فاتح عبد السلام
شعارات عدة أعلنتها أطراف الصراع الدموي الكبير في الحروب الدائرة اليوم في الشرق الأوسط.
إسرائيل، بعد صدمتها بهجوم السابع من أكتوبر في قطاع غزة، أعلنت مباشرة انها تخوض “حرب وجود”، وجمعت الدعم الأمريكي وروّجت لخطابها في سياق ذلك المفهوم.
أصحاب قرار هجوم « طوفان الأقصى « حملوا في بيانهم الأول شعار” تحرير الاسرى” الفلسطينيين بعد أن أصبح في أيديهم أكثر من مائتي أسير إسرائيلي، وما لبث العدد أن تناقص من خلال عملية تبادل الهدنة الأولى، والقتل تحت استمرار المعارك.
أمّا جبهة” لبنان” فقد جرى فتحها تحت شعار ثالث هو « الاسناد”، وكذلك كانت شعارات جبهات أخرى في العراق واليمن.
وتبنت إيران شعار جامعا وواسعا ومفتوح النهايات هو « وحدة الساحات».
سوريا، ذلك الرقم المهم في معادلة الصراع المعلنة وغير المعلنة، لم تتبنَ لنفسها أي شعار في هذه الميادين المشتعلة، بالرغم من انها كانت ساحة أمر واقع لضربات إسرائيلية كثيرة، لكنها تعاملت كثيراً مع مصطلحات» المقاومة» و”الحقوق المشروعة» و” الدعم”.
بالنتيجة، فإنّ شعار «معركة الوجود» هو الذي ساد وجرى فرضه في الواقع، واتخذت إسرائيل منه ميدانيا لإنهاء وجود حزب الله وحركة حماس في ساحتيهما بالميدانين اللبناني والفلسطيني.
لكن، هل تكفي سيادة مفهوم معين مهما كانت أدوات تنفيذه قوية لتحقيق أهدافه بشكل كامل ونهائي؟
هذا السؤال تجيب عليه جولات المفاوضات المتعددة عبر المبعوث الأمريكي الى لبنان أو الوسيطين العربيين بشأن قطاع غزة، ذلك انّ المفاوضات تعني في أبرز وجوهها انّ هناك طرفين وليس طرفاً واحداً في ميدان التفاوض. في النهاية، ستتوقف الحروب، ولابدّ من جردة حساب سيجريها المتصارعون، ولو في اجتماعاتهم السرية. وسيضطرون للإجابة الدقيقة امام أنفسهم عن أسئلة بشأن كلفة ما جرى.
هل حصل اختراق في ملف الأسرى الفلسطينيين، وهل كان ثمن الدمار المهول في قطاع غزة يحمل تبرير وجوب الدفع من اجل شعار لم يتحقق؟ هل دخلت جبهة «الاسناد « المعركة في جنوب لبنان بثقلها الكبير في توقيتها الصحيح؟ وهل توقعت إيران ان تصلها نيران «وحدة الساحات»، البعيدة عنها عادة؟
وفي العراق، هل استعدت جبهة الاسناد بالصواريخ والمسيرات، إيرانية الصنع والتمويل طبعاً، لخوض صفحة مقبلة من الحرب قد تبدأ في أي وقت حتى بعد انتهاء حربَي لبنان وغرة؟