المملكة الهاشمية بعيون عراقية
عبد السلام السامرائي
هنا بين أولادي… وأطفالهم معي
بكيت فسالت نحو عمان أدمعي!
وكنت أرى في الكون بغداد وحَدها
رويداً على عمّان أطبقتَ أضلُعي!
في حنين الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد إلى الأردن الشقيق، ومقطوعة من حنين الراحل -عبدالواحد-؛ لاسيما بعد أن حلّ التفاعل بين بغداد وعمان، بعد التفاعل والتعاون على أساس المصالح الوطنية المشتركة، وعلى أساس العلاقات الأسرية التاريخية «الأسرة الهاشمية الواحدة» بين البلدين في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية والتي تطورت منذ تأسيس إمارة شرق الأردن 'الأردن فيما بعد' عام 1921م، مرحلة حكم الأمير 'لاحقا الملك' عبدالله الاول بن الحسين وبداية العلاقات بين شرق الأردن والعراق بقيادة الملك فيصل الاول بن الحسين.
تميزت سياسات الملكين الشقيقين أبناء الشريف الحسين بن علي الخارجية بالبعد القومي المنطلق من الفكر الهاشمي الحريص على وحدة الأمة العربية وصيانة حقوقها، حيث سعى الطرفان إلى تطبيق أفكارهم القومية في وحدة الأمة العربية *مشروع سورية الطبيعية وقد أيد الملك فيصل استقلال حكومة شرق الاردن، الذي اعلنته بريطانيا عام 1923م. وفيما يتعلق بالحدود، فقد اتّفق الطرفان على ترسيمها لتصبح حدوداً دولية معترفاً بها.
وبعد وفاة الملك فيصل في أيلول عام 1933م، حاول الأمير عبدالله ان يوجد نوعاً من التحالف بين العراق وشرق الاردن، لكن تلك المحاولات اصطدمت بالرفض البريطاني من جهة والرفض العربي 'مصر والسعودية' من جهة أخرى، وفي اوائل عام 1945م حدث تقارب بين البلدين الهاشميين، بحثت على إثره إمكانية توحيد القطرين، إلا أن المشروع لم ينجح بسبب عدم تأييد جامعة الدول العربية له خشية انقسام دول الجامعة؛ لذلك استبدل المشروع بمعاهدة تحالف وأخوة تم التوقيع عليها في الرابع عشر من نيسان 1947م، وعلى رغم ماحدث في 14 تموز 1958 بمجزرة دامية جرت أحداثها في قصر الرحاب في بغداد، استطاع زعيما تنظيم الضباط الأحرار عبدالسلام عارف، وعبدالكريم قاسم الإطاحة بالحكم الملكي العراقي وإعلان تأسيس الجمهورية، بعد قتل جميع أفراد العائلة المالكة، الا ان مساعي عبدالكريم قاسم بتمزيق لحمة هذا البلدين بائت بالفشل.
روابط عميقة
اذ ان العلاقة بين الشعبين العراقي والأردني نموذجًا للتداخل الثقافي والاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط تاريخيًا، تجمع بينهما روابط عميقة أثرت على هويتهما المشتركة، مما جعل الألفة بين الشعبين تتجاوز الحدود الجغرافية
ويشتركان في اللغة العربية والدين الإسلامي، مما سهل التفاهم والتواصل بين الشعبين. اذ تعد اللغة وسيلة رئيسية لنقل العادات والتقاليد، بينما يجمع الدين بين قلوب الناس ويعزز من قيم التعاون والمحبة.
وفي السنوات السابقة، شهدت العلاقات الاجتماعية بين الشعبين تطورًا ملحوظًا، خلال الأزمات السياسية، لجأ العديد من العراقيين إلى الأردن، مما شكل مجتمع متنوع، وتزايدت الروابط الأسرية والصداقات بين العائلات من كلا البلدين، مما يعكس الألفة الحقيقية والواضحة، ما يجعل العراقي الذي يزور عمان وبقية المحافظات يشعر انه في بيت ثان له، وهذا عمق وصدق الروح الواحدة بين البلدين، وان تعددت الاجساد.
*(مشروع سورية الطبيعية او مشروع الهلال الخصيب: هو مشروع ظهر في عام 1943 لتحقيق وحدة أقطار المشرق العربي، حظيت الفكرة بدعم نوري السعيد رئيس وزراء المملكة العراقية التي قدمها إلى السلطات البريطانية عندما شعر العرب بضعف فرنسا القوة المستعمرة في سوريا التي سعت دومًا إلى الهيمنة على المنطقة وتقسيمها إلى دويلات.)