الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المسلمون أصل السامية

بواسطة azzaman

المسلمون أصل السامية

أورنيلا سكر

 

ما يجري من انتهاكات وجرائم إنسانية وسياسية وقانونية متكررة في القدس وحي الشيخ وميرون ليس بجديد على الشعب الفسطيني، لكن الجديد هو لماذا لا تزال هذه التجاوزات مستمرة حتى يومنا هذا، ولم تأخذ تدابير عربية وإسلامية ودولية منصفة وعادلة بحق الشعبين الفلسطيني والهيودي.

حقيقة الصراع

وتأتي هذه الممارسات بفعل عناصر عديدة متشابكة لابد من توضيحها واستحضارها وهي أن حقيقة الصراع قبل كل شيء هي عملية لعب وتلاعب وتزوير الوقائع من جهة التسميات والمحددات المتعلقة بالسامية واليهودية والصهيونية من جهة، إضافة إلى مسألة تهويد واستطان يخالف القانون الدولي من جهة أخرى.

 كما أن الصراع في فلسطين ذات إشكالية أوروبية – غربية ونوازع تاريخية مع المحرقة اليهودية التي يتم تدريسها في العالم العربي اليوم بأدبيات ومقاربة مشوهة ومنحرفة لا تتصل بالواقع بأي صلة.

من هنا يقتضي الأمر توضيح المسألة بإلحاح من أجل معرفة واقع الحال، ولكي نحد من خطاب الغطرسة والتطرف والكراهية سواء بحق اليهود أو المسلمين خاصة الفلسطينيين،أولا السامية لا تعنى فقط باليهود واليهودية، بل أيضا بالمسيحية والإسلام وأي اعتداء عليهم هو بماثة اعتداء على السامية، فما معنى كلمة سامية لغويا: معناها من السمو والعلو، يقال مقام سام: أي عال ورفيع، وتسامى القوم: أي تفاخروا.

 وتنقسم معنى الكلمة إلى لغات وشعوب، فاللغات السامية هي اللهجات التي يتكلم بها سكان القسم الجنوبي من غرب آسيا من حدود الآرمن شمالا إلى البحر العربي جنوبا، ومن الخليج شرقا إلى البحر الاحمر غربا. وهي منسوبة إلى سام بن نوح والشعوب السامية هي التي تتكلم بهذه اللهجات.

 فالعبرانيين حين غلبهم الكلدانيون جعلت لغتهم تفنى حتى صارت الآرامية في مناطقهم ولغتهم، إلا حيث يتعبدون، فان لغة العبادة فقيت العبرانية، ولا تزال إلى الزمن الذي خرب فيه نبوخذ نصر ملك الكلدانيين بيت المقدس وأوقع باليهود وأجلاهم إلى بابل وذلك عام 586 ق.م. ويقال بحسب علماء اللغات إن أصول السامية انشقت منه اللغات المتقدمة، حيث يعتريها مشابهة كبيرة بين العبرية والعربية، كأنما نُقلت عن البابلية، مع أنها في العبرية والسريانية قد دخلها التحريف، وعللوا ذلك بأن العربية بادية، فهي قلما تتغير كلغات الحضر التي تنازعها التبعية لغيرها، والاستقلال بنفسها وبالتالي فالشعب اليهودي الذي يتكلم العبرية ليس شعبا ساميا، بل هو خليط من شعوب أخرى، ولغات شتى، جمعتهم اللغة العبرية التي شابها الكثير من لهجات ولغات الشعوب الأخرى اخرجتها عن ساميتها، أما اللعب على كلمة اللاسامية التي تعنى بمعاداة  اليهود.

 ويقول اليهودي ليون بولياكوف في كتابه « تاريخ مختصر للاسامية: إنها استعملت لأول مرة على يد الكاتب الألماني فولهام من حوالي سنة 1880م، وعنوان كتابه:» انتصار اليهودية على الجرمانية «، والتي فتحت لهم آفاق جديدة للهجوم والدفاع.

وتعد استراتيجية اللاسامية فكرة هدامة ومدرة مفيدة حققت مكاسب عديدة في استغلال القرار الدولي والقانون الدولي لصالح اسرائيل والصهيونية، بفعل عقدة الهولوكوست، أو المحرقة اليهودية التي يستغلها الاسرائيليون لتوسيع الاستيطان والتهويد كسياسة ممنهجة لتطويق ومحاصرة الشعب الفلسطيني، سواء في القدس، أو في حي الشيخ الجراح.

 ويعبر برنارد لازار في كتابه « اللاسامية « تفسيرا واضحا لخطاب التطرف وربط الدين بالسياسة لدى اليهود المتطرفين تحت شعار: التكتل العنصري، التي تم فيها توضيح أساليب وأهداف وأسباب وتاريخ هذه الخدعة الماكرة التي نشرت عام 1894، وسط أجواء ساخنة ومتزامنة مع ظهور ميلاد الصهيونية السياسية على يد «تيودور هرتزل».

لغات حية

إن اليهود لا يعترفون بأحد، ولا حتى بالعرب الذين هم أكثر الجماعات السامية قربا، مما يمكن تسميته بالخطاب الحضاري السامي الأصيل، كذلك اللغة العربية أقرب اللغات الحية إلى السامية الأصلية، باختصار لأنه لا مجال فيه هنا للتوسع في هذا المضمار. وما يهمنا أن نشير إليه والتأكيد عليه في هذه المقالة هو أن ما يجري على امتداد عصور وقرون من الاستنزاف والاستعلاء والإجرام العنصري هو في الأساس إشكالية أوروبية تستوجب حل واضح وفوري للحد من استغلال وتوظيف عقدة الذنب تجاه المحرقة اليهودية، وأن إسرائيل هي معضلة غربية وليست عربية إسلامية بالدرجة الأولى.  كما أن علاقة الإسلام بأهل الكتاب سواء على مستوى النص الديني العقائدي في مسألة غير خلافية فقهيا ً ولا أيديويلوجياً، بل هي مسألة خلاف حضاري ووجودي من الجانب العربي- الإسلامي لجهة الدفاع عن الأرض والوجود والمغيب بفعل عدم توفر استراتيجيات حقيقية تستشرف حقيقة الصراع ومضامينه.

 بل تأتي صرخات وعذابات الشعب الفلسطيني والحكومات الفلسطينية والأنظمة العربية كردة فعل على فعل وليس من باب الفعل، والتفكر مع العلم أن القرآن الكريم دعا إلى التفكر والاجتهاد والاستراتيجيات للتصدي للعدو ومقاتلته  والاستعداد استباقا للمعركة، لكن وللأسف العرب أمة نائمة كما أشار قديما، كل من ياسين حافظ في كتابه «الهزيمة والأيديولوجيا المهزومة»، وغولدمايير حيث سئلت عن كيفية هزيمة الشعب العربي ؟ فأجابت نحن لن نبذل مجهوداً كبيراً إنها أمة نائمة.

وفي سياق متصل مع الدكتور خليل السفكجي مدير دائرة الخرائط في القدس، قال إن كل ما يجري اليوم من انتهاكات وتجاوزات بحق الشعب الفلسطيني يأتي بفعل مشروع صهيوني قديم ذو رؤية استراتيجية من التخطيط والاستشراف للمستقبل، بهدف محاصرة الأحياء الفلسطينية وتغيير معالم تلك الأحياء الحضارية والإثارة وطمسها بهوية عبرية يهودية من خلال سياسة الضم والتهويد  ومشاريع الاستيطان والمستوطنات الصهيونية التي لا مجال فيها للبحث في معايير القانون الدولي لأن الصهيوني مستحكم بكل القرارات الدولية، وأي اعتراض سواء أوروبي، أو عربي، أو إسلامي عليها، يقابله ردّ عنصري باللاسامية، أي معادة اليهود.

