فاتح عبد السلام
في بداية تشكيل اية حكومة في العراق، يجري الحديث عبر الاعلام والمتحدثين الرسميين عن البرنامج الحكومي وتوقيتاته الزمنية وماله وما عليه، ودائما يربطون البرنامج بالأيام المائة الأولى من المباشرة بتسلم المناصب والعمل، كما جرت العادة في دول الديمقراطيات العريقة. وبالرغم من صعوبة المقارنة بين واقع بلدنا وسياق توقيتات العمل الحكومي فيه وبين ما تسير عليها دول لها حكومات ترادفها حكومات ظل في المعارضة، فأنّ مجرد الاعتراف بوجود مقياس زمني أمده مائة يوم دليل عافية على الرغبة في السير تحت الأضواء من اجل خدمة الشعب الذي لا يزال يعلق كل اماله دفعة واحدة على اية حكومة جديدة تنزل الى الميدان القاسي.
بعد انقضاء المائة يوم، نسمع تصريحا هنا وتعليقا هناك عن إنجازات يستعجلون بذكرها بوصفها إنجازات تغطي مرحلة زمنية معلنة وتجتازها بنجاح، من دون الانتباه الى ان معدل بقاء الحكومة ليس مائة يوم وانما هو الف ومائة يوم في المعدل الطبيعي، ماعدا الاستثناءات.
لا أحد يعلم شيئا بعد المائة يوم عن المنجزات الواجب التدقيق في صحتها ودلالتها واخفاقاتها وايجابياتها.
هناك وزراء تبقى عيونهم مفتوحة على هذا الخط البياني الزمني، ثم يغمضونها ويمضون الى التخبط في قرارات داخلية في تغيير مناصب وإقصاء هذا وتقريب ذاك استنادا الى الصلاحيات المخولة، وهي في الحقيقة تقف وراءها اهواء ورغبات ووشايات وضغوط ومحسوبيات، وكلام نسوان احياناً.
والمسألة غير مرتبطة بهذه الحكومة او تلك، وانما يشمل الكلام جميع التراكيب السياسية المنتجة في المناخ الذي ينتج الحكومات ويوزع الولاءات على الحصص والمكاسب
في ظل ضعف مجلس النواب وهامشية دور لجانه النيابية المتخصصة ، وتكتم الحكومة على مسارات وخطط العمل التي ينبغي إنجازها للشعب ، يكون من العسير مراقبة ما يجري ، باستثناء اللمحات السريعة في الاعلام هنا وهناك، ويبدو ان الوزراء شغلتهم “دنياهم ومكاتبهم الخاصة” عن ملاحظات الاعلام الجدية المستنبطة من هموم الناس في الشارع ومجالات العمل والحياة، لذلك تأتي حكومة وتخرج أخرى ، وحصيلة المنجز غير خاضعة لوحدة قياس الإنتاجية الحقيقية، ربما لغياب وجود هذه الوحدة أصلاً او تعطيلها وتمييعها.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية