حرب لبنان .. هناك ما هو أسوأ
فاتح عبدالسلام
الجامعة العربية كأنها في كل مرة تنتحر عندما تندلع حروب وأزمات كبرى في أجزاء من بلاد العرب.
هناك مَن يتهمها بأنها صوت القاهرة المزدوج، وما دام صوت مصر بعيداً عن الحرب المشتعلة في لبنان فإنّ الجامعة العربية تبقى كذلك بعيدة.
هناك “اشتغالات” ثنائية تخص الحرب في لبنان في المحيط العربي او الإقليمي وهذا ما يجب ان يتعمق ويتسارع من اجل الوصول الى وقف فوري للحرب مادام انّ هناك “تراجعا” في الشعارات و”قبولا” لوقف النار، ولنتجاوز الان ولو مؤقتاً النظر الى الأسباب في توريط “حزب الله” للبنان كله في حرب غير متكافئة في هذا التوقيت الذي يثير الاستغراب بعد أن أصبحت جبهة غزة رماداً.
دبلوماسي عربي قال انّ وقف إطلاق النار ليس حلا دائمياً، وانّما المطلوب هو وقف المنهج العام في وجود دولتين داخل لبنان، دولة اسمية ودولة فعلية. وأضاف محدّثي انّ العرب يراجعون تجاربهم مع لبنان خلال العقود الماضية، وانهم يعون الدروس جيدا، و لن يندفعوا الى التعامل مع لبنان بشكل كامل المساندة إلا اذا كان دولة واحدة لها سيادة في قرارها الوطني وعدم ارتباط أي جزء منها بمحور إقليمي تقوده ايران التي لها أجندتها الخاصة بها في النهاية، حين ندع الشعارات العاطفية جانباً.
يبدو انّ دعوات من هنا وهناك، قريبة من ذلك المحور، لا تزال تحت سقف خجول، تنادي بضرورة عودة لبنان الى الحضن العربي مجددا، لكن هؤلاء لا يقرأون الخارطة السياسية والاقليمية جيدا، ولا يدركون ان العرب انفسهم تغيرت اولوياتهم جذريا، ولم يستطع دعاة العودة الى الحضن حتى الان التخلص من المنظار الإيراني، لذلك من الصعب ان تكون هناك وقفة عربية كما كانت عندما واجه لبنان حرب 2006.
وبرغم ذلك يبقى لبنان دولة عربية على الخارطة الرسمية، لابد من منع انزلاقها الى ما هو أسوأ من الحرب الإسرائيلية، اذ ان المخاطر الداخلية تحيط جمهور حزب الله الذي لم يستطع بعد اجتياز العتبة ولو بالتفكير للتحول الى حزب “سياسي” كبقية الأحزاب وأن يناط واجب الدفاع عن البلد الى الدولة اللبنانية ويشترك ذلك الحزب مع الاخرين في تلك المهمة من موقعه اللبناني وليس «المحوري» الايراني. والأسوأ من الحرب الإسرائيلية هي الحرب الاهلية التي ينفخ بعضهم في أبواقها تحت عفاود داخلية واخرى ترجع الى ضغوط الازمة السورية التي كان حزب الله لاعباً ميدانياً حربياً أساساً فيها سنوات عديدة.
إنّ اللبنانيين في الجنوب والضاحية لم تسقط عنهم الجنسية بسبب ولائهم الفعلي أو الشكلي أو الاضطراري لحزب قادهم الى حرب كبرى ماحقة تحت تأثيرات خارجية، لذلك يجب احتضان جميع اللبنانيين المحطمين في هذه الحرب الدامية، وهذا وقت مستحق للكشف عن حقيقة الروابط الوطنية لمكونات الشعب الواحد خارج التنميط الحزبي والانقسام السياسي.