فاتح عبدالسلام
رصيد العراق في تاريخ الألعاب الأولمبية ضعيف الى حد الخجل، فليس لهذا البلد سوى ميدالية برونزية أحرزها الرباع عبدالواحد عزيز في أولمبياد روما في العام 1960.
حتى جاء اليوم الذي ترفع الفتاة العراقية الشامخة «نجلة عماد» رأس بلادها في الحصول على ميدالية ذهبية في كرة المنضدة للمعوقين في البارالمبية الجارية في باريس.
كنت اعتقد انه بعد ان كرّمها فوراً رائد المبادرات الوطنية السخية سعد البزاز رئيس الاعلام العراقي المستقل، للمرة الثانية، ومنحها قلادة الابداع مع امتيازاتها المادية والمعنوية، سوف تسارع الهيئات الحكومية والمؤسسات والوزارات كل بحسب اختصاصه ومحبته وحفاوته وحسه الوطني، لحمل هذه الايقونة العراقية الأولمبية الخالدة على الاكتاف من المطار الى وسط بغداد، ليحتفل معها كل العراقيين بهذا النصر الأولمبي الذي لم يجلبه احد حتى الان الى العراق. كنت أتوقع ان يطبع من صورتها الالاف وتوزع في الشوارع والساحات، فهي ليست مجرد رياضية نالت الوسام الارفع ، لكنها عراقية من نوع خاص حولت اكبر مصيبة يمكن ان يواجهها انسان الى عامل قوة وتألق وسمو، لكن الذي حدث هو استقبال خجول بباقة ورد يتيمة مع وزير وثلاثة او أربعة موظفين في غرفة صغيرة، كأنهم يغطون على حدث مخجل.
الوضع السياسي القلق، والغارق بفضائح الفساد، لا يتيح أي انتباه للطاقات الفردية المبدعة.
البطلة العراقية ، ابنة ديالى، علامة في تاريخنا اكبر من كل المنجزات الوهمية للسياسيين، فقد حفرت هذا الفتاة الصابرة المثابرة في الصخر منذ اعاقتها بسبب قنبلة إرهابيين استهدفوا والدها لحظة رجوعه الى المنزل من واجبه، وجريها نحوه كأية بنت تهرع لمعانقة والدها، وانّ مسيرتها من لحظة الإعاقة حتى نيل الوسام الأولمبي الذهبي جديرة بأن تُدرّس في جميع الجامعات العراقية كمادة لتعليم سلوك طريق النجاح والصبر والابداع.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية