الواقع المأزوم للتعليم
محمد الربيعي
يواجه نظام التعليم في العراق أزمة عميقة تهدد حاضر البلاد ومستقبل أجياله القادمة. بعيداً عن كونه منارة للعلم والمعرفة، تحوّل هذا النظام الى مستنقعٍ من الفساد والاهمال، يبتلع احلام الشباب ويغرق البلاد في الظلام.
ففي المرحلة الابتدائية، تعاني المناهج الدراسية من ضعف ملحوظ يفتقر الى الاهداف الواضحة، وتزخر بالمواد الدراسية غير المنظّمة، دون مراعاة للاحتياجات الفعلية للطلاب وظروفهم الاجتماعية والمعيشية. ناهيك عن طرق التدريس التقليدية التي لا تشجّع على العمل الجماعي والتعلم الذاتي والتفكير النقدي أو استخدام التكنولوجيا الحديثة. نتيجة لذلك، يخرج الطلاب من المرحلة الاولية دون مهارات أساسية في القراءة والكتابة والرياضيات، مما يعيق فرصهم في الاستفادة من فرص التعلم اللاحقة التي توفرها الجامعات او المعاهد العليا او دخول سوق العمل.
اما التعليم الجامعي، فهو ليس بوضعٍ أفضل، حيث يواجه فجوةً كبيرة بين مخرجاته واحتياجات سوق العمل. تقدم الجامعات، خصوصا الاهلية منها، شهادات ضعيفة الجودة ولا تلبي متطلبات التوظيف والمستويات المهنية المعتادة، مما يؤدي الى تضخم الجهاز الوظيفي الحكومي وتفاقم مشكلة البطالة وازدياد الشعور بالاحباط لدى الشباب. يضاف الى ذلك، انتشار ظاهرة الوساطات وشراء الوظائف، مما يغذي الفساد المستشري اصلا ويؤثر سلباً على كفاءة المؤسسات ونزاهة النظام التعليمي. لا يمكننا السكوت على هذا الوضع المأساوي دون تحرك. فلنتكاتف جميعاً لِبناء نظام تعليمي جديد يليق بالعراق وشعبه، نظام يؤسس لمستقبل واعد للأجيال القادمة.
لنجعل من تعليم شعب العراق قضية وطنية، ونقضي على الفساد ونحرم الاهمال في هذا المجال الحيوي.