في ذكراه السادسة والخمسين كما رواها قائدها الفعلي
بعد تقديم إستقالتي من وظيفتي كمستشار ثقافي في سفارة العراق في الإتحاد السوفيتي السابق، وذلك إحتجاجاً على غزو صدام حسين لدولة الكويت ورفضه الإنسحاب منها بالرغم من مناشدة العديد من رؤساء الدول الصديقة وغير الصديقة له للإنسحاب وتجنب الحرب، أستقربي وبعائلتي المقام في المملكة العربية السعودية حيث وافقت المملكة على إستضافة بعض الدبلوماسيين العراقيين المنشقين عن النظام العراقي.
وصلنا المملكة العربية السعودية في حزيران 1991 وخلال فترة مكوثي في المملكة التي دامت سنتين تعرفت على بعض المعارضين للنظام العراقي السابق الذين أستقر بهم المقام في المملكة أيضاً وكان من أهمهم الفريق الركن المرحوم إبراهيم عبد الرحمن الداوود المنفذ الفعلي لإنقلاب 17 تموز1968 وكنت حريصاً للتعرف عليه لمعرفة حقيقة ما جرى ليلة 17 تموز. وفعلاً تعرفت عليه عن طريق صديق مشترك بيننا.
كان الداود لطيف المعشرومتواضع، وحين تجالسه تشعربطيبته وصدقه وبساطته ولا يعرف اللف والدوران وهذا ما جعله لقمة سائغة بأيدي من تآمر معه على قلب نظام عبدالرحمن عارف.
كان يستقبل زواره في يوم الخميس في داره وكنا نتبادل أطراف الحديث ونُعَرج على ما يحدث في الساحة السياسية آنذاك ولا سيما في العراق وكيف السبيل لإنقاذ العراق مما كان فيه من حصار وإضطهاد للعراقيين من قبل النظام. نشأت بيني وبينه نوعاً من المودة حينما أخبرته أنَّ جزءً من دراستي الإبتدائية كانت في مدينة هيت مسقط رأس الداود حيث أن والدي المرحوم حسن علي التكريتي المعروف بأبي الحكم كان قاضياً في مدينة هيت، فقال قد سمعت به. فكنا في بعض الأحيان نتحدث عن جمال الطبيعة في هيت حيث المزارع المنتشرة والنواعيرالجميلة التي تروي تلك المزارع وأسأله عن بعض الشخصيات المعروفة في المدينة.
بالعودة الى إنقلاب 17 تموزوخفاياه، فإنّ الرواية التي ساقتها لنا قيادة الحزب هي أن الإتفاق على الإنقلاب كان بين أحمد حسن البكر وإبراهيم الداود ولكن الأخيرأخبرعبدالرزاق النايف معاون مدير الإستخبارات بموعد التنفيذ، ففاجأ النايف القيادة بإرساله الملازم أحمد مولود مخلص الضابط في مديرية الإستخبارات في ليلة التنفيذ ليبلغ القيادة بأنه يعلم ساعة الصفر ويود الإشتراك معهم وطلب أن يكون هو رئيساً للوزراء. رفضت القيادة القطرية مشاركته لأنَّ لديها تحفظات على النايف وتعتقد أنَّ له ارتباطات أجنبية. إلا أن صدام حسين وافق على مشاركته وأقنع أعضاء القيادة بذلك على أن يتم التخلص منه بأقرب فرصة ممكنة ليظهر بذلك دورصدام المهم في إنجاح الإنقلاب، وبالتأكيد كان ذلك بالإتفاق مع البكردون علم أعضاء القيادة الآخرين. وهذه الرواية تحدث بها أكثر من عضو قيادة قطرية من دون العلم ببواطن الأمور.
ولكن بعد ما سمعته من الداود، أصبحت متيقناً أن هذه الرواية لا تمثل الحقيقة كلها وهي ليست كما قيلت لنا. فإنّ جانبا مهماً للرسالة هي أن تُظهرلأعضاء القيادة أن البكر ليست له أية علاقة مسبقة مع النايف وأنه فوجيء مثلهم بعلم النايف بالإنقلاب، ولكن الحقيقة ليست كذلك كما سيظهر لنا لاحقاً.
