بابل – كاظـم بهيـّـة
كتاب الفن العراقي المعاصر لشوكت الربيعي ،أتاح فرصة لاستذكار الجهد المتواصل والأصيل التي تميزت نتاجاته خلال عمره الفني حتى غُيّب من قبل النظام السابق .
وشمس الدين فارس ، فنان تشكيلي قدم عصارة جهده واستطاع ان يقدم فنا عراقيا متميزا من خلال الجداريات ، وحتى يومنا هذا بقيت تلك الجداريات حاضرة وشامخة تشغل واجهة سينما بابل الأمامية – شارع السعدون والثانية في ساحة الخلاني ، ربما سأل يسال لماذا غُيّب ؟. غيب بسبب عدم قناعته بتصرفات النظام الحاكم ضد أبناء الوطن لأنه قال الحقيقة ، بعد يوم واحد من اشتعال الحرب العراقية – الإيرانية ، التي لم يقتنع بها الشهيد الفنان كما عارضها الكثير من أبناء شعبنا ، وفي جلسة الهيئة التدريسية انتقد الشهيد هذه الحرب بقوله « ما كان يمكن حل المنازعات على الحدود بطريقة سلمية ؟ إلا أن عميلا للمخابرات من أعضاء الهيئة التدريسية وشى به فجاءت شلة من مخابرات النظام واقتادته إلى جهة مجهولة وغيبت أخباره منذ ذلك الحين ،علمنا بإعدامه بعد التغيير السياسي في العراق ظهر اسمه بين أسماء المعدومين من أبناء شعبنا في قوائم المخابرات . هذا هو شمس الدين فارس .. الفنان والإنسان صاحب الحس الوطني، كما عرفته خلال ما طرحه في جدارياته وأعماله الزيتية فتمكن من أستطاع أن يكون له رؤية خاصة .
ان المتتبع لأعمال الفنان الشهيد «فارس « يجدها تصل إلى المتلقين ببساطة، فيدرك ما يقصده وتشير إلى ارتباطاته بالواقع الاجتماعي والسياسي والتاريخي ، نراه يحاول أن يمنحنها أبعادا إنسانية أخرى ، تحمل في مكنوناتها الدليل الواضح لما يجري في واقعنا الذي يعيشه إنساننا من خلال توظيف إيقاعها اللوني وتكنيكها الجيد، لقد حقق « شمس الدين « في هذا المجال قفزات رائعة خاصة مهاراته التكنيكية في اللون والتصميم ، واهتمامه بالوطن والإنسان وشغفه بهما ولكونها الهم الأول عنده ، هذا ماظهر لنا في انتاجاته التشكيلية شكلا ومضمونا. ومن الجدير بالذكر ، أن الفنان شمس الدين فارس من مواليد المقدادية (1937- 1983 )، حصل على شهادة الدكتوراه – فلسفة علوم فن الجداريات – من كلية الفنون التطبيقية في موسكو ، أقام معرضا شخصيا لتصميم الصور الجدارية في بغداد ، شارك في معارض جمعية التشكيلين العراقيين داخل البلاد وخارجه، شارك في عدة معارض الشباب في موسكو ، له عدة بحوث فنية منها :دور الفن الجداري في حركة التحرير الوطني / سباكة المعادن في فنون وادي الرافدين / المنابع التاريخية للفن الجداري المعاصر / حاز على وسام شرف من كلية الفنون التطبيقية في موسكو /عضو جمعية التشكيليين العراقيين /عضو جماعة الواقعية / كان يعمل مدرسا في أكاديمية الفنون الجميلة قبل إعدامه في العام 1983/ له أربع قطع جدارية في مدينة « أدار» في القفقاس / له جداريتان في جامعة لوممبا .