الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
گزمة الوزير

بواسطة azzaman

گزمة الوزير

عماد مكلف البدران

 

قبل أيام عرضت أحد القنوات الفضائية مسلسل صاحب السعادة للفنان الكبير عادل إمام، الذي اُنتج عام 2014 أثر التحولات التي شهدتها مصر في ثورة 25 كانون الثاني 2011، التي اطاحت بالرئيس المِصريّ  حسني مبارك،  ومباشرةً جرت انتخابات ديمقراطية بعد مدة وجيرة اوصلت الإخوان  المسلمين الى سدة الحكم ،إلا أنّ الأمر عاد وارتد بشكل درامي عجيب،  وجاء بالعسكر مرة أخرى الى الحكم وبإدارة الرئيس الحالي عبد الفتاح السّيسي ،هذه الإدارة التي من المفترض أن تتحرّك في ظل معطيات ومتغيرات ديمقراطية انتجتها إرادة الشعب المصر، إلا أنّ الأمر بقي على ما هو عليه من هيمنة لما يسمونه بالدولة العميقة وادارتها البوليسية ،وعلى الرغم من اجراء الانتخابات وفوز السّيسي إلا أنّ الانتقادات اكدت ان النظام هو نسخة طبق الاصل عن سابقه ،وهذا ليس مطلبنا بالتحديد، فقد يكون نظاماً مرغوباً به من الشعب المِصريّ في ردة فعل على سياسة الإخوان  المتطرّفة او لكون الشعب جُبل على الانقياد وراء هكذا نظام اي حكم العسكر منذ ثورة 1952 ،وتأقلم مع حلوه ومره ،فالمِصريّون أدرى بطبيعة مجتمعهم. قدّم المسلسل دراما غاية بالروعة وحوار بين شكل الدولة القوي الحازم والشكل الديمقراطي الشفاف الذي يعتمد الرأي و الرأي الآخر مثل الاول أُسْرة وزير الداخلية بقيادة الممثل خالد زكي أما الشكل الثاني فكان لأُسْرة الفنان عادل إمام  ، وقد كان المسلسل رسالة واضحة اُرسلت لتغيير وجهة نظر السلطة من الشعب وان يكون تعاملها ديمقراطياً يؤمن بالرأي مهما كانت الظروف والمعطيات ، وعلى الرغم من ذلك لم يُهمل مؤلّف المسلسل المرتكزات الموروثة من دولة سابقة اساسها الهيبة ،وهو في ذلك يؤكد على ان الشفافية تحتاج حزم وصرامة تسير جنب الى جنب مع اي مرحلة ترشح من تغيير او ثورة او يأتي من اصلاح لمنظومة الحكم والمجتمع معاً، ففي احد اللقطات الناقدة المضحكة يتوجه وزير الداخلية الحازم القوي الى المسجد في يوم الجمعة ليصلي ويستمع لخطبة الإمام الذي اسهب في مدح السلطة والثناء على الحاكم واجراءاته ، وبعد خروج الوزير اكتشف مرافقوه وحمايته ان حذاءه (گزمته) قد سُرق لينفجر الوزير بوجه الحماية موبخاً لهم ومعلناً عن سخطه لغفلتهم التي ادت الى سرقة حذائه، وكيف انها إهانة ربما مقصودة للدولة وهيبتها، وعلى حدّ قوله (كيف يسرق حذائي وانتم واقفون في باب المسجد وامام اعينكم كيف؟!!) ليجيبه احدهم (ان الذي سرقه استغل تزاحم المصلين في اثناء خروجهم من المسجد وقام بفعلته هذه وقد اختلط الأمر على الحماية ) فكان رد الوزير فخم وعبر عن ادراك وخبرة ( هذا الكلم لا يُعقل لو ان افراد الحماية كانوا يقفون مثل الصقور منتصبو القامات وعيونهم ترصد وهي مفتوحة ونظراتهم حادة وصدورهم شامخة فما كان احد تجاسر وتجرأ ان يسرق إلا أنهم اغفلوا عنصر الهيبة) وهنا مربط الفرس ، فأن أي تحوّل ديمقراطي لا يعني الاهمال وفقدان هيبة الدولة ورغبتها في الحزم وان تشعر الجميع بوجودها ،وإلا  ستُسرق آلاف الگزم من أمام انظار النواطير بعد ان اشاحت ابصارهم بعيداً عن مرمى الهدف وخذلوا القانون ورضوا بالذلة لتظهر دولة مهلهلة تحت مسمىً ديمقراطي ويسود مفهوم الفوضى بثوب التسامح لتسقط المعاني الحقيقية لهيبة الدولة وكيانها وتعم فلسفة العبث وبإصرار .

 


مشاهدات 485
الكاتب عماد مكلف البدران
أضيف 2024/06/29 - 12:21 AM
آخر تحديث 2024/11/24 - 3:37 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 114 الشهر 10494 الكلي 10053638
الوقت الآن
الإثنين 2024/11/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير