فاتح عبد السلام
بطولة ألعاب شعبية يعرفها الاتراك وحدهم باسم “قيرق بينار» تجري في حقول عشبية في شمال غرب تركيا غالباً، يقوم اللاعبون من الشباب ذوي القوة الجسدية والرشاقة الواضحة بدهن أجسامهم بزيت الزيتون والنزول لميدان المصارعة اذ يستعصي على أي مصارع إيقاع خصمه ارضاً، لأنّه سيفلت من يديه كلما ظنّ انه قد أمسك به. وهي رياضة غير منتشرة لكن هناك أريافاً كثيرة تفضلها في مواسم الصيف.
كأنّ خصائص هذه الرياضة منعكسة على الدول المتجاورة في هذه البقعة الساخنة من الشرق الأوسط ، وهي ايران وتركيا والعراق وسوريا ، اذ تجمعهم جميعا قضايا سياسية وأمنية متشابهة وخطيرة جدا، وانَّ لكل دولة عند جارتها مطلباً تسعى لنيله من دون جدوى حتى لو ظنّت انّ لها نفوذاً سياسياً كبيراً لديها يمكنها من نيل ما تريد، كما حال مساعي ايران وتركيا في العراق أو مطالب تركيا من سوريا أو اهداف ورغبات سوريا المعلقة على أمل التقارب مع تركيا وانهاء اكثر من عقد من الزمان من حالة شاذة لم تعشها دولة عربية من قبل منذ استقلالية الدول في القرن العشرين.
على الأعتاب نرى قمة مرتقبة بيت الرئيسين التركي والسوري، وكلاهما يطمح لنيل ما ينهي سنوات وربّما عقوداً من المطالب شبه المستحيلة، لاسيما في قضايا الأمن، والاكراد، واللجوء، والمياه. وسبق أن كانت هناك قمم أخرى بين العراق وتركيا عبر أكثر من حكومة، لكنها كلها كانت من النوع ” المدهون بالزيت” ، لذلك لا تزال المشاكل الجدية مستمرة، وزادت عليها مشكلة إيقاف تصدير النفط عبر إقليم كردستان الى تركيا والعالم.
قد يبدو الصراع بين الدول الأربع ودياً في ظاهره، ونوعاً من المباريات التنافسية في بطولة للتعارف والمودة، لكنه في النهاية صراع على المصالح الكبيرة التي لا أظن انّ هناك معطيات من أي طرف للتنازل النسبي عنها، وحتى لو كانت هناك بوادر لحلحلة معينة في بعض الملفات، فإنَّ الجميع عليهم تسلّق الحائطين الأمريكي والروسي «المدهونين بالزيت» أيضاً قبل الايغال في مشروع تسوية. هذا طبعاً لا يمكن فصله نهائياً عن الحرب الدائرة في المنطقة عبر قطاع غزة والجنوب اللبناني والمحور المعروف الذي يبدو انه « مدهون بالزيت» قبل سواه ومنذ زمان بعيد.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية