الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المثقفون الملائكة والمثقفون الشياطين

بواسطة azzaman

المثقفون الملائكة والمثقفون الشياطين

عبد المنعم حمندي

 

جميعهم يشتغلون  بمختلف أنواع الانتاج الفكري ، أو الأدبي ، وينتجون شتى المعالجات والتحليلات في صنوف المعرفة ، ولهم جمهرة من المتابعين والقراء ،

قد نجدهم في المجتمعات المدنية المطمئنة ، أو في أي مجتمع غير مستقر ، مثل مجتمعنا الذي عاش الحروب والأزمات والمنعطفات التاريخية والأيديولوجية عبر قرن كامل من التحولات ، والانقلابات السياسية ، في مجتمع نسيجه متنوع وتتعايش فيه أديان وطوائف وأعراق ، قبائل وطبقات ، مغالون ومعتدلون ، متنورون وجهلة ، أغنياء وفقراء ، وينتسب المثقفون الملائكة والمثقفون الشياطين لكل أولئك ،ويقبع تحت معاطفهم جيش من انصاف المثقفين وجماهير المتعلمين ،

وفي كل سلطة تحكم هذا المجتمع تجد ملائكة وشياطين حسب التنوع والاندماج في هذا السياق ، والمثقف النبيل من صنف الملائكة ، الملتزم أخلاقياً عادةً ما يكون ضعيفاً ومستلباً ، بسبب ضغط وأطماع الطبقة أو الزمرة الحاكمة وأحزابها السياسية الفاسدة والحكام  المتنفذين والمسيرين لسائر الشؤون العامة في ذلك المجتمع. فلا حول له ولا قوة ، ينفخ في قرية مثقوبة، يصرخ وينادي ولا من سميع له سوى الشرفاء القلّة في المجتمع.!

أما الشياطين من المثقفين الحواة فلهم المناصب والهبات والمكارم والأضواء ، ويسير خلفهم حشد من المطبلين والدعاة ، وخصوصاً عندما يتولى شؤون البلاد نظام يعتمد المحاصصة في الحكم ، ويكون لكل طرف حصة في توزيع المنافع والمغانم والمناصب ، فيرتقي هؤلاء الشياطين من المثقفين الحواة المنتسبين لأحزاب السلطة أعلى المواقع الإدارية والدبلوماسية والاعلامية والثقافية يتقاسمون في كل شيء ،  حسب  نفوذ قياداتهم الحزبية للرئاسات والسلطات العليا ، وتفرعاتها نزولاً إلى مناصب الوزراء ووكلاء الوزارات والمدراء ورؤساء المؤسسات واامنظمات والهيئات ، وفي كل مفصل لهم حظوة وسلطان .

ونسأل: “ أي مثقف وأية سلطة ؟  “

لكل سلطة زمرة من المثقفين، بعضهم مؤمن ببرنامجها ويتفانى من أجلها وينظّر لطروحاتها وينافح عنها بايمان مطلق وعقيدة ثابتة وهذا البعض ينطلق من الولاء للطائفة والأيديولوجية، وبعضهم لا يؤمن بغير الولاء للمال  والمكاسب ولذا تراه يجعل من الأسود أبيضا ومن التراب ذهبا ، ونطلق عليهم صفة المنافقين وألمتثاقفين الحواة وهؤلاء أخوان الشياطين

المثقف العضوي

أما العلاقة بين المثقف العضوي والسلطة

حسب تعريف المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي

،أن ما يميز المثقف، أنه بما يمتلكه من علم ومعرفة، يمثل حالة متقدمة في الوعي، ضمن المجتمع الذي يعيش فيه. إن وعيه المتقدم على أفراد مجتمعه، يحمله باستمرار، مسؤولية تاريخية، تتمثل في الإسهام، في تجديد الفكر، بما يخدم مشروع التقدم والنهضة في بلاده.”

ذلك يعني أن دور المثقف هو عدم الانكفاء، والجلوس في الأبراج العالية، بعيداً عن مجتمعه ,و في الغالب  تكون علاقته متوتر مع السلطة ، صدامية وعدائية على الدوام وهؤلاء نطلق عليهم صفة الملائكة ،  فواحدهم يمثل  الضمير ولسان المظلومين والاغلبية الصامتة.

  أنَّ النظر إلى جدلية العلاقة بين المثقف العضوي والسلطة الحاكمة يفترض أن تخضع إلى تقييم مختلف عن الفهم السابق ، فالمثقف الحقيقي معارض دائماً لا يعرف المناورة والمساومة على حساب الثوابت الوطنية والانسانية ،وملتزم من الناحية القيمية والأخلاقية

، ولا يخضغ لأي سلطة “ فاسدة “ و “ ظالمة “  مهما كثرت المغريات أو ازداد الضغط والاضطهاد.

 فهو دائماً شخص شريف و مستقيم ونزيه ومجرد عن الأهواء والمزاج الذاتي والمصالح  الخاصة ، سواء كانت تلك المصالح أو الأغراض مادية أو سياسية أو ايديولوجية ،

وهذا النموذج يصنف من فصيلة الرسل الهداة المصلحين ،فكم يوجد في زماننا منهم؟ 

ملائكة في إهاب بشر.!

 


مشاهدات 282
الكاتب عبد المنعم حمندي
أضيف 2024/11/16 - 12:26 AM
آخر تحديث 2024/11/21 - 11:45 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 221 الشهر 8925 الكلي 10052069
الوقت الآن
الخميس 2024/11/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير