تكساس يا رئيس الوزراء
عماد مكلف البدران
حينما كنا مراهقين بل حتى في شبابنا كنا نسمع عن لعنة الغرب الامريكي (مدينة تكساس) التي انتشرت بها الفوضى واُخترق القانون وساد القتل والجريمة ، كل ذلك والدولة الامريكية موجودة الا انها كانت فاقدة للسيطرة هذا ما قدمه لنا الاعلام العربي والمحلي، امريكا تكساس والغرب الدموي، الذي سيُريق دماؤنا ومن جانبهم قدم الامريكيون هذه الحالة في افلامهم ،فقد كنا نشاهد مشاهد القتال في الشوارع وكمية الدم المراق وعنف الحانات واغتصاب النساء وانتشار العصابات وتوظيف الاطفال فيها مع تصدي خجول لمدير مركز الشرطة الشريف بلغتهم (Sherif ) ، كل هذه الاخبار والمشاهد السينمائية تركت في انفسنا انطباعات تمحورت حول مفهوم ان غياب السلطة والقانون سيؤدي بنا الى ان نكون مثل تكساس حيث يُطلق الرصاص في كل الاتجاهات ومن مختلف الاسلحة ويطلق من دون رحمة، رصاص كالمطر ينهمر فوق رؤوس المارة وسكان المنازل من دون اي ورع وتحفظ ،لتسود شريعة الغاب وهكذا كنا نطلق على اي حدث مشابه تسمية تكساس ، واليوم يا سيادة رئيس الوزراء وربما تقول عن كلامي هذا مبالغات الا انك تعرف جيداً انه واقع يمتد من الريف ليغزو المدن بل انه عشعش في المدن وحولها الى مزاج عرفي عشائري سادت وتسود فيه النزاعات العشائرية الدموية في مشهد سينمائي تكساسي فضيع فيه ينطلق الرصاص في كل الاتجاهات على مرأى ومسمع من الحكومات من دون رادع وربما يخفت قليلاً مع كل توقع باستعمال الردع الا انه يعود ويظهر بقوة وفيه تنزف دماء الابرياء الذاهبين الى العمل والمتبضعين ومن في السيارات ومن مختلف الفئات العمرية واغلبهم اطفال مدارس، والشريف (Sherif ) يتفرج فأما لا يمتلك سطوة قانون قوي او انه يخشى التدخل خوفاً من ان لا تقوي السلطة موقفه او يصبح فريسة لرصاص عشائر منتقمة او لأنه مُرتشٍ بالضبط كما كنا نشاهد في افلام الكاو بوي ،ومن المعلوم ان الحلقة المفقودة هي انفاذ القانون وفرض هيمنة الدولة والا اصبح الوضع اكثر انفلاتاً وسادت شريعة الغاب حيث يتكئ كل شخص على عشيرته معتمداً دعمها لتصبح ملجأ له وهو يرتكب ابشع الاعمال فهي التي تقدم له الحماية وتدعم موقفه تجاه القانون وهو يهرب من يده الباطشة لتجبن الدولة وتنسحب مهزومة امام بيارق العشيرة التي حلت محل علمها ،ونحن اليوم نجد لغة تكساس يا سيادة رئيس الوزراء قد انسحبت باتجاه مؤسسات الدولة اذ تجد لغة الگواما ت ( التهديد بالقوة) قد غزت دوائر الدولة وفرضت نظام التخويف ولم تعد اغلب الادارات قادرة على محاسبة الموظفين وتحولت بعض من الدوائر الى بيئة لعائلات وعشائر بعينها اعمام يديرونها ويسيطرون عليها مع مجاميع حزبية متمرسة ، وهكذا هي تكساس العراق فئة تواجه فئة في الشوارع وفي الريف من خلف سواتر وبأسلحة خفيفة ومتوسطة وقنابل ، يا سيادة الرئيس هذا الحال في الحواضر ذات التاريخ المتمدن مثل بغداد والبصرة ومحافظات اخرى فمتى يا ترى تضعون حداً لتكساس العراق ؟، كما وضعت الدولة الامريكية العظمى حداً لغربِها الدموي واصبحت كلمة الدولة الفدرالية وقوانينها هي النافذة.