لورنس نادر يوثق جانباً معتماً من تاريخ هكاري
كتاب يحدّد إنتقال الآشوريين من مناطق داخل حدود الدولة العثمانية
الموصل – سامر الياس سعيد
اصدر الباحث والاكاديمي لورنس نادر مخو مؤخرا كتابا حمل عنوان اشوريي هكاري في العراق عبر دراسة تاريخية امتدت بين اعوام 1933 ولغاية 1988 اضاء فيها الكاتب عددا من المحطات التي مرت بها تلك المكونات عبر انتقالها بين حدود الدولة العثمانية التي كانت سائدة في تلك الحقبة بينما عدها العراقيون غرباء عن مجتمعاتهم حيث ظهرت مثل تلك التشخيصات في الادبيات العراقية فضلا عن نظرة المجتمع العراقي لهم ، عن الكتاب والواقع الذي مر به اشوريو هكاري طيلة تلك الاعوام التقت (الزمان ) الكاتب في حوار مفصل اليكم تفاصيله :
تمتد الفترة التي اضأت فيها لواقع اشوريو هكاري في العراق لعقود طويلة فما هي المصادر التي ارتكزت عليها دراستك لهذا الواقع؟
- تم التركيز على مجموعة كبيرة ومختلفة من المصادر، وأهمها سجلات “المكتب الاستعماري البريطاني” (Colonial Office) الذي كان من الجهات السياسية المختصة بتوطين الآشوريين. كما تم الاعتماد على سجلات “وزارة الخارجية البريطانية” (Foreign Office) و”سجلات دائرة الهند” (India Office Record)، والتي كانت مهتمة بالقضية الآشورية. بالإضافة إلى ملفات البلاط الملكي التي لا تقل أهمية عن ما سبق، حيث كان للبلاط دورٌ في متابعة المسألة الآشورية وكان من الجهات المؤثرة في صنع القرار في العراق.كما تم الاعتماد على عدد كبير من الوثائق البريطانية المنشورة، ومذكرات مجموعة من الساسة والدبلوماسيين البريطانيين، بالإضافة إلى مذكرات القادة الآشوريين المعاصرين لتلك الفترة، مثل يعقوب مالك إسماعيل ومالك لوكو، ومذكرات غير منشورة للكاتب والمربي الآشوري يوسف ونمرود كانون.إلى جانب ذلك، تم الاستناد إلى مجموعة من الكتب الأكاديمية، مثل كتاب المؤرخ الروسي-الآشوري ماتفيف بعنوان “الآشوريون والمسألة الآشورية في العصر الحديث”، وكتب الدكتور سركون دونابيد والدكتور روبين بيث شموئيل. كما تم الاعتماد على منشورات الأحزاب والتنظيمات والمؤسسات والصحف الآشورية الصادرة في تلك الفترة. وكان للمقابلات الشخصية دورٌ مهمٌ أيضًا، حيث ألقت الضوء على بعض المسائل التاريخية التي لم تتطرق إليها المصادر.
محطات زاخرة
تنوعت المصادر وتباينت فما هي ابرز المصادر التي بينت واقع اشوريي هكاري ومدى تاقلمهم مع اجواء العراق في ظل الكثير من المحطات الزاخرة بالانقلابات السياسية والحروب؟
-أبرز المصادر التي تناولت واقع آشوريي هكاري ومدى تأقلمهم مع أجواء العراق، في ظل محطات عديدة من الاضطرابات السياسية والانقلابات. منها الملف الذي جمعهُ(B.Destani) الذي نشر في عشرة مجلدات وثائقية بعد جمع مجموعة كبرى من الوثائق البريطانية عن (الأقليات المسيحية 1880-1951- Christian Minorities)، ضمن هذه المجلدات اثنان منهم المجلد(6 و7) عن الآشوريين منذ 1880 إلى1951. كذلك عشرة مجلدات وثائقية بريطانية أخرى ومختصة عن العراق جمعهم كل من(Alan de L. Rush & jane Priest land)المعنون (سجلات العراق 1914-1966 -Records of Iraq 1914-1966). هذه السجلات وثقت المواقف والسياسات البريطانية تجاه الآشوريين وسعيها للتأثير في أوضاعهم. وكتاب كتاب «نكبة سميل» للمؤلف عوديشو ملكو، ومذكرات غير منشورة السيد يوسف نمرود كانون، بالإضافة إلى ذلك، تضمنت مقابلات 'القادة الآشوريين المعاصرين، مثل يوسف نمرود كانون، والقس شليمون توما، ويونادم يوسف كنا، وكوركيس ترخان.كما ساهمت الكتب الاكاديمية، مثل كتاب الدكتورة الدا بنيامين «الاشوريون في العراق الحديث: التفاوض على الفراغ السياسي والثقافي، وكتاب الدكتور سركون دونابيد «اعادة الصياغة التاريخ المنسي للاشوريين في العراق»، في تحليل الجوانب الثقافية والاجتماعية للتأقلم، وأبرزت التحديات التي واجهها آشوريو هكاري في بيئة العراق السياسية المعقدة.