للعلم أنّ البكر يُحسن التآمر والمناوره بشكل جيد جداً فأراد بهذه الرسالة أيضاً أن يُحرج أعضاء القيادة، فأما الموافقة على إشراك النايف في الإنقلاب ومنحه رئاسة الوزراء أو الذهاب في اليوم التالي الى المعتقل بتهمة التآمرلقلب نظام الحكم. وفعلاً أقتنع أعضاء القيادة الآخرين على إشتراك النايف في الإنقلاب ومنحه رئاسة الوزراء لكونه الخيارالأمثل بالنسبة لهم.
أكد الداود في إحدى لقاءاته معنا أنه شاهد صدام حسين مع سعدون غيدان في مكتب النايف في إحدى زيارته للنايف قبل وقوع الإنقلاب. وهذا مما يؤكد على وجود سابق معرفة بين صدام والنايف أيضاً قبل إنقلاب 17 تموز. كذلك أكد لنا الداود أنّ البكر وحردان وعماش، وهم في التقاعد، كانوا يرفعون تقاريرهم إلى عبدالرزاق النايف معاون مدير الاستخبارات. وقال أنا قرأت هذه التقارير التي تتحدث عن الأوضاع السياسية والمسائل المطروحة في الشارع ومواقف مختلف القوى، وأضاف قد تكون هذه النقطة بالذات تُفسر لماذا تآمروا عليّ وعلى النايف بعد تولينا السلطة في 17 تموز 1968 خوفاً من إكتشاف هذه الحقيقة.
وهنا أود أن أشيرأنَّ البكر وصدام، وبمعزل عن أعضاء القيادة، كانا ينسقان مواقفهما معاً ويسعيان للسلطة بأي ثمن وذلك بسبب صلة القرابة أولاً، والتأثير الكبير لخيرالله طلفاح خال صدام على البكرثانياً، الذي أوصاه بأن يجعل من صدام ذراعه اليمين كما كان صدام ذراع خاله اليمين سابقاً، وهذا ما حصل فعلاً. لقد كان الإثنان مستعدَين للتعاون مع أي جهة توصلهما الى مبتغاهما. لذلك اتخذا من حزب البعث أداة للوصول الى السلطة وبالتعاون مع إبراهيم الداود وعبد الرزاق النايف استطاعا تحقيق ما أرادا.
أما كيف وصل البكرالى الداود فيقول الداود: أن سعيد صليبي قائد موقع بغداد هو الذي رتب اللقاء بينه وبين أحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وحردان التكريتي حيث دعاه الى تناول العشاء معه، فسأله عن الحاضرين أجاب صليبي أنت وعبدالرزاق النايف وكمال جميل عبود، آمر فوج لدى الداود، فقط فوافقت على الحضور. لكن الداود فوجيء بوجود الثلاثة آنفي الذكر ولم يكن الداود على وفاق معهم لكونهم بعثيين، ولكنهم حاولوا التقرب منه والتعاون معه، فقال الداود لهم أنتم أخطأتم بعد إنقلاب 14 رمضان 1963، حيث قمتم بالإعتقالات والإعدامات وتعذيب الأبرياء في قصرالنهاية والشعب لا يريدكم ولا يزال يتذكر ممارساتكم.
قال البكر: نحن اخطأنا فعلاً ونريد أن نكًّفرعما فعلناه. قال الداود له هل تقسم بالقرآن على ما تقول، فأجاب البكر: اقسم بالقرآن وبالطلاق أيضاً، وهذه بعض من العادات السيئة لأبناء الريف حيث يجعلون من الزوجة ضحية لقسَمهم لاسيما إذا حنثوا بالقسَم، وكان البكر كثيرالحلف بالطلاق. وأضاف البكر أنا وحردان وعماش نعترف بإخطائنا ونقسم نحن لا علاقة لنا بحزب البعث ونريد العمل كمواطنين ونتعاون معكم للتكفيرعن سيئاتنا. يقول الداود طلبت من سعيد صليبي أن يحضر القرآن، فأقسَم به البكروعماش وحردان. وهكذا فأن الثلاثة أقسموا بالقرآن، ولكنهم حنثوا بقسَمهم بعد ذلك، وصدّقهم الداود لطيبته ولجهله في التآمركما يتميز به الآخرون، فإقتنع بهم وبدأ التعاون معهم.
يضيف الداود كنا نلتقي شهرياً نتبادل المعلومات ونتحدث عن أوضاع البلد. كان اللقاء يتم في بيت المرحوم غائب مولود مخلص بناءً على طلب حردان التكريتي، ولذلك مُنح غائب مخلص منصب وزير بعد نجاح الإنقلاب علماً أنه ليست له علاقة بالحزب، ولكنه محسوب على حردان.
كان البكر كما قلنا سابقاً متآمراً جيداً وله القدرة على كسب الأشخاص الذين يحتاجهم في مسعاه. ففي الوقت الذي يتآمر مع الداود لقلب نظام الحكم فهو ينسق مع المحامي لطفي العبيدي ممثل شركة بان أمريكان للكبريت في العراق وشريكه روبرت أندرسن، وناصر الحاني سفير العراق في لبنان وبعلم النايف أيضاً للحصول على دعم الأمريكان الذين كانوا منزعجين من علاقة نظام عبدالرحمن عارف مع فرنسا حيث أعطى إمتيازاً لشركة إيراب للتنقيب عن النفط في الجنوب العراقي، كما انه رفض إعطاء شركة بان أمريكان إمتيازاً للتنقيب عن الكبريت في الشمال العراقي وأُعطي الإمتياز لشركة بولندية.
بينما ينفي البكر معرفته بلطفي العبيدي الذي حُكم بالإعدام غيابياً بتهمة التجسس للمخابرات الأمريكية بعد 17 تموز، وأُعتقل أبن عمه عبد القادر العبيدي وعُذب حتى الموت ولم تسلّم جثته الى ذويه.
وهنا أسوق شهادة للتاريخ: حدثني صحفي كبير قريب لي وأثق به، أنه تعّرف على لطفي العبيدي في بيت البكر حيث كان الصحفي يزورالبكرعلى أثروعكة صحية ألّمت به للإطمئنان عليه وللسلام. وتعرفَ هناك على لطفي العبيدي الذي كان موجوداً عند البكر. ويضيف الصحفي أنّ العبيدي أصر على إيصالي الى بيتي حينما علم أنّه ليست معي واسطة نقل، وعند توديعهما للبكرقام العبيدي بتقبيل البكرمن كلا الخدين مما يدل على العلاقة الحميمة التي تربطهما ثم قام بتوصيلي الى بيتي. جدير بالذكر أن لطفي العبيدي نشر في الصحافة اللبنانية في أواخر الستينات رسالة يخاطب بها أحمد حسن البكر ويذكّره بفضله عليهم وبالأموال التي أوصلها إليهم، ونشر صورصكوك مبالغ بإسم أحمد حسن البكر مقدمة من قبله لتمويل إنقلاب 17 تموز. تُشير بعض المصادر أنَّ لطفي العبيدي قد توفيَ بالسرطان في أوائل سبعينات القرن العشرين في الولايات المتحدة، وتذكر مصادر أُخرى أنَّ موته كان في ظروفٍ غامضة في أمريكا، أو إنه قُتلَ مسموماً بأيدي سلطة حزب البعث.
وعن توزيع المناصب بعد نجاح الإنقلاب فيقول الداود في أحد إجتماعاتنا أقترح البكر أن أكون أنا رئيساً للجمهورية. وهذه خطوة ومناورة ذكية وخبيثة من البكر ليطمئن الداود عن حسن نواياه، حيث لا يمكن نجاح الإنقلاب من دون الداود. ثم يقول الداود: قلت له أنا عسكري ولست سياسياً محترفاً واعتذرت، وقلت: أنا اتنازل بها لأبي هيثم (البكر) لأنه أكبرنا سناً وأقدمنا رتبةً، وهذا ما كان يطمح له البكردون مطالبته إياهم، فحصل عليه. واشترط الداود ألا يكون البكر قائداً عاماً للقوات المسلحة في الوقت نفسه، أي رئيس جمهورية فقط. ثم يقول بعدها اتفقنا أن أكون أنا وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة. وهذا ما يؤكد أنّ الداود هو قائد الإنقلاب الفعلي ولو كان البكرهو قائد الإنقلاب لأصّر أن يكون هو القائد العام للقوات المسلحة بإعتباره رئيساً للجمهورية. أما رئاسة الوزراء فقد عارض النايف أن يُسند المنصب الى عماش أو حردان، فأُسند المنصب الى النايف وهذا يؤكد أيضاً دورالنايف الأساسي بالإنقلاب، وأُسندت وزارة الداخلية الى عماش ورئاسة أركان الجيش الى حردان. وهذا ينفي ما إدعاه البكر بأنه تفاجأ بأن النايف على علم بالإنقلاب من خلال الرسالة التي بعثها النايف في ليلة التنفيذ.
أما بالنسبة لموعد التنفيذ، فيقول الداود أنه هو الذي إختار موعد 17 تموز للتنفيذ، إذ قال أنه يتفاءل بهذا الرقم لأن ميلاد إبنه أركان هو 17 أيلول. يقول ذهبت الى النايف فقلت له إنني قررت إزاحة عبدالرحمن عارف هذه الليلة وإياك أن تبلغ أحداً. ويضيف لم يكن البكر وحردان وعماش على علم بالموعد. ثم يقول الداود ذهبت الى البيت للتهيأ وإذا بالنايف يقرع الباب بعد منتصف الليل ويقول له أخبرت الثلاثة يقصد البكر وعماش وحردان فجّن جنونهم وأصروا على رؤيتك في بيت غائب مخلص. هنا يتضح لنا أنّ النايف كرجل إستخبارات، ربما راودته شكوك بأن ينقلب الداود عليهم جميعاً رغم اتفاقهم على توزيع المناصب، وحتى يُلزم الداود بإتفاق الخمسة، قام النايف بإبلاغ البكر وذلك بإرسال الضابط أحمد مولود مخلص برسالة يعلمه بها بساعة الصفر، فاستغل البكر هذه الرسالة لإبلاغ قيادة الحزب بأن النايف على علم بمحاولة الإنقلاب على حكومة عارف وأنه يعلم ساعة الصفر، الأمرالذي أجبرالقيادة على الموافقة على إشتراك النايف بالإنقلاب دون إعلامهم أنهم يجتمعون معه منذ عدة أشهرللتخطيط للإنقلاب، وأنهم وزعوا المناصب بينهم. يقول الداود ذهبت الى بيت غائب مولود مخلص فاستقبلني البكر قائلاً هل حسبتها جيداً أخي أبو أركان؟ هنا تظهرعمق العلاقة بين النايف والبكر أيضاً، فالبرغم من أنّ الداود طلب من النايف عدم إبلاغ أي أحد لكنه قام بإبلاغ البكر مما يدل على أن الجميع إستغلوا الداود لتنفيذ الإنقلاب بإعتباره قائد الحرس الجمهوري ولا يمكن إنجاح الإنقلاب دون مشاركته. أو أنّ هناك جهة أعلى من النايف أمرته بإبلاغ البكر.
طبعاً أُنذرت القيادات الحزبية للبعث دون علم الداود والنايف وسيطروا على بعض من المناطق المهمة في بغداد تحسباً لأي طارئ.
يقول الداود نفذنا الإنقلاب بالسيطرة على القصر، الذي نحن حماته والإذاعة وفتحنا أبواب القصر للبكر وجماعته، ونُقل عبدالرحمن عارف الى ببت حردان الذي أمنّ له طائرة أقلته الى لندن حيث كانت زوجنه تعالج هناك.
ويقول الداود كان البكر يلح عليَّ بالسؤال متى ندخل الى مكتب الرئيس؟ ويضيف بعد أن تناولنا طعام الغداء في مقر كتيبة الدبابات أصطحبت البكرالى مكتب الرئيس وأجلسته على كرسي رئيس الجمهورية وقلت له ألم أعدُك بأنني سأجلسك على كرسي الرئاسة وهآنذا أوفي بوعدي.
بعد نجاح الإنقلاب تشكل مجلس قيادة الثورة من المتآمرين الخمسة على أن يكون الأربعة الآخربن نواباً للرئيس.
قام حردان التكريتي الذي أصبح رئيساً للأركان بإجراء حركة تنقلات سريعة للضباط البعثيين من 17 الى 30 تموزوذلك للسيطرة على مواقع مهمة من بغداد. وقام البكر بإقناع الداود بإعتباره وزيراً للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة بزيارة القطعات العسكرية المرابطة في الأردن والإطلاع على إحتياجاتهم. ثم قام البكر مع قيادة الحزب يساندهم بذلك حماد شهاب آمر اللواء المدرع العاشرحيث كان مرابطاً في معسكرأبي غريب، فسيطر بدباباته على بغداد وتم تنفيذ إنقلاب 30 تموز للتخلص من محور الداود – النايف.
هكذا عاد الثنائي البكر- صدام الى السلطة التي عشقاها وزورا التاريخ من أجلها وقاما بتطبيق المبدأ الميكافيلي بأبشع صوره وهو”أنّ الغاية تبرر الوسيلة”، ليس ايماناً لإيصال الحزب الى الحكم لتحقيق أهدافه في الوحدة والحرية والإشتراكية كما يزعمان، ولكن لعشقهما للسلطة والشواهد على ذلك كثيرة.
لعد ذلك يفتخر ويتبجح كلُ من البكر وصدام بتسمية إنقلاب 17 تموز بالثورة البيضاء حيث لم يراق فيها قطرة دم واحدة. وأقول يا ليتها بدأت حمراء وانتهت بيضاء.
فبعد أن تمكن الثنائي البكر- صدام من الحكم نفذ مكتب العلاقات العامة برئاسة سعدون شاكرانتقاماً رهيبا ضد من كان البكر- صدام يعدُهم خطرا على مستقبل النظام. وأعتقد لو كان عبدالسلام عارف حيا لشنقه البكر من دون ان يرف له جفن انتقاماً من دوره في انقلاب 18 تشرين الثاني. إنَّ الاعدامات التي جرت في اوائل الحقبة التي تسلم فيها البكر- صدام السلطة صُفي فيها المئات ممن افترضهم أعداء للنظام وهم ليسوا كذلك والبعض تخلص منهم البكر وصدام كلٌ على طريقته لإغلاق ملف او حرق أوراق تمس السمعة السياسية لكل منهما ويبدو للمراقب لتلك الفترة ان البكر تولى تصفية الاصدقاء الذين تعرف عليهم في مراحل حياته التآمرية والإنقلابية كما تولى صدام تصفية العناصرالبعثية التي له معها مواقف سابقة او التي تعترض صعوده سلم السلطة. ويظهر من اسماء المعدومين ان كُلاً من البكر وصدام وضعا قوائم بالمرشحين للقتل والإعدام والشنق والتعذيب اوإلصاق التهم لتشويه السمعة كالتجسس وغيرها ضد كبار السياسيين والعسكريين العراقيين وتخوينهم وتشويه سمعتهم وبالتالي إعدامهم للتخلص منهم نهائيا. إنّ رشيد مصلح وعبدالعزيز العقيلي وعبدالرحمن البزاز وفؤاد الركابي ومدحت الحاج سري وطاهر يحيى وعطا عبدالوهاب وعبدالله الخياط وعبدالعزيز بركات وكثيرآخرين لا يتسع المجال لذكرهم من القوميين والناصريين خسروا ارواحهم بسبب احقاد البكر الشخصية وانتقام صدام الشخصي من ضحاياهم.
أما بعد أن أصبح صدام رئيساً للجمهورية فقد سالت دماء العراقيين أنهاراً إبتداءً من قاعة الخلد في ذلك الإجتماع الرهيب إذ كنت شاهداً لما حدث به الى حروبه العبثية التي أشعلها طيلة حكمه والتي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء وأكلت الأخضر واليابس، فأخذ العراقيون يستجدون منقذاً لهم من أي جهة كانت ليخلصهم من نظام صدام فاستغلت أمريكا ضعف النظام وسخط الشعب فقامت بإحتلال العراق وإسقاط النظام فلم يهب أحد للدفاع عنه.
اللهم أُلطف بالعراقيين إنك أنت اللطيف الخبير.
استاذ جامعي ودبلوماسي سابق