الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الثقافة الخضراء في أوربا

بواسطة azzaman

الثقافة الخضراء في أوربا

ضرغام الدباغ

 

الأوربيون يشعرون بدقة بهاجس التلوث وآثاره ونتائجه، الذي يجسد نفسه في حياتهم بوضوح تام. ولا سيما لمن كان سنه فوق الخمسين عاماً، سيلمس ذلك بوضوح كيف :

شخصياً كانت أول زيارة لي لألمانيا في حزيران / 1975، (اوربا أعرفها منذ 1988 فصاعداً) ومساء ذلك اليوم كان يجب أن نرتدي سترة وأن نتقي البرد. وكانت ألمانيا لا تعرف المراوح ولا أجهزة التبريد. (وحتى سورية كذلك كنت حتى مطلع السبعينات تتمتع بطقس جميل ولا أثر للمراوح ولا أجهزة التبريد)

كان قانون العمل الألماني، يوقف العمل إذا تجاوزت درجة الحرارة 20 درجة مئوية، وفي تلك السنوات 1975 فما فوق، بدأنا نشهد ارتفاع تدريجي للحرارة، ولكنها على أية حال لم تكن تتجاوز : 33 ــ 34، والارتفاع بدرجات الحرارة لم يكن ليستغرق أكثر من ثلاثة أو أربعة أيام، والمسنون الألمان كانوا يقولون لها، الحرارة لم تكن تبلغ أكثر من 28 ــ 29. بالضبط كما نحن نقول الآن للأجيال الجديدة التي بدأ الحرارة فيها تتجاوز الأربعين ...! وألمانيا بدأت منذ أكثر من 10 أو 15 سنة تستخدم المراوح كأمر اعتيادي، ... صار البعض ومنهم أنا، نستخدم الكولر(المبردة ذات الماء) وهناك من بدأ يشتري الأيركوندشن، وشركات صناعة السيارات الأوربية تستخدم التبريد في السيارات ...! وهو ما كان من الخيال حتى السبعينات.

إذن الأمر صار واقعياً، والبشر هنا في أوربا بدأوا يتفاعلون مع الأمر علمياً، والاسباب متعددة الوجوه وهي من يد البشر غالباً .

اقتصاد زراعي

1.الزيادة السكانية، تزايد عدد البشر خلال الأربعين عاماً الأخيرة نحو ثلاثة أضعافهم.(من 3 إلى 9 مليار نسمة).

2.الزيادة البشرية بحاجة بالطبع لمياه الشرب ولسائر الحاجات الإنسانية.

3.البشر بحاجة للمزيد من الاقتصاد الزراعي، الذي يتطلب وفرة مياه في المقام الأول. ومن أجل مضاعفة الثروة الحيوانية نونحن علم أن كمية المياه التي تحتاجها بقرة واحدة تصل ل 15 ألف لتر من أجل انتاج كيلوغرام واحد من اللحم وحوالي 500 لتر ماء لإنتاج لتر واحد من الحليب. ....تشرب البقرة الواحدة كمية تقارب 100 لتر يوميا .

4.الصناعة بدورها تحتاج لكميات متزايدة من المياه، وتساهم بتلوثها.

5.تراجع الموقف المناخي، أدى إلى تراجع كمية الأمطار المتاحة، وبالتالي شحة المياه في الأنهار. والموقف المائي يعتبر من أسرار الدولة، وهناك دول أوربية بدأت تشهد ظواهر التصحر ..!

6.الاستهلاك المفرط في الطاقة، ولا زال إنتاج الطاقة (الكهرباء) يعتمد بدرجة كبيرة على الوقود الأحفوري (النفط والغاز) (Fossil energy) وما يسببه من تلوث رغم أتساع إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة البديلة.

7.الطاقة النووية ليست آمنة(من الأخطاء والحوادث)، والتخلص من مخلفاتها إشكالية تفوق إشكالية إنتاج الطاقة، بحيث تتجه كثير من الدول للتخلص (أو تقليص) محطات الطاقة النووية.

8.تزايد عدد الآليات المستهلكة للطاقة الأحفورية (Fossil energy)والتوجه نحو الطاقة الكهربائية (البطاريات) سوف لن يقلص كثيرا من التلوث، لأن عدد الطائرات المدنية والحربية تستهلك عشرات اضعاف استهلاك السيارات والآليات من الوقود..

وهذه المسيرة (تلوث البيئة / Pollution) هي ظاهرة معروفة منذ سنوات عديدة، ولكن العالم لا يتفق على حلول حاسمة. والمشكلة، فقد  في تسارع وتضخم، وعلمت أن نهر التايمز في بريطانيا كان يتجمد في عصور ما قبل التلوث، لاشك أنه بدأ في بريطانيا مبكراً مع حلول عصر الثورة الصناعية، والاستخدام المتزايد وأن سطح الماء المتجمد كان يقام عليه  ما يسمى في أوربا (سوق الاحد).

هل هناك ثقافة خضراء مضادة للتلوث في أوربا

بالتأكيد بحسب تطور النظام الاجتماعي والصحي، وقد قرأت في إحدى الاعمال الموسوعية، أن التلوث قتل في عام 2015، 9 مليون نسمة ..!، وفي ألمانيا مثلاً، وهولندة : أعتقد لا أحد يتناول الماء من الحنفية، حيث انتشرت صناعة المياه الصحية بشكل واسع النطاق، وكذلك المياه المعدنية، وبوسع المستخدم أم يعلم ما تحتويه قنينة الماء من محتويات. والجميع يعيدون القنينة الفارغة مقابل 25 سنت، وهذه تساهم بدرجة كبيرة جداً على الحفاظ على البيئة.

اعادة تدوير

وفي أوربا نهضت صناعة كبيرة تعتمد التعامل مع النفايات. والتخلص من النفايات بشكل يعود بالفائدة والتخلص معاُ، فنسبة كبيرة جداً من الزجاج المصنع، هو معاد تدويره، وكذلك الورق، والمطاط، ولذلك فهناك عدة صناديق(كونتينر) تفصل الورق عن الزجاج وعن البطاريات الجافة الناضبة، وبقايا الأطعمة والأدوية النافذة المفعول، وهكذا يعاد إنتاج الكثير من النفايات، وما تبقى منها تحرق وينتج منها الطاقة. كما تعاد مياه الصرف الصحي للتنقية والتعقيم وتعاد للمواطنين، أو تستخدم للزراعة.

الآن يبرع الأوربيون في اختراع مخففات الحرارة، من مواد بناء وأسلوب ونمط البناء المعماري، وهذه تخفف من الحرارة بدرجة ملحوظة، والثياب، وأطعمة ومشاريب، وبالامكان فعل الكثير جداً  وفي المقدمة الاستفادة من المياه المالحة أو العكرة وتأهيلها للشرب، وقد فوجئت كثيراً حين علمت أن هاك حوالي 130 في العالم تستخدم انظمة تحلية مياه البحر، طبعاً دول الخليج العربي في المقدمة، والآن مصر أيضاً. وقد توصلوا إلى طرق ذكية في خفض تكاليف نحلية مياه البحر باستخدام الطاقة الشمسية، وهناك معاهد دراسات وبحوث للاستفادة كثيرة من المتخلف الرئيسي للعملية : وهو التخلص من الملح المكثف بحيث لا يلحق الضرر بالبيئة.

البحوث في مجال الطاقة البديلة / النظيفة، أتوقع أنها ستسفر عن منجزات هامة، زلكن هذا لا يعني الاستغناء عن النفط، فهنام 36 منتج جانبي من النفط، وبعضها ضروري جدا يساعد في صناعات أخرى.


مشاهدات 482
الكاتب ضرغام الدباغ
أضيف 2024/05/25 - 3:05 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 2:18 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 306 الشهر 11430 الكلي 9361967
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير