روسيا والشرق الأوسط على الطاولة
محادثات بين إيران والأوروبيين في جنيف حول البرنامج النووي
جنيف, (أ ف ب) - تجري في جنيف الجمعة محادثات بين إيران وألمانيا وفرنسا وبريطانيا لبحث البرنامج النووي الإيراني وروسيا والوضع في الشرق الأوسط، قبل أقل من شهرين من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.وعشية هذه المحادثات أعلن الدبلوماسي الأوروبي إنريكي مورا أنه أجرى في جنيف الخميس «مناقشة صريحة» مع مسؤولين إيرانيين هما مجيد تخت روانجي نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، وكاظم غريب آبادي نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية.وأوضح مورا الذي يشغل منصب نائب الأمين العام للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، على منصة إكس أن المناقشات تناولت «دعم إيران العسكري لروسيا الذي يجب أن يتوقف، والمسألة النووية التي تحتاج حلا دبلوماسيا، والتوترات الإقليمية وحقوق الإنسان»، مؤكدا أنه «من المهم أن يتفادى جميع الأطراف التصعيد».من جانبه، اعتبر غريب آبادي أن أوروبا “لم تنجح في أن تكون لاعبا جديا» في المسألة النووية، بعدما قامت واشنطن في 2018 بمعاودة فرض عقوبات على طهران كان الأوروبيون يعارضونها.ودعا الجمعة عبر إكس الاتحاد الأوروبي إلى التخلي عن سلوك تعتبره طهران «غير مسؤول» بشأن مجموعة من القضايا الدولية، ولا سيما الحرب في أوكرانيا وفي قطاع غزة.وبعد اجتماع عُقد في نيويورك في أيلول/سبتمبر، أحيط اجتماع الجمعة بسرية تامة، إذ لم تُكشف أسماء المشاركين ولا المكان الذي سيجتمع فيه دبلوماسيو الدول الأربع.
جهة ثانية
ويُعقد الاجتماع على خلفية توترات شديدة في الشرق الأوسط بين إيران وحلفائها من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، وقبل أقل من شهرين من تولي ترامب مهام الرئاسة مجددا.وكان الرئيس الجمهوري اتبع خلال ولايته الأولى سياسة «الضغط الأقصى» على إيران.وبالنسبة إلى طهران، يتمثّل هدف محادثات الجمعة بتجنّب سيناريو «كارثة مزدوجة»، يمكن أن تواجه على إثره ضغوطا جديدة من ترامب والدول الأوروبية على حد سواء، بحسب المحلل السياسي مصطفى شير محمدي.فالقضية النووية الشائكة تقترن هذه المرة باتهامات غربية لإيران بتزويد الجيش الروسي طائرات بلا طيار متفجرة تستخدمها في حربها على أوكرانيا، وهو ما تنفيه طهران.وأكد شير محمدي أن “الأوروبيين ليسوا إلى جانب إيران».وتأمل إيران في تدوير الزوايا مع الأوروبيين، مع إبداء حزم في الوقت نفسه.
تحذير ايراني
وفي هذا السياق، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقابلة نشرتها صحيفة «غارديان» الخميس من أن إيران قد تتزود بالسلاح النووي إذا عاود الأوروبيون فرض عقوبات عليها.وتأخذ فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إلى جانب الولايات المتحدة على إيران عدم تعاونها في الملف النووي، كما تبنّى مجلس حكّام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يضم 35 بلدا قرارا في 21 تشرين الثاني/نوفمبر يدين إيران لعدم تعاونها.ووصفت طهران القرار بأنه “ذو دوافع سياسية»، وردت عليه بإعلان وضع أجهزة طرد مركزي «متطورة جديدة» مصممة لزيادة مخزونها من اليورانيوم المخصّب في الخدمة، من غير أن تحدد جدولا زمنيا لذلك.وأكدت الوكالة المكلفة مراقبة البرنامج النووي الإيراني، نية طهران نصب ستة آلاف جهاز طرد مركزي جديد لتخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة، وفق تقرير طي السرية حصلت عليه وكالة فرانس برس الجمعة.وجاء في التقرير أن «إيران أبلغت الوكالة» بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعي فوردو ونطنز بمعدل تخصيب يصل إلى 5 %، أي ما يزيد قليلا عن النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق الدولي لعام 2015 التي تبلغ 3,67 %.
فتوى المرشد
في المقابل، تؤكد طهران سلمية برنامجها وطابعه المدني. وتستند كذلك الى فتوى من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، يحرّم فيها استخدام أسلحة الدمار الشامل.وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الخميس تأكيد تصميمه على منع طهران من تطوير سلاح نووي. وقال في مقابلة تلفزيونية «سأفعل كل ما في وسعي لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي... سأسخّر كل القوى الممكنة» لذلك.وقال عراقجي الذي كان أبرز المفاوضين الإيرانيين في مباحثات الاتفاق النووي لعام 2015، لصحيفة غارديان «لا نية لدينا في تجاوز مستوى 60 في المئة حاليا، ونحن مصممون على ذلك في الوقت الراهن... اخترنا مسار التعاون بهدف الوصول الى حلّ لهذه المشكلة».
لكنه تحدث عن “نقاش يجري حاليا في إيران غالبا في صفوف النخب بشأن ما اذا كانت هذه السياسة خاطئة. لماذا؟ لأنها أثبتت أننا قمنا بكل ما طلبوه (الغربيون)، وعندما حان دورهم لرفع العقوبات، لم يحصل ذلك».وأضاف “لذلك ربما ثمة خطأ في سياستنا».
وحذّر من أنه في حال إعادة فرض العقوبات على إيران في مجلس الأمن الدولي، قد «يقتنع الجميع في إيران بأن عقيدتنا كانت خاطئة»، مضيفا «في حال حصول ذلك، أعتقد أن الجميع سيكون مقتنعا بأننا مضينا في الاتجاه الخاطئ، وعلينا تغيير المسار.
لذا اعتقد أنه في حال اعتماد (آلية) الزناد، قد نواجه أزمة».وتسمح “آلية الزناد» بإعادة فرض العقوبات الدولية في مجلس الأمن على طهران بحال مخالفتها الاتفاق النووي.وهدف الاتفاق الذي أبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى، لتخفيف العقوبات الغربية المفروضة على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي لمنعها من تطوير سلاح ذري.وانسحبت واشنطن أحاديا من الاتفاق عام 2018 في عهد ترامب وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران.
وردا على ذلك، خفضت طهران مستوى امتثالها له ورفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، وهو قريب من نسبة 90 في المئة التي يتطلبها تطوير قنبلة ذرية.