الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إنهم يستأصلوننا.. أين العالم؟

بواسطة azzaman

إنهم يستأصلوننا.. أين العالم؟

عبد المنعم الاعسم

 

الاستئصال العرقي والديني  صار مخالفة تلاحق مرتكبيها على مستوى الدول، فوق انه محرم وفق جميع القوانين والمعاهدات الدولية واخلاق المدنية الجديدة، بوصفه صفحة مخزية منذ ما بعد عصر الغابة حتي آخر فصول عمليات الاستئصال والابادة في البوسنة والهرسك وافريقيا السوداء، واغلب الظن، لن تكون هذه الفصول خاتمة لهذه النزعة الانتقامية علي الرغم من الضوابط الجديدة التي وضعت في اساس العلاقات الدولية الجديدة وبرعاية الامم المتحدة وكفالة هيئات انسانية عديدة ومؤثرة. فقبل 2800 سنة كان احد ملوك مملكة اشور يأمر بإبعاد نصف سكان اية مملكة يحتلها الى مملكة اخرى وبعدها صارت سياسة الاستئصال نهجا لحكام بابل والاغريق والرومان الى البيزنطيين والمغول والقياصرة حتى عصابة نتنياهو.. وفي العصور الوسطي ادخل الاصوليون اسبابا دينية لحملات الاستئصال، فقد اجلي البريطانيون اليهود من بلادهم عام 1290 وطردهم الفرنسيون العام 1306 والمجريون طوال القرن الثالث عشر والنمساويون عام 1421 والاسبان 1492، وطرد الليتوانيون اليهود عام 1445 والبولنديون عام 1494 والبرتغاليون 1497 والروس 1810 والالمان 1941، ثم احيا اليهود المستأصلون من بلدانهم خرافة «ارض الله» في فلسطين وقاموا باستئصال السكان الفلسطينيين من بلادهم فلسطين بالقوة وضربوا عرض الحائط بجميع قرارات الامم المتحدة حول حق العودة. وشهدت اسبانيا العام 1502دورة استئصالات سكانية لاسباب دينية، وفي فرنسا اغار المسيحيون الكاثوليك علي المسيحيين البروتستانت فاجلوهم الي امريكا الشمالية في اكبر حملة تطهير، وفي القرن السابع عشر شهدت بريطانيا حملة التطهير الديني ضد الكاثوليك الايرلنديين وسجل القرن التاسع عشر ابادة الهنود الحمر في قارة باكملها علي يد مستوطنين من خارج القارة، وفي العام 1866 تحولت سياسة التطهير الي سياسة رسمية علي يد حكومة واشنطن الفيدرالية فجرى تجميع الهنود الحمر في مستوطنات قسرية، وعندما تمردت قبائل السيوكس والارباهو علي قرارات الاخضاع صدرت الاوامر للجيش الامريكي بتنفيذ الابادة في ابشع صورة. وفي القرن الماضي جرت عمليات استئصال اثنية طاولت الاكراد والارمن فابيدت قرى كاملة بسكانها ذبح خلالها ربع مليون ارمني وعشرات الالوف من الاكراد، ثم دارت طاحونة الابادة مرة اخري عام 1915 فقد خلالها الارمن ما يزيد علي المليون مواطن. وفي ذلك الوقت تعرض ملايين السكان من اصول الشركس في داغستان والشيشان وانغوشيا الي عمليات استئصال متوحشة علي يد القيصرية الروسية وهي حلقة من سلسلة ابادة استمرت طوال مائة عام.

 وفي القرن العشرين سجلت القوى القومية الشوفينية والدينية المتطرفة وقائع تطهير عرقي لا سابق لبشاعتها طاولت الفلسطينيين والاكراد والالبان والشيشان وقامت المانيا بمعاقبة اعراق كاملة، فيما ردّ الحلفاء بعد نهاية الحرب العالمية الثانية مجتمعين باستئصال 12 مليون الماني من بولندا وتشيكوسلوفاكيا والمجر ورومانيا ويوغسلافيا والقائهم في العراء.

المشكلة ان جميع الدول الاعضاء في الامم المتحدة تلتزم، شكلا، بحماية القوميات واتباع الاديان والعقائد المختلفة وتوقع على تعهدات بتأمين حقوقهم، لكن تقارير متواصلة عن افراد جماعات سكانية كثيرة، وبخاصة في دول اسلامية وعربية يعاملون كواطنين من الدرجة الدنيا.. ومنذ سنوات صرخ مواطن عراقي (من مكوّن عرقي) بمحافظة جنوبية: لقد انقرضنا.. انهم يستأصلوننا.. اين العالم؟.

 


مشاهدات 331
الكاتب عبد المنعم الاعسم
أضيف 2024/06/07 - 7:29 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 6:09 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 322 الشهر 11446 الكلي 9361983
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير