أنا و(الزمان) وهواك
علي السوداني
حدث هذا في أوشال السنة ألف وتسعمائة وستة وتسعون بعمّان، وعلى مائدة الشاعر عبد الوهاب البياتي وكرسيه النابت الثابت الصاخب والخفيض أيضاً بغاليري الفينيق الشهير .
كان الحديث حول خبر أتى به أحد مريدي أبي علي الثقاة ، عن نية الصحفي المعروف والقاص الذي أكله ورق الصحافة المبدعة والخلاقة تالياً سعد البزاز ، لإصدار جريدة سماها الزمان وأصر على التسمية رغم بعض المقترحات ولم يبدله كما فعل مرات بشكل الجريدة وتصاميمها وعلامتها التي بدأت تنمو في ظل عقلية إعلامية مبدعة مبتكرة ما زلت أحسبها الأفضل في تأريخ مهنة المتاعب والقهر والسجن ببلاد ما بين القهرين العظيمين .
بعد أيام بعدد أصابع اليدين ، بدأ العمل الأولي وكان يسوده الشغف والبهجة والحلم بولادة جريدة مختلفة عن تلك التي كانت أيام المعترضة والصوت العالي الذي ثلم من جرف الفن والتأثير ، لصالح الهتاف واليومي السريع الزائل بعد هبة هواء وهوى ، فكانت المولودة ليست صحيفة بالمعنى الشائع ، بل خلطة من سياسة وفن وأدب وكتب وأحلام ظل بعضها مؤجلاً حتى حين من زمان لم يطل كثيراً .
كتبت في عددها الأول وما زلت على نفس الحال حتى الآن ، وسأكون سعيداً إن تيقنت من أنني أقدم الكاتبين فيها والذين لم ينقطعوا عنها حتى هذا المساء الذي أبلغني فيه صديقي الجميل فاتح عبد السلام ، بأنهم سيحتفون بمناسبة صدور العدد رقم ثمانية آلاف ، وعلى شيء من عجالة كتبتُ ، والكتابة هنا قد تكون ورقة وحيدة مستلة من ذاكرة عمرها مجلدات حرثتها في سنوات طوال معتقات مرارتها لذيذة مثل قهوة الجد.