 وبهذه الحالة استطاعت الصهيونية تحويل قرار مجلس الأمن القاضي بتصنيف إسرائيل دولة عنصرية، إلى دولة معترف بها بسبب هذه الاستراتيجيات  الذكية التي تتحايل بها على التاريخ والقانون والعدالة والسياسة بعبارة استطاعت تأبيد سياستها على المنطقة، والقضية الفسلطينة، واستمالة الصراع لصالحها عبر سياسة التطبيع خوفا على المراكز.

 من هنا اخترعت عدو اسمه إيران، لأهداف استراتيجية بيع الأسلحة، ووفتح أسواق تجارية واقتصادية بمنطقة الخليج، إضافة إلى إذكاء الصراع ليصبح متقطع الاوصال، تتناحر فيه الصراعات الطائفية والمذهبية بشكل تتفوق عليه العنصرية الصهيونية.

إن العرب لم تكن لديهم سابقة عداء وإكراه مع اليهود، بدليل علاقة المسلمين مع اليهود في الأندلس والمغرب وفلسطين التي سمحت لهم أساسا بدخول المنطقة بفعل التشريد والتطهير العرقي الذي كان يعانيه اليهود في أوروبا من محاكم تفتيش واضطهاد باتفاق بريطاني مع حكومة الملك الشريف وابنه الحسين.

 ويضيف التفكجي أن تهويد حي الشيخ الجراح اليوم هدفه عسكري لتغيير المعالم الجغرافية والديمغرافية، ثانيا هذه سياسة تم اعتمادها أيام شارون لتعزيز الاستيطان داخل القدس من خلال مشروع البوابات للتأكيد على تطويق واختراق وتشتيت الأحياء وتحويلها إلى فسيسفاء داخل الأحياء اليهودية، على اعتبار أنها املاك يهودية.

 وتأتي هذه المنهجية من الاستراتيجية لتمكين تهويد الحوض المقدسي، وبلديات القدس والمنطقة المجاورة للأردن وما تشمل من الجامعة العبرية، إذا اعتبرنا أنها فلسطينية.

 ثالثا: احتواء القنصليات العربية والأجنبية بهدف تعزيز توفير وثائق تؤكد على إسرائيلية المستوطنات، حيث عند أي مطالبة لاسترجاع حقوق الأراضي، تكون الوثائق حرفت، وطمس آثارها وهويتها، مما يصعب التأكيد على أحقية الشعب الفلسطيني بها.

 وهذا ما جرى في مؤتمرات انقرة حيث لم يتوصل الوفد المفاوض إلى أي خطوة إيجابية بفعل هذه المستوطنات المتهودة على رغم تقديم وثائق تفيد أن الأراضي هي فلسطينية.

وبالتالي، لا مجال للحديث عن حل لمسألة التهويد، وتوسيع الاستيطان دون طرح رؤية استشرافية كاملة شاملة للصراع على كافة الجبهات القانونية والثقافية والتاريخية والدينية والسياسية والاستراتيجية.

 وقبل إعطاء مفهوم واضح وقرار يلزم ببناء المؤسسات، ووبناء مشروع دولة تتحدد من خلال بنيوية وشكل وهوية هذه الدولة، وكيفية التعامل مع إسرائيل من خلال التمييز بين ما هو صهيوني ويهودي وسامي، وغير سامي،  تقوم على رؤية استشرافية طويلة المدى بعيدة عن الظواهر الصوتية التي تقبع ضمن أسلاك وأسياج ردّة الفعل، وليس الفعل، لن نشهد عملية انفراج وحل حقيقي وجذري للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.  فكل من علا علوا حرمه الله  وأبطل العهد معه وهذه هي حال كل عنصري، ويمكن الاستدلال على ذلك بالآيات التالية: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً) الإسراء 4:8.

 


مشاهدات 24
الكاتب أورنيلا سكر
أضيف 2024/07/03 - 5:33 PM
آخر تحديث 2024/07/04 - 5:26 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 96 الشهر 1399 الكلي 9363471
الوقت الآن
الخميس 2024/7/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير