فاتح عبد السلام
هناك انقسام في الأوساط الثقافية والسياسية العراقية بشأن جائزة حملت اسم عملاق الشعر العربي محمد مهدي الجواهري، استحدثتها جهة ثقافية خاصة، ومنحتها لمغنية لبنانية. وبغض النظر عن أسباب اختيار هذه المغنية وليس سواها، فإنّ المعترضين رأوا انّ اسم الجواهري مُلكاً حصرياً للعراق ولا يمكن التصرف به من خلال اية جهة من دون ان تكون مخوّلة ورسمية، ولعل جائزة أو ميدالية باسم الجواهري لا يمكن ان تولد من دون مرسوم جمهوري أو قانون بتوقيع رئيس الحكومة. ومن الاعتراضات انّ الميدالية يجب ان تكون من معدن نفيس كالذهب ومشغولة بطريقة احترافية ومرخصة من جهات فنية ولا مجال للاجتهاد الفردي هنا. وسمعنا مَن قارن بين ما حصل في إطلاق جائزة الجواهري، وبين أن يقوم حزب أو كيان معين بمنح وسام الرافدين من الدرجة الأولى أو الثانية لشخصية معينة، اعتزازاً بدورها ومجهودها في مجال معين، وعلى اعتبار انّ « الرافدين» تسمية عامة ومشاعة لكل مَن يريد التصرف بها.
لكن آخرين يرون انَّ غياب الجانب الثقافي الحكومي عن الساحة وضعف وزير الثقافة وادارته لهذه الحقيبة يجعل الباب مفتوحاً بشكل حتمي لكل مَن يريد ان يقدّم رؤيته ويبذل حضوره لملء الفراغ الثقافي الرسمي المهول، والتجاهل المخيف لأعلام الفكر والابداع في البلاد، وانّ» المجتهدين» في اجتراح جوائز تحمل أسماء اعلام العراق، ليس لهم خيار سوى ما أقدموا عليه في ظل غياب وزارة الثقافة وتدهورها، بل جهلها بما ينبغي ان يكون من مبادرات تحفظ للعراق اسمه وذكرى نوابغه واعلامه وقاماته السامقة.
بلا شك انّ هذا التخبط في الاجتهادات والتصرف بالعنوانات الوطنية من دون وجود جهة تراقب وتقيم وتشترط وتضبط، يوحي بحال وزارة الثقافة البائس، والتي يبدو انها سائبة لا تخضع لمراقبة حكومية عليا، تضبط الأداء ولا تسمح بالتصرف العشوائي بالمسميات الكبيرة التي يجب أن تكون مرتبطة بمرسوم رسمي مخول.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية