الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السيناريوهات الأربعة المحتملة للإنتخابات التشريعية الفرنسية

بواسطة azzaman

السيناريوهات الأربعة المحتملة للإنتخابات التشريعية الفرنسية

سعد المسعودي

 

كان قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة سببا في إغراق البلاد في حالة من الإرباك السياسي الشديد. فيما يبدو أن عقدين من استقرار نسبي وعمل الرئيس ورئيس الوزراء والبرلمان في وئام، يشقّان طريقهما نحو الزوال. فما هي أبرز السيناريوهات المحتملة للانتخابات المقبلة؟

دعوة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى انتخابات برلمانية مبكرة أغرقت فرنسا

في حالة من الإرباك السياسي الشديد. إذ تُرجّح التوقعات عدم حصول أي من المعسكرات السياسية الرئيسية، التجمع الوطني اليميني المتطرف وتكتل الجبهة الشعبية الجديد اليساري أو الوسطيين بزعامة ماكرون، على أغلبية مطلقة وأنها ستواجه صعوبة في تشكيل حكومة.

حكومة تعايش

تفيد الاستطلاعات بأن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبين المرشحة الرئاسية لثلاث مرات ورئيسه الحالي جوردان بارديلا   سيحصل على أكبر عدد من الأصوات بعد الجولة الثانية في 7 تموز/يوليو المقبل. وإذا ضمن التجمع الوطني وحلفاؤه الأغلبية في الجمعية الوطنية، سيجد ماكرون نفسه في «تعايش» بين رئيس وحكومة من معسكرين على طرفي نقيض.

 ويذكر أن فرنسا قد شهدت ثلاث حكومات مماثلة في فترة ما بعد الحرب. وجميعها كانت حكومة تعايش بين اليسار ويمين الوسط، وآخرها دامت من 1997 إلى 2002 بين الرئيس جلك شيراك ورئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان.

هذا، ومن المرجح أنّ التعايش سيسوده التوتر بين ماكرون وخصومه من اليمين المتطرف  

وفيما سيكون اليمين المتطرف قادرا على تنفيذ جزء من برنامجه الداخلي، مثل الحد من الهجرة، فإن الرئيس وحده هو من يستطيع الدعوة إلى استفتاء أو تصويت على تعديلات دستورية.

لذا، قد يجد الرئيس الذي عادة ما يرسم السياسة الخارجية والدفاعية، يديه مكبلتين في حال عيّن التجمع الوطني وزيري دفاع وخارجية قوميين يعارضان نظرته للعالم.

ائتلاف مع المعتدلين

ويشار أيضا إلى أن فرنسا رفضت حكومات ائتلاف منذ الجمهورية الرابعة بعد الحرب (1946-1958) عندما شهدت 22 حكومة خلال 12 عاما. ومنذ خسارته الأغلبية البرلمانية في 2022، سعى ماكرون إلى تشكيل تحالفات في البرلمان على أساس تبادل الأصوات، أو فرض التشريعات بدون تصويت بدلا من عقد حلف مع حزب آخر.

وقد يحاول حزب التجمع الوطني أو اليسار القيام بالشيء نفسه في حال عدم حصوله على الأغلبية، لكن حكومة أقلية من اليمين المتطرف أو اليسار، قد تخسر في تصويت على طرح الثقة.

ومدركا لهذه المخاطر قال رئيس التجمع الوطني بارديلا إنه سيرفض أن يكون رئيسا للحكومة ما لم يحصل على أغلبية مطلقة.

ومن جهته، يأمل معسكر ماكرون أنه في حال أفضت الانتخابات  إلى برلمان من دون أغلبية، أن يتمكن من تشكيل ائتلاف مع المعتدلين من اليسار واليمين.

وفي إطار تواصله مع حلفاء محتملين لم يقدم حزب ماكرون مرشحين في 67 دائرة انتخابية يتنافس فيها مرشحو يمين الوسط أو يسار الوسط.

لكن قام ماكرون بتقليص خياراته بوضع حزب فرنسا الأبية اليساري -القوة المهيمنة في تكتل الجبهة الشعبية الجديد- على قدم المساواة مع اليمين المتطرف في ما يسميه «التطرف» في البلاد. كما يتهم ماكرون حزب فرنسا الأبية بمعاداة السامية وهو ما يرفضه حكومة تصريف أعمال برئاسة أتال؟

هذا، ويتمثل خيار آخر في تعيين ماكرون لحكومة تكنوقراط يمكن أن تدعمها جميع الأحزاب.

وفي الصدد، يشير خبير العلوم السياسية في مركز إميل دوركهايم في بوردو كامي بيدوك إلى إيطاليا كمثال حيث شكل رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراغي في العام 2021 حكومة وحدة وطنية عندما كانت إيطاليا تشهد حالة اضطراب. ودامت الحكومة سنة ونصف سنة.

وقال بيدوك إن ماكرون قد يقرر أيضا ترك الحكومة الحالية برئاسة  غابريال اتال  المنتمي لحزبه بصفة حكومة تصريف أعمال لعام. ويمكنه بعد ذلك الدعوة لانتخابات جديدة.

وسيكون لهذا القرار فائدة ضمان الاستمرارية خلال الألعاب الأولمبية (26 تموز/يوليو – 11 آب/أغسطس) عندما تكون أنظار العالم منصبة على فرنسا.

ومن غير المؤكد بتاتا ما إذا كان اليمين المتطرف أم اليسار سيدعم مثل هذه الخطوة التي من شأنها أن تسمح لماكرون بربح الوقت لإدخال تغييرات على طريقته في الحكم.

الاستقالة

وسيكون السيناريو الأكثر دراماتيكية استقالة ماكرون إذا واجه احتمال إزاحته من اليمـــــين المتطرف أو اليسار. ففي الوقت الحالي يشير المعسكران إلى أنه بدلا من العمل مع الرئيس على إخراج فرنسا من الشلل السياسي، فإنهما سيضغطان عليه للتنحي.

ومن جانبها، حذرت لوبان المتوقع أن تسعى لخلافة ماكرون في الانتخابات الرئاسية العام 2027، من أنه «لن يكون أمامه خيار سوى الاستقالة» في حال حدوث «أزمة سياسية.» ولكن تعهد ماكرون البقاء في منصبه إلى غاية نهاية ولايته الثانية في 2027 وذلك مهما كانت نتيجة الانتخابات.

وفي استطلاع تلو الآخر، يظهر اليمين المتطرّف المتمثّل في التجمّع الوطني متقدّماً بحصوله على 36 إلى 37 في المئة من نوايا التصويت، بينما يحصل تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليســــــــاري على ما بين 27 و28,5 في المئة، والأغلـــــــــــبية الرئاسية من يمين الوسط على 21 في المئة.

غير أنّ هذه الانتخابات لاختيار 577 عضواً في الجمعية الوطنية، تحمل الكثير من العوامل المجهولة المرتبطة بكلّ دائرة.

كما أنها ستشهد تبدلات كبرى بين الجولتين على ضوء بقاء مشاركين أو انسحابهم أو حتى إصدارهم تعليمات للتصويت بناء على ما ستحمله نتيجة الجولة الأولى.

وانطلاقاً من هذا الواقع، يبقى السؤال المطروح عمّا إذا كان يجب الحؤول دون فوز اليمين المتطرّف أو رفض الاختيار؟

ويؤرق هذا السؤال المعسكرين الماكروني واليساري، في ظلّ مناخ سياسي متوتّر يتّسم بالتعبير بشكل علني عن العداوات والكراهية بين المرشحين.

ولم يتخذ المعسكر الماكروني موقفه بعد، غير أنه قد يعتمد تعليمات «لا للتجمع الوطني ولا لفرنسا الأبية وهو وجه منذ البداية انتقاداته لليمين واليسار المتطرفين، حتى لو لم يحسم الرئيس إيمانويل ماكرون قراره في هذا الشأن بعد.

أمّا في صفوف اليسار، فقد أعلن زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلانشون الذي يعدّ شخصية غير محبوبة بالنسبة إلى الناخبين الوسطيين بما في ذلك ضمن تحالف الجبهة الشعبية الجديدة، أنّه سيدعو ناخبيه إلى عدم التصويت للتجمّع الوطني خلال الجولة الثانية في الدوائر التي لا يعود فيها أي مرشّح يساري.


مشاهدات 47
الكاتب سعد المسعودي
أضيف 2024/06/29 - 3:28 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 3:06 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 279 الشهر 11403 الكلي 9361940
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير