فاتح عبد السلام
أحزاب الخضر باتت لها مكانة الخارطة السياسية الاوربية والبريطانية. هناك وعي متقدم لدى الناس بشأن الانطلاق من العناية بالبيئة والمناخ والغذاء لتحسين أمور الوضع السياسي العام داخليا وخارجيا.
قبل ثلاثين سنة كان حزب الخضر في بريطانيا عنوانا صغيرا، لا يكترث به أحد في الأوساط السياسية ولعل بعضهم يصف اعضاءه بالناشطين المنغلقين على قضية واحدة ليس أكثر.
بعد ان تهدد الكوكب بشكل جدي بسبب الاحترار المناخي وسوء التعامل مع الغازات الصناعية ومخلفات استهلاك الطاقة، وجدنا انَّ اطروحات حزب الخضر كانت مبكرة ومتقدمة ورائدة في مجالها من أجل العمل على ما يمكن إصلاحه في الحياة، وهو الامر الذي يحار فيه زعماء الدول السبع العملاقة ويخرجون من قممهم السنوية بحصيلة متواضعة من الاتفاقات، وقد لا يتم تنفيذ نصفها.
كوكب الأرض يعاني من ويلات الحروب وسوء إدارة اقتصادات وصناعات الدول، لذلك بتنا بحاجة الى مفهوم جديد للحزب السياسي ينطلق من عناصر الحياة النقية بحثا عن سبل الحفاظ عليها من تهديدات تجتاحها اليوم بعد ان كانت قبل ثلاثة عقود تقف عند حافاتها.
في العالم العربي، يقترن قيام الأحزاب وتأسيسها وشروعها في العمل السياسي، بالعنف غالبا من خلال الصراع بكل الوسائل للوصول الى السلطة، حتى لو كان على حساب صحة حياة الأرض التي نعيش عليها. هذا الامر يحدث في بعض البلدان العربية التي يندمج فيها الحزب بالقوة المسلحة بالحاكم المنفرد المطلق، وشهدنا ذلك في بعض دول المشرق العربي ومغربه على حد سواء بنسب مختلفة.
تبدو المسألة كوميدية أو استعراضية أو كمالية لا حاجة لنا بها، حين نتخيل انَّ حزباً عراقياً مناصراً لاصلاح البيئة والتربة والمياه والهواء والمبازل والزراعة الخالية من التلوث الكيمياوي ينزل الى ميدان المنافسة في الانتخابات أو في ميدان التنافس السياسي العام، كما هو الحال اليوم؟
من المرجح انَّ هناك من يقول انّ ذلك شبه مستحيل، اذ لم نصل بعد الى مستوى من الوعي المتقدم لجعل السياسة ضمانة لحفظ الحياة وليس نهبها وهدمها. لا يزال الحزب السياسي يتقاتل من اجل مكاسب تصب في جيوب زعمائه، وفي حال كان هناك حزب للخضر فإنّ المكاسب يجب ان تصب في الحقول والانهار والبيئة وكل ما هو أخضر وصحي وطبيعي، وذلك من الاحلام.. المضحكة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية