الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أزمة إسرائيل تفتح الصراع

بواسطة azzaman

أزمة إسرائيل تفتح الصراع

جاسم مراد

 

بالرغم من التصويت المطلق للكنيسة الإسرائيلية ( 78) صوتاً ضد حل الدولتين ورفض إقامة الدولة الفلسطينية ، فأن ذلك لا يعبر سياسيا واستراتيجيا عن قوة إسرائيل ، وإنما يؤكد عن الازمة التي تعاني منها دولة الاحتلال منذ معركة طوفان الأقصى في ( 7) أكتوبر عام 2023 وحتى الان واستمر ، فتراكم الصراع الذي امتد عقوداً طويلة بين الشعب الفلسطيني والكيان الإسرائيلي انتج معركة طوفان الأقصى التي خلقت في الواقع السياسي والبنيوي الإسرائيلي شرخاً يصعب مداواته بالرغم من الدعم المطلق الأمريكي لهذا الكيان ، فالصراعات داخل الكتل الإسرائيلية بلغت ذروتها وجيش الاحتلال منذ عشرة اشهر يبحث عن حلول في رمال غزة ولم يجد غير قتل الأطفال والنساء فيما المقاتلون يواصلون عملياتهم وهجماتهم تحت الأرض وفوقها وأوقعت مئات القتلى والجرحى وعشرات الذين أصيبوا بخلل عقلي ونفسي في الجيش الإسرائيلي ،وعطب وتدمير اكثر من ( 1000) دبابة ميركافا وناقلات الجنود حسب اعترافات المؤسسات العسكرية والإعلامية الإسرائيلية .

فقرار الكنيست برفض الدولة الفلسطينية ، ليس جديداً فهو امتداد لكل المواقف والسياسات الإسرائيلية ، وإنما المهم الان هو الموقف الدولي والعربي والإسلامي ، فالرهان على إمكانية التعايش مع هذا الكيان لاتجدي نفعاً على وفق كل المعطيات ، وإنما المهم هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبحق الشعب الفلسطيني في ارضه ، وهذا يحتم مبادرة الدول بإقامة العلاقات السياسية والدبلوماسية مع السلطة الفلسطينية وفتح السفارات خاصة الدول الأوروبية مثلما فعلت اسبانيا والنرويج وغيرها من الدول وان اعتراف ( 147) دولة في الأمم المتحدة بحق فلسطين أن يكون لها كامل العضوية في الأمم المتحدة يتوجب على هذه الدول أن تمارس هذا الحق الى الواقع العملي عبر إقامة السفارات بفلسطين ، وبذلك يكون الرد العالمي على قرار الكنيست الإسرائيلي واقعاً عملياً .

مسارات مفتوحة

إن منظومة الدول العربية وخاصة تلك التي لها علاقات مع إسرائيل يتوجب عليها أن توحد مواقفها عالميا واوروبيا بغية الضغط لرفض هذا القرار وجعل كل المسارات المفتوحة متوقف أو قابلة للإلغاء مع إسرائيل إذا لم تتم الاستجابة للقرارات الدولية والاممية في انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة الى حدود عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

إسرائيل ليست هي إسرائيل ما بعد طوفان الأقصى ، تكشف كل ما كان تدعيه من إنها تتفوق على منطقة الشرق الأوسط كنظام ديمقراطي وقوة عسكرية أولى وقادرة على حماية أي طرف ، فمعركة طوفان الأقصى هدمت الكثير من بنيانها وتبين امام العالم من انها نظام عنصري إرهابي فاشي يقتل الأطفال دون تمييز ويهدم البيوت ويدمر البنى التحتية لذلك كان قرار المحكمة الدولية بفرض حكم الملاحقة والاعتقال لابرز قادتها رئيس الوزراء نتن ياهو ووزير الدفاع وهذا الاجراء هو الأول والابرز في تاريخ هذا الكيان .

إسرائيل منبوذة لدى شعوب أوروبا ، وإسرائيل مأزوم أخلاقيا وسياسيا وعسكريا ، وقرار الكنيست الأخير هو توكد لتلك الازمات الاستراتيجية ، فالذي يقتل ( 38) الفاً من المواطنين ثلثهم من الأطفال والنساء ويصيب اكثر من ( 800) الف من المواطنين المدنيين فأنه يقينا مصاب بخلل عقلي يجسد فعلياً سلوكه النازي ضد الشعب الفلسطيني .

إن معركة الاستنزاف البطولية التي يخوضها مقاتلو الشعب الفلسطيني في غزة البطولة والصمود لم تستطيع معها إسرائيل وقف تداعياتها ، وانه لم يبقى امام القيادة الإسرائيلية سوى القبول بمشروع وقف القتال والانسحاب من غزة واطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين الذي طرحته لجنة الوساطة الثلاثية الامريكية المصرية القطرية .

لقد أسست معركة طوفان الأقصى محوراً قتالياً مهما وحاسماً ومؤثراً في مجرى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، وان المعركة المستمرة لعشرة اشهر وهو لم يألفه هذا الكيان وجيشه سوف تتطور كلما استمر الكيان الإسرائيلي بالحرب وسوف يفتح لبنك جديد من الأهداف.

إن منظمة الأمم المتحدة ومجلس الامن أمام امتحان اخلاقي وانساني قل مثيله عبر التاريخ ، فإذا ظلت تمعن النظر بقتل الأطفال في غزة دون ان تتخذ موقفا يوقف إسرائيل ، فأنه يصبح مشكوك بوجودها من قبل شعوب العالم وكل القوى المحبة للحرية وحق الشعب في الحرية والسلام . إن سياسة التجويع لشعب غزة وتدمير المستشفيات والمدن والمياه والبنى التحتية كفيلة بأن يتخذ مجلس الامن ومنظمة الأمم المتحدة قرارا بوقف الحرب وتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية دون ذلك تصبح هذه المنظمة الدولية قابلة للتفكك .  

 


مشاهدات 96
الكاتب جاسم مراد
أضيف 2024/07/22 - 4:01 PM
آخر تحديث 2024/07/27 - 7:55 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 354 الشهر 11717 الكلي 9373789
الوقت الآن
السبت 2024/7/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير