دواء مغشوش ومستشفى لا يستقبل المرضى
عبد الستار رمضان
يعاني القطاع الصحي في العراق واقليم كوردستان من مشكلات وازمات حقيقية وكبيرة تصل الى حد العجز في تقديم الخدمة الصحية للمواطن، الذي يضطره مرضه ووضعه الاقتصادي السيئ لمراجعة المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية بمختلف عناوينها وتخصصاتها. والعراق ربما يكون البلد الوحيد او من البلدان القليلة في العالم الذي تعمل الكوادر الصحية فيه (الاطباء والصيادلة ومختلف عناوين المهن الصحية) لدى الحكومة ويتمتعون برواتب وحقوق وامتيازات الوظيفة العامة، لكنهم في ذات الوقت يعملون لمصالحهم الخاصة ومراكزهم وفي المستشفيات الخاصة، ويكفي ان تراجع طبيباً في مركز او مستشفى عام وتجد الكثير منهم مستعجلاً وغير مهتم بالمريض الى جانب الانتظار الطويل لغرض الكشف وتعذر الحصول على الدواء من الصيدلية بل واضطرار المريض لشراء كل شئ يحتاجه حتى لو كان بغرف الانعاش والطوارئ والعمليات. باختصار العاملون بالمستشفيات والمراكز الحكومية اثناء دوامهم يشعرون انهم في المكان الخطأ وان على المرضى مراجعتهم في عياداتهم الخاصة، والجهد والتعب والاهتمام يحفظونهم لما بعد الدوام الرسمي الذي هو اقل وابسط دوام للموظف العام في العراق. سوق او(بزنس) الصحة والمراكز الصحية والمستشفيات الخاصة والصيدليات ومذاخر الادوية والمختبرات والتحليلات المرضية والادوية الخاصة لمرضى السرطان والامراض المزمنة سوق وتجارة كبيرة وعريضة يسيطر عليها في كل مدينة او مكان اشخاص ذوو نفوذ شركاء او مدعومون من رجال السلطة والاحزاب. ويكفي نظرة سريعة في اسماء المستشفيات والتدقيق في اصحابها او من يقف وراءها لتعرف ان كل شئ في القطاع الصحي قوى وفعّال يعمل لمصلحته وجيبه الخاص، الا المريض الذي هو اضعف ما يكون في هذه العلاقة غير المتكافئة وغير العادلة. الاخبار التي تنشرها وسائل الاعلام كثيرة وهي تفيد في التعرف أكثر على احوال الصحة، فمثلاً حذرت مديرية السيطرة على استيراد وصناعة الادوية والمستلزمات الطبية في اقليم كوردستان، جميع المواطنين من وجود دواء مغشوش في اسواق الادوية في عدد من مناطق الاقليم، وان فرق التفتيش والرقابة التابعة لها وخلال الزيارات الميدانية لأماكن صناعة وتداول الادوية تمكنت من ضبط دواء مغشوش باسم Duphaston وطالب البيان التعامل بشكل رسمي في بيع وشراء الادوية والابتعاد عن بيع الادوية بدون لاصق يثبت اسمها محذرا المخالفين بعقوبات مشددة.
لكن القطاع الصحي يصعب السيطرة عليه لان اصحاب المستشفيات والمذاخر والصيدليات هم اعضاء نقابة الاطباء والصيدلة وهم اعضاء او مسؤولون في اللجان الطبية ولجان المراقبة والتفتيش، والتي تبدو أشبه بلعبة المتاهة في تحديد المسؤولية والاجراءات والحلول. أما مستشفى «هيوا» للأمراض السرطانية في السليمانية فقد أعلن عن عدم قدرته على استقبال المرضى الجدد لانه لا توجد أسرّة بسبب ازدياد اعداد المرضى خلال الأيام الاخيرة بما يفوق قدرته الاستيعابية، وسبب هذه المشكلة قدوم اعداد من المرضى من وسط و جنوب العراق تصل نسبتهم ما بين 30 بالمئة الى 35 بالمئة ويشكل ضغطا كبيرا على المستشفى الذي يعاني من قدم البناية التي بنيت 2007 وميزانية محددة من ذلك الوقت لحد الآن، وزيادة حالات الاصابة بنسبة ثلاثة اضعاف وتزايد أعداد المرضى من جميع المحافظات العراقية.