ماهي انعكاسات استقرار اشوريي هكاري في العراق وماهي المناطق التي ابرزت تواجداً كثيفاً من جانبهم وما هي البيئة التي استطعت اضاءتها من خلال هذ التواجد والاستقرار؟
- كان لاستقرار آشوريي هكاري في العراق العديد من الانعكاسات المهمة على الصعيدين الاجتماعي والثقافي. فقد أسهم تواجدهم في تعزيز التنوع الثقافي والديني في المناطق التي استقروا فيها، حيث جلبوا معهم عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم الخاصة. وتميز هذا التواجد الكثيف في مناطق مثل لواء الموصل (دهوك، زاخو، العمادية، والعقرة)، والقرى الآشوريك في لواء أربيل، وكذلك في بعض أحياء بغداد والبصرة وكركوك ونينوى والحبانية.وانعكس هذا التواجد في بناء المدارس والمؤسسات الثقافية واصدار الصحف التي تعنى باللغة والثقافة الآشورية، مما عزز ارتباط الآشوريين بهويتهم. كما أسهمت نشاطاتهم الثقافية والدينية في إثراء المشهد الثقافي المحلي وخلق تفاعل مع بقية المكونات العراقية، على الرغم من أنهم كانوا يُعتبرون غرباء من قبل العراقيين، جاءوا من خارج البلاد. إلا أن الحقيقة هي أنهم قدموا من ولاية هكاري، إحدى ولايات الدولة العثمانية آنذاك، شأنها شأن ولايات الموصل وبغداد والبصرة، أي أنهم انتقلوا داخل حدود الدولة العثمانية. كما أن أصول العديد من تلك العوائل تعود إلى هذه المناطق، وكانوا قد هاجروا سابقًا إلى جبال هكاري الصعبة بسبب الأوضاع السياسية. ووجود مئات القرى الاشورية الاخرى في هذه المنقطة. وللاسف الشديد مازالت هذه الافكار الرائجة لدى فئة كبيرة من المجتمع العراقي وكذلك في بعض من الادبيات العراقية.
دراسات سابقة
هل واجهت معوقات وتحديات في سبيل اصدارك لهذا الكتاب ؟
- عدم وجود المصادر عن الدراسة كانت من ابرز المعوقات التي واجهتها، كون اغلب الدراسات السابقة عن الاشوريين حتى سنة 1933، وبعدها تتكتم المصادر.كما تطلب البحث على المصادر وخصوصاً الوثائق، وقتًا وجهدًا كبيرين لتحليلها وترجمتها، نظرًا لأنها مكتوبة بلغات مختلفة وتحتاج إلى دقة عالية في الترجمة والتفسير.بالإضافة إلى ذلك، واجهت تحديات لوجستية في جمع الشهادات الشفوية من الأشخاص المعاصرين للأحداث أو من أبناء الجيل الثاني، حيث يعيش العديد منهم في مناطق متفرقة، سواء خارج البلد أو بسبب تقدمهم في العمر، مما جعل الوصول إليهم بشكل مباشر أمرًا صعبًا.
ما هي الرسالة التي يمكن ان تمررها من خلال هذا الاصدار ؟
- الرسالة التي أود تمريرها من خلال هذا الإصدار هي تسليط الضوء على جانب مهم من تاريخ الآشوريين، وتجربتهم في التكيف والاستقرار داخل العراق في ظل ظروف سياسية واجتماعية صعبة. خصوصاً بعد احداث سميل والتي كانت بمثابة انعطاف تاريخي لهم، حيث بدأوا حياتهم السياسية والثقافية بصورة سرية، أهدف إلى توثيق هذه المرحلة التاريخية بدقة وإبراز معاناتهم وصمودهم، بالإضافة إلى مساهماتهم في المجتمع العراقي.كما أطمح إلى تعزيز الوعي بأهمية التنوع الثقافي والديني، وتقدير الدور الذي لعبه الآشوريون في إثراء التراث العراقي. أتمنى أن يكون هذا الإصدار مرجعًا للأجيال القادمة، ومصدر إلهام للاعتزاز بالهوية والتاريخ، ورسالة للتعايش والتفاهم بين مختلف المكونات العراقية. وضرورة احترام هذا المكون وخصوصاً في المادة 125 من دستور العراق.
هل تعتقد بان الحاجة ملحة لانشاء مراكز اكاديمية بحثية لتكثيف الدراسات والبحوث التي توثق وتؤرشف واقع الاشوريين في العالم ومحطات تواجدهم في المجتمعات الاخرى ؟
- نعم، بالتأكيد. من ضرورة وجود المراكز الاكاديمية لتوثيق تاريخ هذا المكون بصورة اكاديمية وعلمية دقيقة، وتوثق مختلف جوانب حياتهم في العراق وخارجه.