حكاية هند وجنود بملابس النساء

جاسم مراد

لم يحدث في الحروب التي سمعنا بها والتي شاهدناها ، أن يرتدي جنود الاحتلال ملابس النساء ويدخلوا المستشفى ويقتلوا ثلاثة شبان ، هذا ما حدث في مستشفى جنين بالضفة الغربية المحتلة ليلة 29_ 1_ 2024وهو عملاً فاشيا لم يحدث في كل الحروب إلا في حرب إسرائيل ضد الفلسطينيين ، وتصاعد الجرم الإسرائيلي حينما استهدف سيارة مدنية وقتل كل العائلة بداخلها بينها طفلة عمرها اثنى عشر عاما ونجاة الطفلة المصابة هند وعمرها ست سنوات ، لكن جيش الاحتلال اخذها مع طاقم الإسعاف الذي ذهب لنجدتها ولم يعرف الجهة التي تم اخذها اليها ، وعجزت الطواقم الطبية الأخرى معرفة المكان الذي اخفيت فيه هند حماده المصابة ذو الست سنوات من العمر .

مشردو الحدود

فهل هناك اكثر فاشية وعنصرية من هذا الكيان الذي يزعم الغرب من انه نظام ديمقراطي وانساني ، وهل الإنسانية والديمقراطية تفصل على مجموعات دون أخرى ونظام وشعب دون أخر ..؟ أن ذلك يحدث فقط في ممارسات ولغة بعض الدول الغربية ، التي لم يكفيها استشهاد اكثر من 27الفاً من المواطنين الفلسطينيين في غزة ربعهم من الأطفال والنساء ، والنصف الاخر مشرد بالقرب من الحدود المصرية وتلاحقهم دبابات وطائرات العدو الإسرائيلي .

هند هي واحدة من أطفال غزة التي تناشد لمن يمتلك غيرة وشهامة وإنسانية ، انقذونا فأنا مصابة ، لكن في هذا العصر سقطت الإنسانية واصبح التوحش سلوكاً سياسياً . فالبنت ليان ذو خمسة عشر سنه بنت عم هند طالبت بالنجدة مع الطفلة هند لكن ليس هناك إجابة واطلقت عليها الدبابة الإسرائيلية قذائفها وسكتت ليان وبقيت هند المصابة  التي تم اختطافها مع الطاقم الطبي الذي حاول انقاذها .

الى اين تريد ان تذهب أمريكا التي ترفض وقف اطلاق النار وإسرائيل ( الدولة) الأكثر نازية وتوحش في هذا العالم ، فغزة التي أصبحت لغة الشعوب عامة والغربية خاصة المطالبة بالحرية ووقف الإبادة لم ولن ترضخ فهي غزة العصية على الاحتلال والقوية في التصدي والمواجهة . حتى أصبحت غزة المحدودة جغرافيا والمكتظة بالسكان حيث يبلغ عدد ساكنيها اكثر من مليوني ونصف المليون شخص معظمهم من الشبان والأطفال انشودة الشعوب الحرة ورمزاً للصمود والتحدي وفرض الانتصار على اعداءها .

قضية الطفلة هند في مدينة خان يونس لا تختلف من حيث الممارسة والفاشية الإسرائيلية عن أولئك الجنود الذي لبسوا ثياب النساء ودخلوا مستشفى جنين وقتل ثلاثة شبان ، إن هذا العمل الاجرامي لا يعبر عن إسرائيل القوية والجيش الذي لا يقهر ، وإنما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ، اضعف مما هو مشاع فمعركة طوفان الأقصى في 7 اكتوبر كشفت قوة المقاومة وضعف العدو ، وتمكن المقاومون وفي المقدمة رجال الانفاق على مدى اكثر من ثلاثة اشهر افشال كل الهجمات الإسرائيلية ، لذا فقد اصبح استهداف الأطفال والمواطنين تعبيراً عن خيبة الإسرائيليين ، فسياسة قصف المنازل بالطائرات والدبابات والمسيرات والاقمار الاصطناعية الامريكية والإسرائيلية لم توقف أو حتى تحد من قوة المقاومة وقدرتها على إيقاع افدح الخسائر بأفراد ودبابات العدو . وفي مثل هذه المعركة لم يشهد مثلها في التاريخ المعاصر ، مقاومون وشعب محاصر من كل شيء حتى الماء ممنوع عنهم صامدون ويقاتلون ببسالة في حين جيش الاحتلال يعجز عن فك شفرة هذه الصلابة والشجاعة والقوة والبسالة التي يتمتع بها المقاومون من كافة الفصائل المقاتلة .

هند تلك الطفلة الرائعة الشجاعة المجروحة ، فهي كتبت قصة شعب ، بجسم مجروح برصاص إسرائيلي ، وحكاية وطن أرادوا سلبه بدعاوي لااساس لها وقاعيا ودينيا وتاريخيا ، ستبقى هند قصة ورواية كل من يريد أن يسجل للتاريخ واقعية الروايات .