الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ما الذي أتى به اكتوبر؟

بواسطة azzaman

ما الذي أتى به اكتوبر؟

مصطفى حمزة المرسومي

 

شهور العرب في الجاهلية خمسة، وهن الأشهر الحرم وقد ذاع صيتهنَّ كثيراً حيث يتوقف فيهنَّ القتال وتحقن الدماء ويذهب الناس للحج. وتلك الأشهر الحرم كانت تستثمر ايضاً لعقد التحالفات والصلح بين المتخاصمين. اما في التاريخ المعاصر للعرب، فأيضاً لدينا خمسة اشهر معروفة، ولكن ليست حرماً، بل ارتبطت اسمائهن بتحولات عربية مهمة في تاريخنا وهن كانون الاول يناير وقد ارتبط بالربيع العربي تحديدا الثورة المصرية واسقاط نظام حسني مبارك، مايو او ايار وهو يذكرنا بذكرى اليمة التي جرَّت علينا كل الويلات بعدها أعني عام النكبة 1948، وحزيران 1967 حيث ما يسمى بـ «النكسة» وكذلك حرب لبنان 1982 التي استمرت الى مشارف ايلول الذي بدوره هو احد أشهر التحولات العربية حيث يذكرنا بـ «ايلول الأسود «، والمفارقة أن احداث ايلول الاسود 1970 - 1971 قد أنتجت فيما بعد حرب لبنان في حزيران 1982. وآخرها واشهرها هو اكتوبر الذي فيه انتصرت مصر على الكيان الصهيوني في حرب يوم السادس من اكتوبر 1973 وأفضت فيما بعد الى اتفاقية كامب ديفيد في السابع عشر من «ايلول» 1978 معلنةً انتهاء حالة الحرب مع اسرائيل وتطبيع العلاقات. وبعد مضي خمسين عام على حرب اكتوبر، وباختلاف يوم واحد فقط، دخلت حماس حرباً مفتوحة مع الكيان الصهيوني مستمرة الى هذه اللحظة. لم يخض الكيان الصهيوني حرباً طويلةً مثل هذه الحرب الدائرة رحاها في غزة وتتناثر شظاياها في لبنان، سوريا، العراق، اليمن، وايران.  وبالمقارنة مع حرب اكتوبر 1973، فقد اشتركت بعض الدول العربية رسميا في الحرب مثل سوريا والعراق والجزائر والاردن، وسرعان ما تدارك الامريكان والسوفييت خطورة استمرار حرب مثل هذه حتى حدثت ثغرة الدفرسوار وحوصر الجيش المصري الثالث وانتهى القتال رسميا بعد شهرين واستمرت بعدها المفاوضات التي أدت الى ما أشرنا اليه آنفاً. في حين أن حرب حماس قد استمرت ولكن هذه المرة برعاية دولية كاملة يمثلها محور المقاومة من جهة، والامريكان والغرب من جهة. وهذا ما يجعل المشهد السياسي أكثر تعقيداً وخطورة حيث أن المفاوضات الى هذه اللحظة لم تنجح لا في إخماد الحرب، ولا في الوصول الى اتفاق سياسي يفضي الى «حل الدولتين» التي كانت ترفضه حماس في البداية ولكنها رفعت شعاره فيما بعد. الاختلاف بين الاكتوبرين هو أن في عام 1973 كان العالم في أوج عنفوان الحرب الباردة بين قطبي العالم اميركا والاتحاد السوفييتي الذي كان كلاهما يحظى بقيادة حكيمة متمثلة ب ريتشارد نكيسون وهنري كيسنجر من جهة، و بريجينف وجورميكو من جهة اخرى، بالاضافة الى الرئيس المصري انور السادات. اما اليوم فأمريكا تعاني من عجوز خرف قضى اكثر من 40 بالمئة من فترة رئاسته بالاجازة بالاضافة الى سقطاته المستمرة، روسيا المنشغلة بحرب أوكرانيا التي بدأت تستنزفها كثيراً، نتنياهو الذي يعلم أنه بدون الحرب سيصبح اسيراً لملفات الفساد والجنايات التي تلاحقه، وحماس التي بدا واضحاً أنها اصبحت جناحين لا يوجد تنسيق بينهما. وفي النهاية سيندم الجميع على استمرار اكتوبر منذ عام حتى اليوم.


مشاهدات 179
الكاتب مصطفى حمزة المرسومي
أضيف 2024/09/14 - 3:30 PM
آخر تحديث 2024/10/16 - 8:10 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 335 الشهر 6722 الكلي 10036445
الوقت الآن
الأربعاء 2024/10/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير