فاتح عبد السلام
صحيح انّ العراق اجتاحته فوضى إعلامية وعمليات خلط وتشويه وتصفية حسابات ودجل وكذب في التقارير والاخبار والمقالات والتصريحات التي جرى بثها في العقدين الأخيرين بعد فترة طويلة من الكبت السياسي والاعلامي، غير انّ ذلك بدأ ينحسر شيئاً فشيئاً نتيجة ارتفاع وعي العراقيين وزيادة أكيدة في قدرتهم على التمييز بين الحقيقي والكاذب بعد مخاض طويل، وقع فيه كثيرون في منزلقات وأخطاء وخرجوا بدروس مفيدة.
وبعد ذلك، لا يمكن أن يتعامل الجهاز الحكومي الذي من المفترض انه نتاج حالة « ديمقراطية» بشكل متغافل ومتجاهل لمعلومات ترد في مقالات أو تقارير رصينة في وسائل اعلام لها خبرتها وتجربتها. هناك مئات من الملاحظات التي تخص عمل الوزارات، ترد في الاعلام اليومي العراقي مرئيا ومكتوبا، لكنها تذهب الى الإهمال مباشرة، حتى لو اطّلع عليها وزير أو مسؤول بطريق الصدف.
الاعلام الحر لا يجامل ولا يتبع خطوات السياسيين ليصفق لهم ويكبر برؤوسهم لاسيما إذا كانت «مربعة وفارغة». لكنه أداة لتقديم قراءة أخرى تكشف المسارات التي يتجه اليها البلد عبر أداء الوزراء الذين يؤتمنون على مسؤوليات كبيرة كل في قطاعه واختصاصه، بيد انّ الحصيلة هي انّ الوزارات مغلقة على روتين تعيس غير منفتحة لرأي مخالف لجوقة تتحكم بهذه الحقيبة، أو المؤسسة أو الهيئة أو تلك.
المصيبة تتعاظم عندما يكون مجلس النواب مشلولاً، ولجانه أكثر تعاسة من الجهات التنفيذية في التعاطي الإيجابي مع المقترحات البناءة والايجابية. ويفترض انَّ تتابع الجهات الحكومية حتى الرؤى السلبية لتعرف أسباب وجودها.
ليس عيباً، ان يجري ايفاد وزراء ونواب منتخبين الى دورات خارجية لتعلم ابجديات التعاطي مع الشأن العام، فليس معقولاً ان يأتي وزير أو رئيس لجنة نيابية من وراء….. ويتصدر المنصة أمام الشعب لتكون له الكلمة الفصل في جانب معين من مصيره.
أحيانا، يكون الوزير معذوراً لأنّه قادم من وسط حزبي لم يعرف عن التعامل الديمقراطي أي شيء، لكنه في النهاية ليس عذراً لمَن يريد تصدّر المشهد، الذي لم يعد يسر أحداً
رئيس التحرير-الطبعة الدولية