وقبض عليهم بملابس الفضيحة
عبدالمنعم الاعسم
هذه المرة فرش الفساد السياسي نفسه أفقياً، ليشمل ماكنة الدولة وسائقيها ورعاة دستورها، والمؤتمنين على حياة سكانها وحقوقهم وثروتهم، فقَبَض عليهم في عز النوم وهم في ملابس الفضيحة: قبل ذلك سأل طفل والده: ما معنى الفساد السياسي، فأجابه: لن أخبرك يا بني لانه صعب عليك في هذاالسن، لكن دعني أقرّب لك الموضوع، انا اصرف على البيت لذلك يسمونني مصادر الثروة، وامك تنظم شؤون البيت فهي الحكومة، وانت تحت حمايتها وموضع الخدمة منها فانت الشعب، واخوك الصغير هو املنا فسنطلق عليه اسم المستقبل، اما الخادمة الاجنبية التي عندنا فتمثل القوى الطفيلية، فاذهب يا بني وفكر عساك تصل الى نتيجة، وفي الليل نهض الطفل من نومه قلقآ على صوت أخيه الصغير يبكي فذهب اليه فوجده قد بلّ حفاضته، فحاول أن يخبر امه فوجدهاغارقة في نوم عميق، وتعجب أن والده ليس نائما بجوارها، فذهب باحثآ عنه ليجده في غرفة الخادمة، وفي اليوم التالي قال الولد لأبيه: لقد عرفت يا أبي معنى الفساد السياسي، فعندما تنصرف الحكومة الى النوم، تُهدر الثروة، ويصبح المستقبل غارقا في القذارة.
ان التعريف الاكاديمي للفساد السياسي الذي وضعه البنك الدولي، وبمعناه الأوسع، ينفعنا هنا، إذْ يشير الى انه باختصار «إساءة استخدام السلطة العامة (الحكومية) والمحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب» وتتكفل السلطة التنفيذية بما تملكه من نفوذ وإعلام بإظهار كبار المسؤولين والسياسيين، الفاسدين، كدعاة للنزاهة، بل وكمحاربين أشداء للفساد، وينعكس ذلك في ما هو معروف من مصدات و»حصانات» تشريعية للفاسدين السياسيين، أخذا بالاعتبار ان الكثير من بؤر ونشاطات الفساد تدار (بشكل غير مباشر) عبر شبكة معقدة من الاتباع ومحترفي النصب واللصوصية والتهريب وغسيل الاموال ووكلاء الشركات والاستثمارات الوهمية..
المشكلة تتمثل في ان اسماء ابطال الفضيحة التي نتابعها فقدوا الاحترام.. ما تتعفف عن ذكرهم اللغة التي تحترم نفسها..