تراجع الهيبة

جبار فريح شريدة

الهيبة مَظْهَر يُوحي بالوَقار. لذلك لا يليق بصاحب الهيبة والوقار والمقدام أن ينبري من دون دراية للتصدي والتحدي الذي لا تحسب عواقبه، لأنه حينذاك سيوصف بأنه خلط الهيبة بالرعونة والحُمق.

وكم من له هيبة وقع في هذه المكيدة ، أستطيع القول إنهم كثيرون ممن كانوا مُهابين لهم السطوة والغلبة والحضور المُثير في القيادة والتأثير الكاريزمي، ولكنهم سقطوا في خداع الناس لهم، فحولوهم من قادة مُهابين إلى معتوهين نرجسيين يذكرهم التاريخ والمجتمع، مرة بتأسٍ عليهم، وأخرى بالنقمة منهم. ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﻧﺴﻤﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﻬﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﺑﺔ .

الانحرافات التي مر بها المجتمع العراقي بشكل عام جعل من تربوا صح في زاوية ضيقة ومحصورة ما بين الحياة والموت ,بالمقابل اعطى اولوية لكل منحرف وسارق سياسياً واقتصادياً واجتماعيا ,اذا هي نتيجة ثقافة مجتمع بالية ومتعجرفة ,فذهاب هيبة المعلم امام التلاميذ والضابط امام الجنود والطبيب امام المرضى وشرطي المرور امام الماره ,واعطاء قيمة للتوافه فذهاب المنحرفون وسراق المال العام  للحج بيت الله الحرام ما هو الا تعويض او البحث عن الجاه بغض النظر من اين جاء ولو على حساب الحق ,تبرير المناصب السيادية  هو بحد ذاته تشويه لهيبة الدولة  الهيبة تراجعت كثيراً عندما تدخلت الحكومة بشؤون تنصيب شيخ العشيرة فشيوخ مشايخ زمن التسعينات كانت احدى مهازل الحصار الجائر .

والثقافة العشائرية تعطي اولوية لمن يرتدي الزي العربي بغض النظر عن ماضي شخصيته وان كان حافي القدمين المهم  عندما يرتدي الزي العربي  يظهر بالوسامة عندها يتصدر الديوان .

وبعد 2003 وتاسيس الاحزاب واطلاق حريتها بالتوسع ذهبت الهيبة الى مزبلة التاريخ مثلما ذهب قادة النظام السابق , فضمت الاحزاب الى عناصرها من هب ودب ,نجد المتملقون والمتسلقون في اورقة مكاتبهم يسرحون ويمرحون ,هذا من جهة .

ومن جهة اخرى نسمع ان فلان من الناس قد حصل على شهادة الدكتوراه وهو لم يتلقى اية تعليم في حياته وان فلان قد ترفع برتبة عسكرية وهو لم يرى بحياته الخدمة العسكرية ,انحدار القيم نحو الاسوء وانشار الكذب والغش والخداع وفقدن الثقة جعل فقدان الهيبة امر مضحك ومفاجئ امام من تربى على  المنظومة القيمية العربية والاسلامية الاصيلة ,فلم تبقى هيبة  لرموز البلد .