في التاريخ عظاتٌ وعِبَر ولكنْ أينَ المُعتبِرُون ؟
حسين الصدر
-1-
جاء في التاريخ :
أنَّ ( عبد الله بن محمد بن علي ) – الملقب بالسفّاح ، والمكنى بابي العباس – وكان جميلاً ، نظر في المرآة فقال :
اللهم اني لا أقول كما قال عبد الملك :
أنا عبد الملك الشاب ولكنْ أقول :
اللهم عمرني طويلاً في طاعتك، ممتعا بالعافية ،
فما استتم كلامَه حتى سمع غلاماً يقول لآخر :
الأَجل بيني وبينك شهران وخمسة أيام ،
فتطير مِنْ كلامه ،
وقال :
حسبي الله ،
لا قوة الاّ بالله ،
عليه توكلي وبه أستعين ،
فما مضت الأيام حتى أَخَذَتْهُ الحُمّى فَجَعلَ يوم يتصل الى يوم حتى مات بعد شهرين وخمسة أيام ..!!
-2-
وقال أبو العتاهية :
الناس في غَفَلاتِها
وَرَحَى المِنيّةِ تَطْحَنُ
شاب وسيم ، تربع على العرش ، وثُنيت له الوسادة، يأمر وينهى فيطاع ،
واستهوَتْه أُبّهةُ الملك فتمنّى أنْ يمتدَ به العُمر ويدوم له النعيم ..!!
ولكنَّ هذه الآمال كلها قد تبددت ، وفاجأه الموت وهو في ريعانِ الشباب .
-3 –
وكما فاجأه الموت يمكن أنْ يُفاجأ غيره ، فلسنا خارج نِطاق المطلوبين الذين لا يدرون متى يطالبون بالرحيل
ومن هنا :
وَجَبَ الاستعدادُ للقاء الله، وهذا ما يغفل عنه معظم الناس ، فهم لاهون ، مغرورون ، منغمسون الى الأذقان باشباع رغباتهم وشهواتهم المحمومة بعيداً عن حسابات الآخرة .
-4-
وتأتي هذه التذكرة لِتُعيدَ الى الاذهان وجوب العمل ضمن خطين متوازيين:
خَطّ العمل للدنيا وكأننا فيها باقون ،
وخطّ العمل للآخرة وكأننا راحلون عنها وشيكا
ان التوازن بين حاجات الجسد والروح ،
وبين حاجات الدنيا والآخرة هو صمّام الأمان .
ومن الخطأ بمكان التفريط بأحد الخطين لحساب الخط الآخر .