الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
جودة الأستاذ الجامعي بين الواقع والتحدي

بواسطة azzaman

جودة الأستاذ الجامعي بين الواقع والتحدي

زين العابدين الصافي

 

تُعَدُّ الجودةُ في التعليمِ العالي إحدى وسائِلِ تحسينِ وتطويرِ نوعيةِ التعليمِ والنهوضِ بمستواهُ في عصرِ العولَمةِ الذي يُمكِنُ وصفُهُ بأنَّهُ عَصرُ الجودةِ، فَلَمْ تَعُد الجودَةُ حُلُماً تَسعى إليهِ المؤسساتُ التعليميةُ أو تَرَفاً فِكرياً لها الحقُّ في أخذِهِ أو تركِهِ، بَلْ أصبحت ضرورةً مُلِحَّةً تُمليها التَّغيُّراتُ المتسارعةُ التي يَشهدُها قطاعُ التعليمِ العالي في جميعِ أنحاءِ العالَمِ ومُتَطلَّباتِ الحياةِ المُعاصِرةِ، وعليهِ فإنَّ الجامعاتِ العربيةَ -وخصوصاً في العراق- تستقبلُ وتُخَرِّجُ في كُلِّ عامٍ أفواجاً من الشبابِ يُمَثِّلونَ الركيزةَ الأساسيةَ لحركةِ التنميةِ في المجتمعِ وبهذا فإنَّ التعليمَ يُمَثِّلُ جَوهَرَ النشاطِ البشريِّ وبِهِ تُكتَسَبُ المعارِفُ ويَتَقَدَّمُ المجتمعُ، لذلكَ تَتَنَوَّعُ طرائِقُ القياسِ والتقييمِ في التعليمِ العالي ابتداءً من الأُستاذِ الجامِعيِّ لِما لَهُ مِنْ دورٍ بارزٍ وكبيرٍ في التعليمِ العالي، ولِما يُواجِهُ التعليمُ العالي مِنْ تحدٍّ دائمٍ يتمثلُ بالتغييرِ المستمر.

تطورات متسارعة

كالذي يُواجِهُهُ المجتمعُ، ويرجِعُ هذا إلى التطوراتِ المُتَسارعَةِ في مجالِ المعلوماتِ وتكنولوجيا الاتصالاتِ، والنُّمُوِّ في عددِ الطلبةِ وزيادَةِ تَنَوُّعِهِمْ، والتَّحرُّكِ نحوَ المجتمعِ المعرفيِّ، فهذهِ التغيُّراتُ فَرَضَتْ على مُؤَسَّساتِ التعليمِ العالي العملَ على تغييرِ أساليبِها الإداريةِ ووَسائِلِها التعليمية إذا ما أرادَتْ أنْ تُحَقِّقَ أهدافَها بكفاءَةٍ وفاعِلِيَّةٍ، وإنَّ تحسينَ أداءِ مُؤَسَّساتِ التعليمِ العالي يُشَكِّلُ اهتماماً كبيراً في جميع دُوَلِ العالَمِ، وإنَّ مِنْ أهَمِّ الخصائصِ التي تُمَيِّزُ أيَّ مُجَتَمَعٍ عن غيرِهِ من المجتمعات هُوَ قُدرَتُهُ على إدارةِ مُؤسَّساتِهِ وبرامجهِ الحيويةِ، ليسَ فَقَطْ بفاعِليةٍ وكفاءَةٍ، بل بعدالَةِ وابتكارٍ، وهذا لَمْ ولَنْ يقومَ إلّا عَنْ طَريقِ الجَودَةِ ومعاييرِ ضَمانِها في الجامعاتِ التي تَنْصَبُّ أساساً في مَجالِ تَقويمِ المُؤَسَّسةِ التعليمية بِقَصدِ تَطويرِها وتحسينِها باعتبارِ هذا الأُسلوبِ أحَدَ الأساليبِ الحديثةِ المستخدمةِ في تَقويم المُؤَسَّساتِ بِشَكْلٍ عَامٍّ والمُؤَسَّساتِ التعليميةِ بشَكلٍ خاصٍّ، وعَليهِ فإنَّ الجَوْدَةَ كَفِكْرَةٍ مُوجودَةٌ مُنذُ آلافِ السِّنينَ ولَكنَّها كَنِظامٍ إداريٍّ لَمْ تَنْشَأْ إلّا حَديثاً، فَالجَوْدَةُ لَيسَت ابتكاراً من ابتكاراتِ الثَّوْرَةِ الصِّناعِيَّةِ كَما يَدَّعِي الغَربُ، بَلْ إنَّ جُذورَها مَوجودَةٌ مُنذُ القِدَمِ حَيثُ تُنسَبُ أقدَمِ الاهتِماماتِ إلى (القَرن الثامِنْ عَشَر قبلَ الميلادِ) في الحَضارَةِ البابِلِيةِ في العراقِ إبّانَ حُكمِ حمورابي الذي تَضَمَّنَتْ مَسَلَّتُهُ (282) مادةً ضَمَّنَتْ بَينَها قانوناً يهْتَمُّ بالتجارة، ألزَمَ فيها مَنْ يُقَدِّمُ سِلعاً غيرَ جيدةٍ أو ناقصةَ القيمةِ أن يقومَ بإصلاحِ العَيبِ، وعليه فإنَّ موضوعَ الجودَةِ في التعليمِ العالي (الجامعي) لَهُ عِدَّةُ مفاهيمَ اعتمدَها مُعظمُ المُحَلِّلينَ وواضعي السياسات في التعليم العالي فمنهم: بال (Ball) 1989 وكرفورد (Crawford) 1991 هو المطابقة  للغرض (Fitness of purpose) ووِفقاً لَمُتَبَنِّي هذا المنهجِ فإنَّ الجَودَةَ لَيْسَ لها مَعنًى إلّا فِيما يتعلقُ بالغَرَضِ مِنَ المُنْتَجِ أو الخِدمةِ. ومِن أهَمِّ الأهدافِ التي يَجِبُ أنْ نَسعى إليها لِتطويرِ جودةِ الأُستاذِ الجامِعِيِّ في المُؤَسَّساتِ الأكاديميةِ هي:

1. تسليطُ الضَّوءِ الأكثرِ على جَودَةِ الأُستاذِ الجامِعِيِّ لِما لَهُ مِنْ دَورٍ فَعّالٍ في التعليمِ العالي.

2. الحصولُ على جامعاتٍ مُجتَمَعِيَّةٍ فِعليةٍ، وهذا لَمْ يَحصُلْ إلّا في تَحسينِ الجودَةِ في التعليمِ العالي.

3. تَوعيةُ مُؤَسَّساتِ التعليمِ العالي بأهَمِّيةِ الجودةِ وآليةِ تَطبيقِها.

وإن تقييمَ هيئةِ التدريسِ من العوامِلِ المُهِمَّةِ لِتحسينِ جَودَةِ التعليمِ العالي (الجامعاتِ)، لذلكَ هُناكَ عِدَّةُ سِماتٍ تَرتَبِطُ بِهذا المِحورِ، مِنها:

1. امتلاكُ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ للكِفاياتِ التدريسيةِ، إضافَةً إلى نُمُوِّهِم المستمرِّ في مَجالِ تَخَصُّصِهِمْ الذي يُعتَبَرُ عامِلَ أساسٍ في الجودَة.

2. مستوى التدريبِ الأكاديمي لِأعضاءِ هيئةِ التدريسِ.

هيئة التدريس

3. الإنتاجُ العِلمِيُّ لِأعضاءِ هيئةِ التدريسِ، حيثُ يُعَدُّ حَجمُ البُحوثِ والدراساتِ والكُتُبِ المنشورةِ والمقالاتِ مِنْ مُؤَشِّراتِ الجَودَةِ ولا سيما المنشورة في مَجَلّاتٍ جَيِّدَةِ السُّمعَةِ، فهذِهِ الأعمالُ جَميعُها مِقياسٌ غيرُ مُباشِرٍ للجَودَةِ في التعليم الجامعي.

4. مُشارَكَةُ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ في الجَمعِيّاتِ العِلْمِيَّةِ والمِهَنِيَّةِ والمسابقاتِ الدوليةِ وغيرها.

5. احتِرامُ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ لِطُلّابهم.

وإنَّ مِنْ أبْرَزِ مُتَطَلَّباتِ تطبيقِ الجَودَةِ في المُؤَسَّساتِ الأكاديميةِ هي:

أ- نَشْرُ ثقافَةِ الجَودَةِ في المُؤَسَّسَةِ.

ب- نَشْرُ مَفاهيمِ الجَودَةِ الشامِلَةِ والترويجُ لَها.

ج- التعليمُ والتدريبُ.

د- تحقيقُ رِضى المُستَفيدِ الداخِليِّ والمُستَفيدِ الخارجيِّ.

هـ- التزامُ المُؤَسَّسَةِ بمُمارَسَةِ التقويمِ الذاتيِّ الذي يُعَدُّ مَطلَباً مِحوَرِيّاً لِتحقِيقِ مَبدَأ التحسينِ المُسَتَمِرِّ.

وَأخيراً يَجِبُ عَلينا أنْ نَقولَ لغَرض دَيمومَةِ الجَودَةِ في مُؤَسَّساتِنا التعليميةِ ولِلارتِقاءِ بالجامعاتِ العالَميةِ ،هو بوَضْعِ الشَّخصِ المُناسِبِ والتكنوقراط والابتعادِ عن التحزُّبِ والمَحسوبيةِ، لِما فيها مِنْ مَسؤُولِيَّةٍ كبيرة، لِأنَّ الجامِعَةَ أساسُ الهَرَمِ الأكاديميِّ، وإذا فَسدَتْ جَودَتُها فسدَ ما فيها، وأهَمُّ ما نوصي:

1. ضرورَةُ إيـمانِ أصحابِ القرارِ بمبدَأ الجَودَةِ في المؤسساتِ الأكاديمية.

2. يَجِبُ التحسينُ المستمرُّ لِجودَةِ الأُستاذِ الجامِعِيِّ في التعليمِ العالي.

3. يَجِبُ توفيرُ التخصيصاتُ المالِيَّةُ اللازمةُ لِدَعمِ الجَودَةِ في المُؤَسَّساتِ الأكاديميةِ.

 


مشاهدات 167
الكاتب زين العابدين الصافي
أضيف 2024/04/29 - 6:20 PM
آخر تحديث 2024/05/17 - 3:09 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 213 الشهر 6684 الكلي 9244722
الوقت الآن
الجمعة 2024/5/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير