الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
خسر الكرد رهانهم على العراق الجديد

بواسطة azzaman

خسر الكرد رهانهم على العراق الجديد

محمد واني

 

لم تخف اي من الحكومات الشيعية المتعاقبة التي حكمت العراق منذ 2005 عن عدائها لاقليم كردستان ، الكيان شبه المستقل الذي انفصل عن العراق اداريا عام 1991 بعد طرد القوات العراقية من الكويت ، وبسقوط نظام صدام حسين عام 2003 عاد الاقليم طواعية الى بغداد وشارك في تأسيس الدولة العراقية الجديدة وساهم في العملية السياسية والانتخابات وكتابة الدستور واقامة النظام الاتحادي الفدرالي لتحقيق هدف استراتيجي واحد وهو ؛ استعادة مدينة كركوك والمناطق الكردستانية الاخرى التي تعرضت للتغيير الديمغرافي الشامل من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة عن طريق عمليات التعريب والتهجيرالقسري وفق المادة 140 من الدستورالتي تعد الحل الامثل لمشكلة تلك المناطق المعقدة ، بعد ان عجز الكرد من استعادتها عن طريق المواجهة المسلحة لسنوات طويلة.

ومن اجل تحقيق هذا الهدف الحيوي عادوا الى الدولة العراقية الجديدة وساهموا في بنائها بعد ان انفصلوا عنها لعدة سنوات ودعموا حلفائهم الشيعة وساندوهم على تولي السلطة وبسط سيطرتهم الكاملة على مفاصل الدولة ، ظنا منهم ان الشيعة سوف يردون لهم المعروف ويلتزمون بوعودهم وتعهداتهم واتفاقاتهم السياسية ويعملون على تطبيق المادة الدستورية الاستراتيجية ، ولكنهم لجئوا  الى التسويف والمماطلة والتأجيل واغراق اقليم كردستان بالازمات الجانبية التي لا حصر لها ، فما ان يخرج من ازمة حتى يدخل في ازمة اخرى العن ، وهكذا ظلت المادة المهمة حبيسة الدستور لحد الان ولم يطبق منها فقرة واحدة!  نفس نهج النظام العنصري السابق ولكن بزيادة النزعة الطائفية .

ولو قيض لهذه المادة ان تطبق لوضع حدا نهائيا للنزاع التاريخي بين الشعب الكردي ودولة العراق ، ولكن يبدو ان الاحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد ومن ورائها دول اقليمية وربما قوى دولية كبرى لا تريد للسلام الدائم ان يسود في العراق ولا في المنطقة ، مصالحها تكمن في اثارة الازمات والتوترات الدائمة .

 ربما ادرك قادة الاقليم هذه الحقيقة ولكن بعد فوات الاوان ، ادركوا انهم قد تعرضوا لاكبر عملية خداع واستغفال في  تاريخ العراق عندما وثقوا بهذه الاحزاب الطائفية التي مازالت تمارس لعبة» التقية» معهم ، وكان هذا خطأهم الكبيرالذي وقعوا فيه ومازالوا يدفعون ثمنه لحد الان!

وبعد ان هیمنت هذه الاحزاب وفصائلها المسلحة على السلطة المطلقة واستولت على كل امكانيات العراق المالية النفطية المهولة ، بدأت تجاهر بعداوتها لاقليم كردستان وتسعى للحد من صلاحياته الدستورية! ولكن وفق السياسة الكيسنجرية»خطوة خطوة» وعلى مراحل ، بداية تم ابعاد الكرد عن مراكز صنع القرار والمناصب الرفيعة في الجيش بشكل خاص حتى وصلت نسبتهم فيه «الى الصفر!(اقل من 1 % ) ، وكان منصب رئاسة اركان الجيش  يشغله الكردي الجنرال بابكر زيباري لفترة من 2003 الى 2015 ولكن سحب منه المنصب واعطي للشيعي الجنرال عبدالامير يار الله!

ففيما كانت الاحزاب الشيعية بأختلاف توجهاتها السياسية والعقائدية تهيمن على اجهزة الدولة المختلفة وتؤسس هيئة موسعة تجمع فيها ميليشياتها وفصائلها المسلحة كقوات ساندة ، اتجه الكرد الى التشرذم والتناحروالتآمر ضد بعضهم البعض ، وقد استغلت الاحزاب الشيعية ضعف الكرد وهشاشة وضعهم الداخلي والصراع العبثي الدائر بين الحزبين الكرديين الرئيسيين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) اللذين يحكمان الاقليم باتجاهين سياسيين متعارضين ، عملت على دق «الاسافين» بينهما   واجهاض اي محاولة لتقريب وجهات نظر الطرفين للوصول الى اتفاق سلام ، ومازالت تؤجج هذا الصراع وتراهن على انتصار احد الطرفين ضد الاخر وتواصل  بث الدسائس لتعكير الجو العام للاقليم بكل الوسائل القانونية وغير القانونية ، سواء عن طريق المحاكم او البرلمان اوالحكومة او من خلال قطع رواتب الموظفين او من خلال استهدافه بالصواريخ والدرونات ، ان اقتضت الحاجة لذلك!

 

 

 

 


مشاهدات 392
الكاتب محمد واني
أضيف 2024/08/10 - 12:13 AM
آخر تحديث 2025/07/09 - 7:59 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 228 الشهر 5042 الكلي 11158654
الوقت الآن
الأربعاء 2025/7/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير