيما يبدو تسمى جائزة نوبل وهي موضع جدل في طريق انتقاء الأفراد لنيلها، فهنالك فيتو محسوس غير منظور في سلوك النظام.
حقيقة الفيتو
الفيتو معرّف أمميا كاتفاق على حسم سلمي لتمرير مصلحة خاصة لاحد الأطراف كما يحصل اليوم أحيانا كثيرة أو انتصارا لحالة يفرزها فكر أيديولوجي كما فعل الاتحاد السوفيتي لحين تحول روسيا كوريثة وظيفية بحكم الواقع ومخزن تعمل الدول الصناعية على صيانة موجوداته ليبقى آمنا، وان كان بوتن اليوم يريد انتزاع ما يراه حقا ومصيريا، وفي بعض جوانبه فعلا تجد انه مصيريا كالموانئ على البحر الأسود، لكن الفيتو عند اختلاف المصالح لايفيد مجلس الأمن في تحقيق الأمن ويصبح فرض إرادات قد تترجم إلى حرب كونية.
أمريكا استخدمت الفيتو في القضية الفلسطينية بحدود 49 مرة لحد الآن وهذا أكثر من نصف العدد الذي استخدمت الفيتو فيه ومعظم الفيتو يتعلق بالشرق الأوسط بما يقارب ربع عددها ولم يك الفيتو لتحقيق الحق وإنما لتغطية حليف لا يحترم قرارات مجلس الأمن إلا إن كانت في صالحه.
الفيتو مخاض مساومات:
فيتو (Veto}} وهي كلمة لاتينية تعني «أنا أمنع»)، أما ما منطق المنع الخاص في قضايا غالبا لا تعني الدولة وإنما تتبع مصالحها وليست بالضرورة مصلحة الشعوب في الموقف الذي تمنعه، ورأينا شعوبا تقتل ويمنع النظر في نجدتها أو حتى الاعتراف بان هؤلاء أناس ضحية حتى يقود الواقع الاعتراف بالمذابح الجماعية وجرائم الحرب ليأتي الفيتو ضد محاسبة المجرم، الفيتو إن بقى بهذه الصيغة في دعم الظلم بأسماء متعددة، لا يتحمل وزر نتائجه من يرفع اليد بالفيتو بل كل من يوافق على بقاء هذا النظام المتخلف المجحف الذي يعبر عن الهمجية وفقدان الإنسانية بأسلوب متمدن.الدول التي أعطيت الفيتو والا لن تتشكل الأمم المتحدة، هي دول صناعية ذات مصالح ومنها استعمارية شرسة تستخدم الفيتو لمصلحة بقاء استغلالها لمستعمراتها وضد أناس يبحثون عن الحرية والخلاص من الجوع والقهر والتخلف الذي هم فيه ليكبتوا حتى صرختهم.
دون شك أن الأمم المتحدة التي يبدو من أدائها اليوم بشكل أو بآخر أفضل من السابق إلا أنها تحتاج إلى إعادة تنظيم للصلاحيات والمهام، فلا يمكن أن تبقى هذه الربوبية بيد دول تغير قادتها وتبدلت ظروفها فأضحى نوعا من الاستبداد في القرار بل إن تجاوز القرارات لا يتبعه إلا إعادة ترقيع وأحيانا يترك بلا ترقيع أو رد فعل، فالمؤسسة آلياتها ضعيفة وتوافقية وهشة وتستهلك مؤسساتها مبالغ كبيرة من المرصود لعمل دون أن تحقق أكثر من رغبات الدول الخمس فان اختلت كان الفيتو.
إنها تنظر إلى الاستقرار بعين مصلحة الدول الخمس، وليس استقرار الشعوب، قيمة الإنسان في تدني وسلبيات التدخل لا ترمم ولا توقف الإخفاقات التي حصلت نتيجة هذا التدخل كما في العراق وسوريا وأفغانستان ودول أفريقيا ومشاهد أخرى لما يسمى بالعالم الثالث شعوب تولد أجيالها وتموت وهي لا تحس بالحياة بل بظلم واستبداد وإكراه وتخلف لكنه يروق للدول العظمى مادامت لا تعتبره خطرا عليها، وتدخل لتدمر إن شعرت بما لا يرضي دونما سلوك طريق التفاهم أو الدراسة للتغيير الإيجابي.
القضاء ليس للضعفاء
عندما توضع قضية بيد إنسان له مصلحة أو ميل أيديولوجي وغيرها فلا تظن انه سيكون عادلا فهو لا يصلح للحكم في القضية مهما بدى مقنعا، فهو ضعيف، الدول العظمى ضعيفة أمام مصالحها وربما تضحي حكومة ما باستقرار شعب كامل إن وجدت أن هذا سيؤثر على انتخاباتها المحلية أو العامة، فكيف ستصلح دولة صناعية لموقف القاضي؟
إنها ضعيفة أمام مصالحها عند الإنشاء والان ضعيفة بالأهواء، العالم يتغير والقوانين بشرية استبدت وتحتاج لمراجعة فاليوم ليس قبل نحو قرن من الزمان ولهذا نحتاج أن نصدر فيتو على فيتو الدول الخمس.