المتنبي يترجل طمعاً بطبق دولمه ومحلّلون بشواحن
عادل سعد
•قد يسرك الوقت في بغداد للوصول بأتجاه شارع المتنبي يوم الجمعة بعد ان تكون قد ألزمت معدتك بوجبة كباب غير مغشوش ، أو صحن حساء عدس يشكو كثرة الملح ، أو كرة من الكبة المسلوقة بمرق الفلفل الحار ، أو طبق دولمة على الماشي وتلك وجبة اخذت تغزو مجمع المكتبات في شارع المتنبي بتحدْ سافرٍ يستقطب المزيد من الرواد رغم كل ما قالته الميثولوجيا التركية (الدولمة أكلة مشبوهة تم َّ لفها لأخفاء عيوبها).
مشهد ملتبس
• بعد أن تكون شهيتك الصباحية قد توارت لابد ان تكون أمام مشهد ملتبس من الافراح الصغيرة البائسة التي لا تستطيع إيجادها إلا أن تكون امام أنتظارات الشاعر بايرون (لا أعشق الخادمة بانتظار ان تتوفر السيدة) ،وعندما تكون فرصة اطلالة السيدات ضئيلةً جداً فما عليك إلا أن ترضى بما تراه على قارعة المتنبي من نياشين وأوثان تتنفس ،بعضها على ايقاعاتٍ فائضةٍ عن الحاجة واخرى تتواصل هرمونيا ، لكنها تعاني الانزواء عنوةً.
•هناك من لا يريد ان يخرج من ظل دمية كورية ذات شاحن مسنن برذاذ قنوات فضائية ليس لها من مهمة سوى تلويث العقول بخلطات مضللة،
• الحوارات الجاهزة الاكثر انتشاراً في مداولات رواد المتنبي تثير الريبة إن لم تثر الاشمئزاز بشأن قيمتها الموضوعية ، بمعنى مضاف ، رؤى شخصية أعمدتها الندب على الحظوظ العاثرة بوزن (كل من لاقيت يشكو دهره – ليت شعري هذه الدنيا لمن) ، وبعضها مستنسخة طبق الاصل من مصادر متورطة بمناظرات بيع الذمم والتسطير المتكرر تعميماً للعوز المعرفي وتصنيع الجزع .
• في ممر شارع المتنبي ، أو في مقهيي الشابندر وحافظ ،هناك روايات قيد الانشاء والانشطار عن اخر صيحات الفساد ونجومه المرصعين بالابتسامات الودودة ،عن الذاكرات المتعففة التي ارتفعت احتجاجا على التعفن، أو التسلي بالنميمة والنهش والإصرار على التلفيق المبرمج ، والحديث عن فحولات
الزمن الغابر، وطلاءات سطوح بشرية أخفاءً لعيوب ، وانتشال قصص قديمة من دون اية عناية بآليات التنقيب .
منطق متوازن
•قد يكون ليس لبعضهم الوقت الكافي من اجل تتبع مصادر الحقائق ،المشكلة انهم يجتهدون بعيداً عن المنطق المتوزان ،اقصد المنطق الذي يسعى الى تفكيك ما يجري ،إن كان لأغراض الكشف المشروع ،أو انصياعاً لوباء نزعات التشكيك والافتراء التي ضربت الرأي العام لنشر الاحباط وتأصيل الخوف واليأس وتلك وظيفة على درجة من الوضاعة المبيتة .
•البعض يطرحون أنفسهم منفتحين على الرأي الاخر ، لكن لا طائلة تحت هذا الانفتاح بأصرارهم على الشتيمة والتلذذ بالنكايات .
•لقد خضت مناقشات عديدة لأصلاح (ذات البين )التي اصابت الوعي غير أن رخص العروض دفعني الى النأي من الاشتباك مع السذاجة .
•هناك الان العديد من الأدلة عن تورط اللسنة سياسية وثقافية مضللة ترسيخاً للجهل باصرار شهود تقليديين لا يعترفوا بما تسجله كامرات المراقبة رغم قيمتها الوثائقية لذلك لاغرابة ان يزدحم الشارع العتيد بمحللين يطرحون أنفسهم اختصاص في القضايا الساخنة بما يتمنون ان يقع ، ليس لديهم سوى النغز والمداعبات الطائفية وعمى الخوض بأسباب دماء غزة ولبنان ، والحرب بين روسيا واوكرانية وافتراش أمتداح أو أدانة أجتهادات الثعلب الامريكي الاوربي في رغبتهما المشتركة ،(أن تقاتل كييف الى اخر جندي اوكراني )
•بخلاصة استنتاجية أضافية أغلب محللي المتنبي و مقهيي حافظ والشابندر يتناولون العلكة بشهية وجبة كاملة الدسم وتلك هي المفارقة
•في شارع المتنبي ايضا دكان أو دكانين لبيع الانساب لمن تقطعت بهم الارادة الشخصية فهاموا يبحثون عن ورم عشائري يتعكزون عليه
•بخلاصة أخرى، في شارع المتنبي الان غزارة من مكونات الفلكلور العراقي الحديث ، أعني المشهد المتصدر ، كراريس الكلمات المتقاطعة تستغرق بالضحك استهزاءً على الكساد الذي اصاب كتب المعرفة الذهنية .