الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
طالباني الرئيس المتشائم

بواسطة azzaman

طالباني الرئيس المتشائم

عبدالكريم يحيى

 

المختبئ وراء السَّاخر الكبير، بماذا كان يفكِّر قبل أنْ يُصرِّح في 17 أيلول 2010 (ربما لن يحصل الكرد على منصب رئيس الجمهورية في الدورة المقبلة)؟ كريم يلدز، مستقبل كردستان، ص79.

تصريح الرئيس العراقي البالغ من عمره سبعة وسبعين سنة، ربما جاء لاكتشافهِ أنَّهُ خَسِرَ سبعين سنة لم يَعِشها كما كان يأمل، العيشُ في الهواء الطَلِق يَعِدُنا براحةٍ نفسية، والماء والخضراء والبساطة وروح النكتة عند الفلاحين والقرويين بعيداً عن غرف المؤامرات والقيل والقال وحِبال السياسة.

ما هو مصدر تشاؤم الرئيس؟ ربما وبعدما قاتل سنواتٍ طويلة راح يُفكِّر: أ مِنْ أجلِ هذا أفنيتُ عمري؟ هل كان يقرأ عن الاطِّراد والارتداد الحضاري؟ هل وصلته أنباء سيئة من أتباعه؟ هل كان يشعر بأنَّه قد فقدَ قدرته على القتال؟ قدرته على فضِّ الخلافات الناشئة بين القيادات؟ هل يمكن للمقاتل أنْ يكون متشائماً؟

ربما لم يتذكر أنَّ الشعب الكردي ما زال في سوريا وتركيا وإيران كأقليَّات تحت السيطرة، رغم قرون من الاضطهاد وإنكار الحقوق الثقافية ووضعوا استراتيجيات تُحرِّضُ الكرد بعضهم ضد بعض باستغلال الاختلافات العشائرية أو السياسية أو الثقافية أو غير ذلك.

ربما كان يفكر في تاريخ العقل المُتعَب، وهو تاريخ العقل النقدي، والتفكير كله نقد، ربما توصَّل إلى أنَّ أية جهود يبذلها الكرد في الشأن الخارجي هو جهود ضائعة ولا طائل من ورائها، ما لم يجر توحيد الجبهة الداخلية وإنهاء النزاعات والخصومات، ربما توصل أنْ لا نقد قبل مناقشة وتحليل ثلاث فرص ضائعة:

الأولى: اعترف العراق بحقوق الكرد في المادة الثالثة من دستور 1958 (العرب والكُرد شركاء في هذا الوطن ويقر هذا الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية)، صدرت الصحف والمجلات الكردية (خه بات/ النضال) و(الحرية) وفي السليمانية (الشمس، الحياة، الأمل، اليوم الجديد) وعدد آخر في بغداد. اندلعت عِدَّة ثورات، أهمها أيلول 1961- 1975.

حكم ذاتي

الثانية: 5 نيسان 1991 دعت فرنسا وتركيا وإيران، مجلس الأمن لمناقشة قمع الحكومة العراقية للشعب الكردي وصدر القرار 688 بمنح الكرد ملاذاً آمناً. ومارس الكرد حكماً ذاتياً مستقلاً منذ 1991، لكن التطور العمراني بدأ بعد 2003 وصحبه سوء إدارة وازدياد الميزانية التشغيلية لصالح مرتبات خيالية بغية تحقيق انتصارات انتخابية وسياسية.

الثالثة: دستور 2005 وانتخابات 2005 ومن مجموع 275 مقعداً حصل التحالف الكردستاني على 54 مقعداً. انتخابات 2010 حصل على 43 مقعداً من مجموع 325 وظلَّ للكرد تمثيل سياسيٌّ قويٌّ في بغداد، حتى تفكك التحالف الكردستاني وفي الدورة الانتخابية الرابعة، حصدَ البارتي 25 مقعداً، والخامسة 32 مقعداً. تراجعَ الاتحاد الكردستاني من 19 مقعداً إلى 17. كتلة التغيير بعد موت مؤسسها لم تحصل على شيء بعدما كان لها أربعة مقاعد. الجيل الجديد قفزَ من ثلاثة مقاعد إلى تسعة. والاتحاد الإسلامي من مقعدين إلى أربعة.

لماذا لم تُكتبْ رسالة ماجستير أو أطروحة دكتوراه أو دراسة أو بحث ترقية أو عقدت ندوة علمية لمناقشة الأخطاء المرتكبة والتي أدَّت لضياع الفرصتين؟ لأنَّه بحسب الرأي السَّائد لا توجد أخطاء، ليس ثمة غير تضحيات وانتصارات يجب تقديسها وعدم المَسَاس بها، وبالتالي سوف تتكرر الأخطاء وتتكرر. وضياع الفرصتين أعلاه، لا يعني عدم وجود فرص سابقة، وأسئلة ما زالت لم تطرح:

كيفَ اقتنع السير بيرسي كوكس (1864- 1937) المستشار السياسي لحملة الإنكليز العسكرية لاحتلال العراق بصعوبة السيطرة على المناطق الكردية الجبلية الوعرة، وصعوبة فهم الهوية الكردية، وبالتالي اقترح دمجهم في دولة عربية سورية وعراقية؟

لماذا ما زالت هذه القناعة راسخة في الاتحاد الأوربي والمؤسسات السياسية الغربية رغم مرور مئة سنة؟

لماذا اقتنعَ كوكس نفسه بضرورة إقامة دول سياسية في الخليج العربي، سواء متحدة أو متفرقة؟

استسلم تشرشل وزير المستعمرات لمستشاره كوكس، رغم ذلك أصدرت الحكومة البريطانية مع الحكومة العراقية بياناً مشتركاً في ديسمبر 1922 يعترف بحق الكرد في تشكيل حكومة داخل حدود العراق.

أنشأت عصبة الأمم لجنة تحقيق دولية ذهبت إلى الموصل 1925 ووجدت خمسة أثمان المنطقة (الموصل عقرة زاخو سنجار) كرداً، وأوصت اللجنة بإبقاء الموصل ضمن دولة العراق. استقلَّ العراق عن بريطانيا 1932 بشرط قبول الالتزام بالحقوق السياسية والمدنية للشعب الكردي. لماذا ظلَّ الالتزام ظلَّ حِبراً على الورق؟


مشاهدات 126
الكاتب عبدالكريم يحيى
أضيف 2024/06/22 - 1:58 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 2:15 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 307 الشهر 11431 الكلي 9361968
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير