مكوّن بلا قيادة
سنان السعدي
الكل يعلم ان العراق بلد المكونات سواء كانت قومية اومذهبية اودينية ، ذلك التعدد الذي يراه البعض ظاهرة سلبية تفرق ولا تجمع، لكن هذا هو الواقع الحال، لذا علينا النظر الى النصف الممتلئ من الكأس، ونقول ان التنوع هو نعمة وليس نقمة كونه يؤدي الى التنافس الايجابي بين المكونات، فضلا عن تعدد الثقافات التي ينتج عنها مجتمع فسيفائي متنوع في الوقت نفسة، لكن من المؤسف والمؤلم ان هذه المكونات قد تم تحويلها بعد عام 2003 من مكونات قومية ودينية ومذهبية الى مكونات سياسية، والسبب في ذلك ان القوى السياسية التي تصدرت المشهد السياسي بعد عام 2003. لم تجد حاضنة شعبية لها عندما قدمت للعراق ولاسباب عده منها: انها فقيرة من الناحية الفكرية، او انها تفتقد للبرنامج السياسي الحقيقي العميق الذي يمس المجتمع ويلبي احتياجاته. او قوى سياسية تمتلك نظرية او برنامج سياسي اكل عليها الدهر وشرب، واخرى تفتقد للهوية الوطنية انكشف زيفها. مما دفع هذه القوى والاحزاب الى العمل بجد من اجل استغلال المكونات العراقية لتحقيق رغباتها على حساب الوطن وترسيخ نفوذها.
طغى على الساحة السياسية العراقية ثلاث مكونات اساسية وهي ( الشيعة، السنة، الكورد )، نجح المكون الشيعي في انتاج قيادات ثابته او شبه ثابته بسبب وجود شخصيات تحمل موروث اما ديني او قيادي، وبعضها نجحت في انتاج نفسها سواء كان ذلك بالاسود او الابيض ؟.
اما الكورد فهم يختلفون عن سابقيهم فقياداتهم كانت جاهزة وتحظى بموروث تاريخي والمتمثلة بالسيدين مسعود برزاني وجلال طالباني، والمدعمين بقاعدة شعبية وعلاقات دولية تاريخية.
قيادة تاريخية
اما المكون السني بعد عام 2003، فهو يختلف عن المكونين السابقين، فقد اصبح بدون قيادة تاريخية بعد سقوط النظام السابق، وتبنيهم خيار المقاومة ومقاطعتهم للعملية السياسية التي ولدت من رحم غير طاهر وهو رحم المحتل.
اسست العملية السياسية بعد عام 2003 من مثلث طائفي واثني ومذهبي وهو المثلث (الشيعي، السني، الكوردي )، وذلك يعني ان غياب اي ضلع من اضلاع هذا المثلث يعني عدم المضي بالعملية السياسي كما مخطط لها. مما دفع الامريكان والقوى السياسية الشيعية بالمجيء برعاع السنة وصعاليكهم وتصديرهم بانهم ممثلين المكون السني وقادتهم، (بأستثناء بعض الشخصيات التي اشتركت في العملية السياسية آنذاك لتحقيق نوع من التوازن). الا ان السحر سرعان ما انقلب على الساحر، فبدأت بعض هذه الشخصيات بالتمرد على من جاء بهم وصدرهم الى المشهد السياسي كقادة للسنة.
قد يتساءل البعض من هو ذلك المكون الذي بلا قيادة، الجواب هو المكون السني، فالشارع والمزاج السني يختلف عن الشارعين والمزاجين الشيعي والكوردي، وما يميز ذلك الاختلاف هو ان السنة هم مستهلكين للقيادات على خلاف المكونات الاخرى، ويعود ذلك الى نشأت السنة الاجتماعية والسياسية قبل عام 2003، فضلا عن النشئه الدينية.
لكي تكون قائد عليك ان تحظى بقاعدة وحاضنة جماهيرية من المكون الذي تنتمي اليه، من اجل ان تفرض نفسك على شركائك من المكونات الاخرى
، وهذا ما لا يحظى به السياسي السني، وسبب ذلك ان من يطرح نفسه قائدا للسنة غير مرحب به من قبل مكونه لمتاجرته بقضايا اهله والتسلق على مصائبهم، فضلا عن اغلب سياسي السنة هم شيعة سياسيا، او يعملون مستخدمين لدى القوى السياسية الشيعية، مما افقدهم احترام مكونهم وهيبة شركائهم وهنا قد تصح مقولة “ مالك هيبة يل مالك شر “ ؟
على الشارع السني ان يبحث عن قيادات جديدة شابة ومقبولة لدى المكونات الاخرى، فضلا عن المقبولية الدولية من اجل اكمال اضلاع المثلث السياسي في العراق، علما ان الساحة السياسية السنية تحفل بمجموعة طيبة من الشخصيات التي يمكن تصدريها للقيادة مثل النائب سالم العيساوي، النائب محمود القيسي، والدكتور مصطفى الكبيسي الذي انشق عن السيد الخنجر، والذي ارى افول نجمة قد بات قريبا، حالة حال من سبقه. والله المستعان .