في بر الوالدين
محمد علي شاحوذ
تسعون جاهدين لتحقيق رغباتكم وطموحاتكم وسط تحديات ومطبات الحياة, وتسابقون الزمن من اجل مصالحكم, وفي خضم هذا السعي المحموم تنسون, أو تتناسون أن لديكم أباء و أمهات تقع عليكم حتما مسؤولية رعايتهما, وتخدعون أنفسكم حينما تظنون ان الاحسان للناس يغنيكم عن الاحسان لوالديكم, وأن انشغالكم عنهم في وظائفكم واعمالكم يعفيكم من واجبكم الاخلاقي تجاههم, فلا عذر لكم في خدمتهم حتى وان كنت عالم ذرة أو (كنتِ ) وزيرة التربية والتعليم, فلا بر, ولا فضل تقدمه لأحد قبل والديك, ومن العار ان تتجاهلهما وتصد عنهما, وان من أوجب الواجبات في برهما ان تحفظ مواعيد أكلهم ونومهم, واسماء ادويتهم وعناوين اطباءهم, وان تجلس عند رؤوسهم واقدامهم وتخفف من آلامهم وأنينهم, دون كلل او ملل, وان تستمع لقصصهم المكررة مثلما تنصت بكل حواسك لحبيبتك القبيحة وهي تردد على مسامعك كل يوم ذات حكاياتها المملة دون ان تنزعج او تتذمر, وعليك ان تبحث عن كل ما يخفف عنهم حمل السنين ونكبات العمر وضيق العيش, لا ان تكتف بنشر (بوست) في احد مواقع التواصل تعظم فيه والديك وتتغنى باشتياقك لهما.
ايها الرجل... لا أقول لك: أمك, ثم امك, ثم امك, ولكنني أقول, ولو بالحد الأدنى, واظب في رعاية والديك وتلبية احتياجاتهما كمواظبتك المحمومة في رعاية زوجتك و تلبية متطلباتها, واحرص في التقرب منهما كحرصك المحموم في التقرب من عشيقتك البشعة الثرثارة, وأنتِ أيتها المرأة ... اِهْتَمِّي بوالديك كاهتمامك الكبير بتعليمات مديرك الأبله الغبي في الوظيفة, وخصصي وقتا لهما مثلما تخصصين وقتا ثابتا لازياءك وجوالك, ومن فضلكم جميعا تفقدوا اباءكم وامهاتكم, واجعلوهم كعبتكم التي تطوفون حولها, ولا تظنّوا أن حفنة الدنانير التي تمنحوها لهم بين شهر وأخر تعفيكم عن واجبكم الاخلاقي والانساني تجاههم, وكما يقول الكاتب انيس منصور( لا تصدقوا اباءكم وامهاتكم حين يقولون لكم لا نريد, انما يقولونها تعففا او مراعاة لظروفكم او خجلا, اعطوهم دون اذن او عرض أو طلب), وتفكروا في الشرف العظيم الذي ناله النبي يحيى بعدما خصه الله بأعظم المديح في القرآن الكريم, لا لأنه كثير الصلاة والصيام والعبادات, بل لأنه عظيم الاحسان بوالديه (( وبرًا بوالديه ولم يكن جبارًا عصيًا)), فهل تدركون وتتعظون أيها الغافلون والغافلات؟.